التعلم لا يرتبط بعمرٍ محدد.. 5 أفلام تؤكد ذلك

2309

التعلم في الصغر كالنقش على الحجر

حكمة قديمة تتوارثها الأجيال حتى نُقشت في عقولنا وأصبحت مُسَلمة لا تقبل النقاش. البعض يكمل الحكمة بالقول “التعلم في الكبر كالنقش على الماء”، كناية عن صعوبة التعلم كلما تقدم المرء في العمر. أؤمن أن الغرض من هذه الحكمة التشجيع على طلب العلم والتعلم في بداية الحياة، حيث القوة والفتوة والفراغ قبل الدخول في معمعة الحياة وانشغالاتها، لكنها لم تعد مصدر تشجيع بقدر ما أصبحت مصدر إحباط وتثبيط همم، ما أن يفصح المرء عن نيته تعلم شيئًا جديدًا، حتى تُلقى في وجهه، والحقيقة التي لا جدال فيها أن التعلم لا يقترن بعمر محدد، بل الواجب أن يكون مستمرًا باستمرار حياة الإنسان.

في عالمنا العربي ليس من السهل أن تستمر المرأة في التعلم، يكفي أن تحصل على شهادة علمية تختلف درجتها بحسب ثقافة محيطها، وينتهي الأمر، فالاستزادة في التعلم عادةً ما تواجه بإحباط همة، فالكل ينتظر من المرأة أن تهتم ببيتها وأطفالها وحسب إن كانت متزوجة، وتهتم بنفسها للوصول لشريك حياة إن كانت لم تجده بعد.

وإن نجحت المرأة في الهروب من فكاك الإحباط المجتمعي، ينتظر المجتمع منها أن تتعلم فيما ينفع من وجهة نظره، تعلم حرفة لتتحول فيما بعد لمصدر دخل أو لغة لتزيد فرصها في الحصول على وظيفة أو تعلم ما يكمن تحويله لشهادة تُحسن سيرتها المهنية. أما التعلم من أجل المعرفة أو الثقافة أو الشعور بالسعادة أو حتى تزجية الوقت يُنعت بالفراغ ومضيعة الوقت.

مسيرة التعلم في حياة المرأة محفوفة بالصعوبات، لكنها تعلمت المقاومة، وإن خذلتها نفسها ستجد الكثير من النماذج الملهمة لتساندها في كل مجال، وفيما يتعلق بالتعلم، فالملهمات كثر، وتتفوق النماذج الواقعية على النماذج السينمائية هذه المرة. في كل مرة أشعر بالإحباط في مسيرتي للتعلم، أتذكر الحاجة “عريفة” التي علمتني أن لا يأس مع الشغف، عندما بدأت في محو أميتها في سن الخامسة والسبعين، الحاجة “عريفة” ومثيلاتها دليل دامغ أن التعلم لا يرتبط بعمرٍ محدد. السينما أيضًا تقدم الكثير من الملهمات والملهمين، اخترت أن أكتب عن خمسة منهم في السطور التالية.

اقرأ أيضًا: لا يأس مع الشغف

The Pursuit of Happyness

الفيلم الذي يتصدر أي قائمة أفلام ملهمة أو محفزة منذ أن صدر عام 2006، الأمر الذي جعلني أتردد في ضمه لقائمتي بحثًا عن أفلام جديدة، لكن رسائله القوية التي تلهم كل متعلم فرضت نفسها ليتصدر هذه القائمة أيضًا. The Pursuit of Happyness فيلم سيرة ذاتية أمريكي، يستعرض رحلة نجاح رجل الأعمال “كريستوفر غاردنر” الذي أدى دوره النجم “ويل سميث” بإبداعٍ لا مثيل له.

كان “غاردنر” في حالة مادية متردية، يعمل رجل مبيعات لبضاعةٍ كاسدة، هجرته زوجته بسبب فقره وتركت له ابنهما الصغير، هكذا كان عليه أن يكافح يومًا بيومٍ ليجد ما يسد رمقه ورمق الصغير. تتحول حياة “غاردنر” لسلسلة من الإحباطات والإخفاقات، تزداد وطأة الفقر، خصوصًا بعد أن يُطرد من المنزل، ويصبح مشردًا ما بين محطات القطار، الكنائس ومآوي المشردين.

يلتقي “غاردنر” بمدير في شركة مالية مرموقة، وينجح في نيل إعجابه بعد حل لغز “مكعب روبيك”، هذا الإعجاب يتحول لفرصة، فيصبح “غاردنر” سمسارًا متدربًا في هذه الشركة لمدة 6 أشهر دون أجر، قبل أن يتقدم لامتحان اختيار واحدٍ من المتدربين للعمل في الشركة وينجح في الحصول على الوظيفة.

خلال أحداث الفيلم نشاهد معاناة “غاردنر” المريرة ليلتزم بالتدريب. لحظات اليأس ثم القوة، إصراره ليكمل مشوارًا قد يجده البعض مستحيلاً، ثم الوصول إلى لحظة النجاح التي تهون كل الصعاب.

تعرفي على: قصة الفيلم الهندي دانجال

the pursuit of happiness

English Vinglish

فيلم هندي صدر عام 2012، بطولة النجمة الهندية الراحلة “سريديفي”. فيلم إنساني جميل بعيد كل البعد عن المبالغات الهندية التي لا يفضلها محبو السينما. English Vinglish يستعرض معاناة ربة منزل هندية تُدعى “شاشي”، تبرع في صنع حلوى اللادو الهندية، وتجهل كل ما يتعلق باللغة الإنجليزية، الجهل الذي يُسبب لها مشكلات مع ابنتها التي ترتاد مدرسة لغات عالمية، وزوجها الذي يشغل منصبًا مرموقًا في شركة متعددة الجنسيات.

جهل “شاشي” باللغة الإنجليزية كان دائمًا محل سخرية وتهكم من قبل زوجها وابنتها، حتى باتت تشعر أنها وكل ما تبرع به لا شيء أمام جهلها بهذه اللغة العالمية، مع ذلك كانت فكرة تعلم اللغة مستحيلة بالنسبة إلى “شاشي” التي تفني أيامها في خدمة أسرتها.

تسافر “شاشي” إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور حفل زفاف ابنة أختها، وهناك تواجه مستوى أعلى من السخرية والتهكم بجهلها باللغة الإنجليزية، يصل حد الإهانة في مكانٍ عام. تصادف “شاشي” إعلانًا لتعلم اللغة في 4 أسابيعٍ، فتقرر الالتحاق بذلك الصف في سرية تامة، خوفًا من أقاويل العائلة في حالة الفشل.

في صف تعلم اللغة الإنجليزية متعدد الجنسيات، تكتشف “شاشي” أنها ليست وحيدة، تتعلم اللغة، تكتسب الأصدقاء وتستعيد ثقتها بنفسها، ويوم زفاف ابنة أختها تنجح في إلقاء كلمة بلغة إنجليزية بسيطة وسليمة وسط دهشة وفخر أسرتها الصغيرة.

english-vinglish
english vinglish

The Intern

فيلم أمريكي، صدر عام 2015، بطولة النجم روبرت دي نيرو “بين” والنجمة آن هاثاواي “جول أوستن”. يستعرض الفيلم حياة “بين” الأرمل السبعيني بعد خوض تجربة تعلم جديدة بعد وصوله سن التقاعد. “بين” رجل تقليدي محب للروتين، أتعبته الوحدة والملل، فقرر الانضمام لتجربة تدريب جديدة مقدمة لكبار السن من إحدى شركات الموضة والأزياء، التي ترأسها امرأة شابة ناجحة تُدعى “جول أوستن”.

يستلم “بين” تدريبه ليكتشف أن الأمر أصعب مما توقعه، فهو ليس خبيرًا في الموضة والأزياء ويجهل استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، عوضًا عن التعامل الورقي الذي اعتاد عليه في وظيفته السابقة، بالإضافة إلى عمله في وسط مجموعة من الشباب المجانين بالمقارنة بخبرته ونضجه.

برغم هذه الصعاب، اختار “بين” أن يتحدى نفسه ويكمل التجربة للنهاية، فاستفاد من طاقة الشباب من حوله ليتعلم منهم كل ما يجهل في العمل والحياة. عطاء “بين” وتفاعله مع وسطه الجديد جعلاه متميزًا وملحوظًا لمديرته “جول أوستن”، فنشأت بينهما علاقة صداقة، ساعدت “بين” على التعلم أكثر وساعدت “أوستن” بالاستفادة من خبرة ونضج “بين” لترتيب فوضى حياتها الأسرية والمهنية.

The Intern

Nil Battey Sannata

فيلم هندي عائلي صدر عام 2015. لم ينل حظه من الشهرة رغم أنه يقدم صورة حقيقية عن المجتمع الهندي قلما توجد في الأفلام الهندية الاستعراضية التي تزخر بها السينما الهندية.

تدور أحداث الفيلم حول “شاندا”، أم عزباء مطحونة ما بين عدد من الوظائف من بينها خادمة في منزل امرأة مرموقة، حتى توفر المال الكافي لإعالة ابنتها “أبو”، التي تحلم لها بمستقبل مشرق، بينما “أبو” لا ترى لنفسها أي مستقبل، لإيمانها بأن ابن الطبيب سيغدو طبيبًا وابنة الخادمة ستغدو خادمة، وإيمانها بذلك يدفعها لإهمال دراستها في الصف العاشر بشكلٍ عام ومادة الرياضيات بشكلٍ خاص.

ترفض “شاندا” منطق ابنتها، وتسعى بشتى الطرق إلى تغييره، تحاول أن تجد لها مكانًا في الدروس الخاصة، فتصدم بتكاليفها الباهظة، فتقترح مخدومتها أن تلتحق “شاندا” بصف ابنتها لاستكمال تعليمها من ناحية، ولتصبح قادرة على تدريس ابنتها دون الحاجة لدروسٍ خاصة من ناحية أخرى، وتساعدها باستخدام معارفها في جعل ذلك ممكنًا.

تلتحق “شاندا” بصف ابنتها، وسط غضب واعتراض الأخيرة، وتبدأ معاناتها هي الأخرى مع مادة الرياضيات، إلى أن يساعدها تلميذ نجيب على فهم هذه المادة المعقدة. تفوق “شاندا” يثير غضب ابنتها فتبدأ بينهما منافسة شديدة على التفوق، تنتهي بحياة أفضل لكلتيهما.

Nil Battey Sannata
اقرأ أيضًا: 25 نصيحة للسينجل ماذرز لمواجهة التحديات المادية

Life of the Party

فيلم أمريكي كوميدي صدر عام 2018، بطولة النجمة “ميليسا مكارثي”. يستعرض الفيلم محاولة امرأة لاستكمال دراستها الجامعية بعد أن طلقها زوجها بعد 23 عامًا من الزواج. تدور أحداث الفيلم حول “ديانا” التي تزوجت بـ”دان”، وتركت لأجله دراستها الجامعية في سنة التخرج، يفاجئها “دان” بعد 23 عامًا من الزواج برغبته في الطلاق لأنه مغرم بامرأة أخرى.

بعد أن تتجاوز “ديانا” صدمة الطلاق المفاجئ، تقرر العودة إلى جامعتها لاستكمال عامها الأخير في علم الآثار، المفارقة هنا أن جامعتها القديمة هي جامعة ابنتها “مادي” التي تدرس سنتها النهائية هناك، وبالرغم من مخاوف الابنة “مادي” من ارتياد والدتها نفس الجامعة، تدعمها بكل محبة.

تنتقل “ديانا” إلى المدينة الجامعية، لتبدأ حياتها كطالبة من جديد، تختبر مشاعر وتجارب جديدة كليًا، وتجتاز الكثير من الصعوبات أبرزها السخرية من كونها أكبر عمرًا من باقي الطلاب وأم لطالبة أخرى، خلال كل ذلك تحاول تعويض ما فاتها خلال ثلاثة وعشرين عامًا من الزواج الروتيني.

Life of the Party
Life of the Party
اقرأ أيضًا: وفي الطلاق حياة جديدة: 3 قصص واقعية
المقالة السابقةلماذا نقدم على الانتحار ؟
المقالة القادمةالتعلم الذي يغير الحياة: حكاية إيفيلين بوريه وندى ثابت

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا