ستات بالدنيا: مبادرة لدعم نساء خرجن عن المألوف

820

بقلم: نور أبو زيد

ستات كتير معروفين أو لا، اتحدوا ظروف صعبة واتغلبوا عليها، لكن ظهورهم للمجتمع مش بكثرة، وعشان كده قررت أعمل مبادرة “ستات بالدنيا”، وهي مبادرة هدفها تسليط الضوء على ستات كتيرة، لهم قصص تحكي عن شجاعتهم وقوة تحملهم لضغوط الحياة وصعوبتها، الهدف إن قصصهم توصل لأكبر قدر من الناس ويقدمولهم الدعم لو يقدروا.

القصة الأولى: ستات بـ١٠٠ راجل

أبطال القصة ٣ ستات بطلات بـ١٠٠ راجل وأكتر، ستات بالدنيا. “منار شديد” ووالدتها وأختها. “منار” شابة عندها ٢٨ سنة، محررة صحفية تحقيقات وحوادث، وحاصلة على ليسانس آداب جامعة عين شمس ٢٠١٤، ولها أخ متوفى. “ندى شديد” أختمنار”، عندها ٢٥ سنة، حاصلة على بكالوريوس تجارة، دفعة ٢٠١٨.

والدمنار” عنده مصنع رخام فى قليوب البلد، ووالدتها كانت بتساعده في شغل المصنع وبتشتغل مع الصنايعية وتقف على الماكينة فرزجية. توفيالحاج شديد” من سنتين، وعشان البنات ميحتاجوش لحد قرروا يفتحوا المصنع من تاني ويقفوا على رجلهم. وقت ما والدمنار” تعب قبل وفاته كان بيبقى فيه شغل، لكن للأسف مكانش فيه حد عشان يعمله، فاتفقتمنار” معندى” يتعلموا الشغلانة وهما اللى يقفوا بنفسهم في المصنع، رغم اعتراض والدهم، بإنه كان دايمًا مش عايز يتعبهم، ولما يحبوا يتعلموا حاجة في مجال الرخام كان يرفض ويقولهم إنتو بنات ومتعلمين، محبش إنكم تتعبوا وتتبهدلوا.

أما البطلة الأساسية اللي ساندة الأبطال الصغيرين هي الأم، والدة “منار”، بتسافر الفجر تروح شق التعبان بحلوان الجبل، عشان تشتري الرخام، ولما تيجى بالرخاممنار” و”ندى” ينزلوه من العربية ويقسموا الشغل ما بينهم، ويروحوا بنفسهم يرفعوا مقاسات في أي مكان زي منشأة حكومية أو مستشفى.

“منار” وأختها ووالدتها بيشتغلوا في المصنع لوحدهم من غير عمال، لأنهم في البداية كلموا عمال كتير ومحدش وقف معاهم، فقرروا يعتمدوا على نفسهم، خصوصًا إن ملهمش معاش أو أي مصدر دخل تاني، وحاولوا يعملوا توازن ما بين الشغل ومسؤوليات حياتهم التانية. اتعرضوا لانتقادات من الناس واتوجه لهم كلام مُحبط، لكنه في نظر اللي بيقولوه نصيحة، زي “اعرضوا المصنع للإيجار أو اقفلوه واقعدوا في البيت واتجوزوا، متشتغلوش الشغلانة دي للرجال فقط”، لكنهم مسمعوش لأي حد.

“منار” بتشتغل صحفية من الساعة ٩ الصبح، وبعدها بتشتغل في المصنع عشان تقدر تصرف، لأن الصحافة بالنسبالها مش مجزية. حلممنار” إنها تكون عضوة نقابة الصحفيين وتعمل موقع صحفي تقدر تساعد من خلاله صحفيين جُدد، بيقابلوا ظروف صعبة زيها، حلمها اللي بتسعى تحققه والمسؤولية اللي لازم تقوم بيها بيخلوها تحاول تجمع ما بين الاتنين، فتبقى الصبح صحفية وبالليل صنايعي رخام.

القصة الثانية: مهنة للرجال فقط ولكن…

بطلة القصة التانية هيأميرة عصام” واحدة من ضمن ستات يتقال عنهم “ستات بالدنيا” وعندها ٢٦ سنة من كفر الدوار. “أميرة” أول مدربة خراطة، ودراستها كانت كلية تكنولوجيا قسم تشغيل ماكينات. زمايلها البنات في الكلية كانوا بيشتكوا إنهم مش هيعرفوا إزاي يشتغلوا على ماكينة الخراطة، وقلقانين إن إيديهم تتبهدل، لكن “أميرة” مكانتش شايفة إن فيه مشكلة، واتجرأت وفاجئت الفني اللي بيشتغل على ماكينة الخراطة، وطلبت منه إنه يعلمها كل حاجة عن الخراطة، وإزاي تقدر تشغل الماكينة وتطلع منتج كامل.

رفضوا أهلها إنها تشتغل في مجال الخراطة، خصوصًا لما اشتغلت بعد انتهاء دراستها في مجمع خدمة الصناعة، لأنها كانت البنت الوحيدة وسط ١٧ واحد، لكنها أقنعتهم إن ده شغفها اللي بتحلم تحققه، وأصبحوا الدعم المعنوي لها.

أنتجتأميرة” بإيديها أول منتج، وفرحتها مكانتش تتوصف. اتخرجت وحاولت تدور على شغل، واتصدمت لما لقت مفيش بنات بتشتغل في مجال الخراطة نهائيًا، لكنها مستسلمتش، وقررت تطور من نفسها وتاخد دورات تدريبية في الخراطة، لحد لما لقت بالصدفة دورات مجانية الدولة بتقدم الدعم لشباب التعليم الفني من خلالها، وفعلاً قدمت فيها واتعلمت أكتر عن الخراطة، خاصة إن الماكينات اللي موجودة بالمكان متطورة والموجودين كانوا بيشجعوها ومقالوش لا دي بنت مش هتفهم حاجة.

خلصتأميرة” دراسة الكورس وشاركت في مسابقة شباب مصر للمهارات لمدة تلات سنين، وبتشتغل بقالها سبع سنين في مجال الخراطة، وبتسافر كل يوم من كفر الدوار لإسكندرية عشان شغلها، ومبتتعبش ولا بتضايق عشان بتسعى ورا حلمها، لأنها شايفة مهما كانت الصعوبات والتحديات هتقدر تكمل المشوار.

الحلم مكانش سهل تحقيقه، خصوصًا مع كلام الناس اللي اتقالها إنها بنت ومتخرجة من تعليم فني ونظرة المجتمع إن مكانها البيت وبس وإن اللي بتعمله ده مش هيوصلها لحاجة، ده غير إن مجال الخراطة للرجال فقط. مسمعتشأميرة” كلام الناس اللي حاولوا يحبطوها، وقدرت تحفز وتشجع بنات غيرها إنهم يشاركوا في مسابقات بمجال الميكانيكا، ومش بتدرب بنات بس، لكن كمان ولاد في كلية هندسة قسم ميكانيكا.

“أميرة” بتحلم تشترك في مسابقة شباب العالم للمهارات، وتاخد مركز فيها، وبتحلم يكون عندها ورشة خراطة تعلم فيها البنات اللي عندهم أحلام زيها، وأمنيتها إن المجتمع نظرته تتغير للتعليم الفني، خصوصًا إن من أساسيات تقدم أي دولة الصناعة.

دي كانت نماذج مُشرفة لبنات فعلاً قدروا يتغلبوا على صعوبة الظروف، وفيه غيرهم وزيهم بنات وستات كتير يتقال عليهم “ستات بالدنيا”. كل يوم بيثبتوا إنهم قادرين يتحدوا عواقب المجتمع بيحطها بطريقهم عشان يقولوا إن وراء كل ست عظيمة نفسها.

اقرأ أيضًا: أسطورة الستات مبتعرفش تسوق

المقالة السابقةعالم المماليك في رواية “أولاد الناس”
المقالة القادمةولنا في حكايات الآخرين حياة
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا