ا
بقلم/ مروة عاطف
سوف أخبركم اليوم عن إحدى هذه الليالي السوداء، التي وإن اختلف السبب عند الجميع، ولكن يظل الألم واحدًا، نار مستعرة ومتقدة لا تنطفئ بين الأضلع في القلب، نوبات الفزع التي تقض المضاجع، وجع لا يقدر شيء على تسكينه، عن اللحظات التي تستغرب فيها، كيف يمكن للعالم أن يستمر the show must go on، الليالي الثقال التي تشعر أنها جاثمة على الصدر ولا تمر.
حينما لا تفلح الوسائل التقليدية من غناء وقراءة ورياضة ومشي في فك كرب الروح، جرّب الاستماع للعلامات الكونية، هذا ما فعلته. لا يريد منا الله أن نكون حزانى، لا أحب الوعظ ولكن هذا ما مررت به، فقط تحل ببعض المرونة ودع الحياة تأخذك.
دعوني أخبركم عن هذا الصباح الذي أعدت فيه اكتشاف الأشياء، شكر وامتنان لسائق التوك توك الذي أوصلني مرتين للعمل صباحًا ومساءً، شكر وامتنان لأنه كان يهزني بعنف وهو يقود بجنون وإيقاعات موسيقى المهرجانات الصاخبة، وهواء الصباح/المساء يرافقنا ويصطدم بوجهي وهو يقود، والمطبات تصطدم بنا وكأن كل شيء في الكون يتحالف عليَّ ويرجني ويصيح فيَّ “أفيقي”.. لا وقت للوهم ليس بعد كل ما مررنا به ولا بعد ما فات، أن تعيد قراءة العلامات الكونية، أن تصغي للكون وعلاماته ماذا تقول، رغم هذا الوجع الذي يجعل الرؤية ضبابية، يعتم على القلب والروح معًا.
ولكن ماذا لو قررنا أن نخرج من أنفسنا قليلاً؟! ماذا سنخسر؟!
هذا هو اليوم الذي استطعمت به موسيقى المهرجانات التي كنت أمقتها ولا أطيقها، أدركت مقدار الألم الساكن بها، الفقر، الغدر، خيانة الأصدقاء والأحباب، ولا عجب، هؤلاء الشعبيين لن يجلسوا ينتحبونأو يبكونأو يصيغون معاناتهم في قصيدة أو رسمة أو مقطوعة موسيقية.. لا وقت ولا رفاهية لهذا، كيف يمكنهم أن يفعلوا هذا وهم حتى لم يتلقوا التعليم الكافي أو التذوق؟!
الطقس المسموح به فقط هو..الصخب..الرقص.
اليوم أعيد اكتشاف الأشياء بالنسبة لي،اكتشفت كم ومقدار الوجع الذي يدفنه المصريون في أغاني المهرجانات.. بالموسيقى الصارخة والرقص والتمايل،هم فقط يجسدون أوجاعهم ومعاناتهم التي عجز الخيال عن تصورها.. يرقصون على إيقاع آلامهم وآحزانهم وهواجسهم.. يرقصون لأنه لا وقت ولا فائدة من النحيب.
شكر وامتنان أيضا للعمل الذي لا أحبه،انتظرت كثيرا ما أحبه ولم أحصل عليه.. انتظار متكرر وأمل لا ينتهي يضني الروح، واحتياج يتوحش في الداخل، وقد فسدت حيلي وألعابي وأصبحن أضعف من صد هجوم هذا الوحش الضاري المسمى “احتياج”.
فما العمل؟
العمل علاج حتى لو لم تحب ما تعمل، أنا مدينة بالشكر للغاية لتلك الفاتورة الضائعة التي أخذت من وقتي ساعتين كاملتين سرقتني من كل همومي حتى وجدتها.. سائق التوكتوك الذي كان يقود بجنون واندفاع الهواء البارد المنعش الذي ملأني.. العمل علاج تلك المطحنة والمفرمة اليومية التي تطحن عظامك وتفتتها لتصير أقوى وتخرج السوس من كهوف روحك، فالصديق في الغناء الشعبي وفي الثقافة الشعبية له منزلة خاصة.
هؤلاء الشعبيون لن يجلسوا ينتحبوا أو يبكوا أو يصيغوا معاناتهم في قصيدة أو رسمة أو مقطوعة موسيقية لا وقت ولا رفاهية لهذا، كيف يمكنهم أن يفعلوا هذا وهم حتى لم يتلقوا التعليم الكافي أو التذوق أو معرفة بوسائل تعبير مختلفة تمكنهم من التعبير عما يختلج بصدورهم من وجع بشكل آخر والحياة طاحنة للغاية.
هؤلاء الذين إن لم يخرجوا للعمل كل يوم لن يجدوا ما يطعمون به أنفسهم أو أطفالهم، الطقس المسموح به فقط هو الصخب.. الرقص، يرقصون على إيقاع آلامهم وأحزانهم وهواجسهم، لا وقت ولا فائدة من النحيب والبكاء والرثاء للذات.
وأحيانًا يكون كل ما تحتاجه النفس هو الكثير من الضجيج والصخب لإلهائها عن عذابها وحيرتها، أحيانًا تكون الروح في حاجة لحادثة مثلاً تكون على وشك فقدان الحياة لتعي مقدار حبك ورغبتك في الحياة. أحيانًا نعرف أنفسنا وما نريده حقًا بالمتضادات، عكس ما نريد أو نشتهي. كمّ ومقدار الوجع الذي يدفنه المصريون في أغاني المهرجانات. بالموسيقى الصارخة والرقص والتلوي عليهم، هم فقط يجسدون أوجاعهم ومعاناتهم التي عجز الخيال حتى عن تصورها.
شكر وامتنان أيضًا للعمل الذي لا أحبه، انتظرت كثيرًا ما أحبه ولم أحصل عليه، انتظارًا متكررًا وأملاً لا ينتهي يضني الروح، واحتياجًا يتوحش في الداخل، وقد فسدت حيلي، وألعابي صارت أضعف من أن تصد هجوم هذا الوحش الضاري المسمى “احتياج”.
فما العمل؟
العمل علاج، حتى لو لم تحب ما تعمل، أنا مدينَة بالشكر للغاية لتلك الفاتورة الضائعة التي أخذت من وقتي ساعتين كاملتين سرقتني من كل همومي حتى وجدتها.
العمل علاج تلك المطحنة والمفرمة اليومية التي تطحن عظامك وتُفتتها لتصير أقوى لتخرج السوس من كهوف روحك، حتى وإن كنت لا تحب ما تعمل، أليس في كثير من الأحيان نضطر أن نحتسي الدواء رغم مرارته.
أختتم مقالي بما قاله العظيم جبران خليل جبران في كتابه “النبي”:
“إنما فرحكم حزنكم رفع عن وجهه القناع
أليست الكأس التي تحمل خمركم هي هي الكأس التي احترقت في أتون الفخاري؟
يقول بعض الناس الفرح أسمى من الحزن.
ويقول آخرون إنما الحزن أسمى.
ولكني أقول لكم إنهما لا ينفصلان.
معًا يقبلان.. وإذا انفرد أحدهما بك على المائدة فاذكر أن الآخر يرقد في فراشك”.
ناء الشعبي وتر هام
هؤلاء الشعبيين لن يجلسوا ينتحبوا او يبكوا او يصيغوا معاناتهم في قصيدة او رسمة او مقطوعة موسيقية لا وقت ولا رفاهية لهذا كيف يمكنهم ان يفعلوا هذا وهم حتى لم يتلقوا التعليم الكافي او التذوق !
الطقس المسموح به فقط هو ..الصخب ..الرقص
اليوم اعيد اكتشاف الاشياء بالنسبة لي ،اكتشفت كم ومقدار الوجع الذي يدفنه المصريون في اغاني المهرجانات
بالموسيقى الصارخة والرقص والتلوي عليهم ،هم فقط يجسدوا اوجاعهم ومعاناتهم التي عجز الخيال عن تصورها
يرقصون على ايقاع الامهم واحزانهم وهواجسهم يرقصون ، لا وقت ولا فائدة من النحيب
شكر وامتنان ايضا للعمل الذي لا احبه ،انتظرت كثيرا ما احبه ولم احصل عليه
انتظار متكرر وامل لا ينتهي يضني الروح ، واحتياج يتوحش في الداخل ، وقد فسدت حيلي و العابي صارن اضعف من ان تصد هجوم هذا الوحش الضاري المسمى “احتياج”
فما العمل
العمل علاج حتى لو لم تحب ما تعمل ،انا مدينة بالشكر للغاية لتلك الفاتورة الضائعة التي اخذت من وقتي ساعتين كاملتين سرقتني من كل همومي حتى وجدتها
سائق التوكتوك الذي كان يقود بجنون واندفاع الهواء البارد المنعش الذي ملاني
العمل علاج تلك المطحنة والمفرمة اليومية التي تطحن عظامك وتفتها لتصير اقوى لتخرج السوس من كهوف روحك لنخرج من أنفسنا قليلاً ونتعرف على الحياة