الخناقات أدب مش هـز كتاف

965

“يا كل ضحايا الحروب، املؤوا الأرض والفضاء بتراتيل السلام”.. أصل يا جماعة الصراع بين الراجل والست أزلي أكتر من الصراع العربي الإسرائيلي، والست والراجل عشان يحلوا الإشكالية دي عندهم استعداد أن يذهبوا لآآآآآخر العالم، الكنيست ذاته.

في مرة كتبت مقال، وقارئة كتبت تعليق قالت فيه “جميل الكلام ده.. ليه مش بتقولوا كلام زيه للرجالة؟!” فأنا جاية النهارده أقولها، أحلامك أوامر؛ المقال ده للرجالة.

عزيزي الراجل.. أنا مش جاية النهارده أتّهمك بأي حاجة، ولا جاية أديلك كتالوج هتقراه فتعرف تتعامل في الخناقات، هو كل الموضوع إن أنا وجوزي كنا قاعدين بناكل رمان وبنتناقش في شغلي، فقلتله إنت تحب كراجل أكلمك عن إيه؟ قالي فكري بعقليتي، قلتله أفكر بعقليتك إزاي يعني؟ ثم قاطعته وقلتله بس وجدتها، أنا هتكلم عن إستراتيجية الخناقات.

في الحقيقة الفقرة اللي فاتت دي فايدتها الوحيدة إني أقولك إني اكتشفت إن كل الخناقات سببها الجملة اللي جوزي قالها بسهولة وهو قاعد بياكل الرمان، قالي فكري بعقليتي، الراجل عايز الست طول الوقت تفكر بعقليته، وهو ده اللي بيشعلل الدنيا.

يعني لما تتخانقوا إنت عايزها تسكت، تسكت وخلاص، مش مهم هي عايزة تقول إيه، مش مهم تتناقشوا، مش مهم تحلوا الموضوع، المهم إنها تسكت، إنت بتكون عارف إن سكوتها دلوقتي أهميته بتنحصر في إنك مش عايز تتعصب أكتر فتقول كلام يزعلها أكتر، هي بتكون شايفة إن إلحاحك عليها بالسكوت كراهية ورفض.

لما بتتخانقوا إنت بتدخل تنام أو بتنزل ع القهوة أو بتعمل أي حاجة تخلي الموقف يخلص وقتي، وبتصحى تاني يوم ناسي كل حاجة وعندك رغبة شديدة إنك تبتدي من أول وجديد، معندكش مشكلة إنك تخلّص الخناقة على كده وبتصحى ناسي حتى لو المشكلة بسبب مراتك أصلاً وإنت كنت متضايق منها امبارح، بس إنت المواقف عندك بتنتهي في ساعتها، بتتفاجئ بقى عزيزي الراجل إن مراتك صاحية ضاربة البوز، تيجي تقولها صباح الخير يبقى هاين عليها تقولك صباحك معطر بمية النار يا بعيد.

لما بتتخانقوا إنت بتتهمها إنها نكدية وإنها مش مقدرة تعبك ومجهودك ومعافرتك في الدنيا، بتتهمها إنها مدللة ومرفهة وبتاخد تان على شط مية البطيخ وإنت شقيان بتحفر في الصخر، بتتفاجئ إنت بقى لما تلاقيها بتقولك إن النكد سببه إنك مش عايز تتخانق معاها وتتكلموا وتخلصوا الحوار، وبتتهمها إنها دراما كوين وبتأفلم عليك.

لما بتتخانقوا إنت بتتهمها إن أعصابها تعبانة، عندها فراغ، فاضية ومش لاقية حاجة تعملها غير إنها تنكد عليك، متدلعة، مش عارفة تتحمل المسؤولية، وبتتفاجئ إنها بتنفجر أكتر وبتحس بظلم فادح، مع إنك شايف إنها اتهامات هبلة، ولو بس هي سكتت حالاً إنت مكنتش هتتهمها بكل ده.

لما بتتخانقوا وتتصالحوا بتكون شايف إن العلاقة الجسدية مهمة في التوقيت ده، بتكون عايز تثبتلها قد إيه إنت بتحبها، وبتتفاجئ إنها عايزة تكمل عياط أو تكتئبلها يومين لو الخناقة كبيرة، إنت بتعتبر ده دليل على إن نفسها لسه مصفتش من ناحيتك وبتفتكر إنها كده بتأكد فكرتك عنها كونها خميرة عكننة.

إنت باختصار عايزها تفكر بدماغك، بس أنا عندي ليك مفاجأة، لا المفاجأة مش إن مولتو بقى بجنيه لأ، المفاجأة إن الست عندها دماغ مختلفة تمامًا عن دماغك، آه وربنا.

الست بتحتاج تتكلم في المشاكل، يعني فكرة إنك عايزها تسكت حالاً كده بالنسبة لها فكرة مش منطقية، هي مبتعرفش تعمل ريستارت ذاتي زي اللي إنت بتعمله لما بتخش تنام أو تنزل القهوة وتصحى تاني يوم مروّق، لأنها في الوقت ده بتبقى قاعدة تجتر كل غلطاتك من يوم ما عرفتك، ده مش عيب فيها، ولا إنك بتعرف تِفْصِل ده عيب فيك، الموضوع بسيط، إنتو مختلفين، مش مفروض عليها تفكر بعقليتك، ومش مفروض عليك تفكر بعقليتها، بس لا يصح إلا الصحيح، لو مش عايز تتناقش بلاش، بس كمان بلاش تصحى تاني يوم ناسي كل حاجة عن الخناقة، يعني فيه حل وسط بيقول إنكو بلاش تتكلموا في ساعتها، بس أرجوك اتكلم بعدها، متسيبش ضغطها يعلا عشان صدقني لما تنفجر إنت هتكون أول واحد هيتضرر م الانفجار ده.

الست مش مدللة عزيزي الراجل، صدقني والله مش مدللة، إنت متخيل إن مشاكلك في الشغل دي مشاكل تخصك لوحدك، أو مديرك اللي معكنن عليك عيشتك ده مديرك إنت مش مديرها هي، نظرك الضعيف ونضارتك اللي اتكسرت وإنتو آخر الشهر ده حاجة متخصهاش لأنها بتشوف كويس، إنت متخيل إن زحمة المواصلات وزمايلك اللي بيدوروا على غلطاتك أو بيخترعوها ويروحوا يكسبوا بيها نقط عند مديرك من وراك، والمرتب اللي مبيكفيش، دي كلها حاجات إنت بس اللي مهموم بيها لأن إنت اللي مسؤول عن البيت.

غلط غلط غلط، الست شايلة الهموم دي معاك، مقاسماك فيها، شايلة فوق هم البيت والعيال اللي بيذاكروا والغسيل اللي مبيخلصش وشغلها لو بتشتغل، شايلة هم خنقتك وتعبك وبهدلتك في الدنيا، شايلة هم ابنها البكري اللي شالت مسؤوليته من قبل ما تخلف ابن من بطنها، مراتك مش عايمة على وش مية البطيخ، مراتك ماسكة الطرف التاني من العوامة اللي إنت ماسكها وبتعافر عشان متغرقش في بحر الدنيا.

صدقني مراتك معندهاش فراغ ومش نكدية ومش دراما كوين، أعصابها مش تعبانة ولا حاجة، مراتك مشكلتها الوحيدة إنها لما بتتخانق معاك بتحس إن عجلة الحياة وقفت، ولازم تزقها معاها عشان تدور تاني، متتفاجئش إنها بتحس بظلم من كلامك ده، لأنها في الحقيقة في اليوم اللي قررت فيه إنها تتجوزك هي بالتأكيد كانت بتقرر ضمنيًا إنها بتأتمنك على أدق عيوبها، فلما إنت تيجي تقولها كده ببساطة هي بتحس إن كل مجهودها راح ع الأرض، بالنسبة لها ده مش كلام وخلاص لحظة غضب، ده هدم لكل الحاجات اللي قررت تعيشها معاك بكامل إرادتها الحرة، بتحس ساعتها إن مفيش فايدة لأي شيء، وإن حتى لما الخناقة تخلص، إنت خلاص كرهتها وبقِت شايفها كتلة عيوب، وده بالنسبة لست بتحبك يوازي بالظبط قنبلة مولوتوف حشرتها في فم معدتها ووقفت تتفرج عليها وهي بتنفجر، اوعى تتخيل إن كلامك اللي بتقوله وإنت شايفه بسيط ده بالنسبة لها مجرد كلام، الست أصلاً ودانها أهم جزء فيها وهي المحرك الأساسي لكل محاور حياتها، لو أذيت ودانها، صدقني السم هيتسرب لكل حتة فيها، والسم برضو لو انفجر هيطرطش عليك، أنا بنصحك وإنت حر.

لما بتتخانقوا وتتصالحوا هي بتكون مستنزفة جدًا، أكتر من بالونة كنت نافخها على آخرها وفرقعتها فجأة بدبوس، معندهاش القدرة النفسية إنها تستخدم أي جزء من جسمها، ده غير إننا اتفقنا في البداية إن فكرة الريستارت الذاتي مش موجودة في السوفت وير بتاعها، وطبيعي إنها مش هتعرف تحس بحميمية وحب فجأة بعد ما الخناقة تخلص مباشرة، محتاجة وقت تستجمع فيه نفسها، محتاجة وقت تغسل فيه كل الحتت اللي اتعكرت جواها بالخناق، محتاجة وقت تحس فيه إنها استعادت آدميتها، خاصة لو الخناقة كبيرة واستنزفت طاقتها النفسية والجسدية، بس متقلقش، هي لسه بتحبك، هي أصلاً لو مكانتش بتحبك كانت هتفكها منك خالص ومكانتش هتتخانق معاك من أساسه، ولو اتخانقتم واتصالحتم هتبقى العلاقة الجسدية بالنسبة لها حاجة أوتوماتيكية، مش هترفضها لأنها أصلاً مش هتكون حساها.

عزيزي الراجل.. مراتك اللي شيرتلك المقال ده أو منشنتك فيه مش عايزة تتخانق معاك، مش عايزة تحسسك بالتقصير، مش شايفاك وحش ولا شرير، هي بس لقت شوية كلام بيقول اللي نفسها تقوله، وقالت يمكن لما تسمعه من حد غيرها تقتنع.

عزيزي الراجل.. كُل رمان واسمع نصيحة جوزي، بيقولك الخناقات أدب مش هز كتاف.

 

المقالة السابقة4 وصفات للكبدة الكندوز.. ولا أحلى
المقالة القادمةنظرية العشرين ثانية
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا