عندما أحضر لي الورد دون الكباب

1031

بقلم: العصماء محمد هاني

أريده حبًا مُلَهلبًا.. أجل يا عزيزي مُلَهلَبًا.

يكفي الحديث عن تغير الحب بعد الزواج، وعن تزايد المسؤوليات، وعن أن التعبير عن الحب صار بالأفعال لا بالكلام، وأن صندوق الحفاضات أكثر رومانسية من الوينتربوكس، وأن “يلا نتغدى برة” ذات وقع أشد سعادة من يلا ننزل نركب فلوكة في النيل.

عزيزي.. أعلم أن دخلتك علينا بالدنيا، وأن ركض الصغار نحوك “بابا جه” ذو وقع جميل جدًا، وصوت المفتاح يبعث علي الشعور بالراحة والاطمئنان، فهناك فرصة بأن تاخد مني الولاد وأنام شوية، أتوقع أن تهديني هذه السنة مقلاة البطاطس الكهربائية التي أريدها، كما كنا نهدي لأمهاتنا في أعيادهن طقم الكاسات والخلاط والطاسة التيفال.

فتوقف أرجوك..

أريده حبًا مشتعلاً..

أريدني أن أنتظر مكالمتك القادمة لأسمع بحة صوتك التي أغرمتُ بها في بداياتنا، أن أتحرّق شوقًا لـ”أي كلمة حب جديدة سيخبرني بها اليوم؟!”. أنا مشتاقة لخروجة رومانسية خفيفة نرتدي فيها ملابس بنفس اللون، نشاهد فيلمًا لطيفًا، هل تتذكر عندما شاهدتَ معي “سندريلا”، مع أنك لا تفضل هذا اللون من الأفلام لكنك كنتَ منبهرًا بشكل ما! أظنك كنت معجبًا جدًا بي (أنا زوجتك اللطيفة) وقد اكتشفت قدرًا لا بأس به من التفاهة داخلي. هل تتذكر عندما أردتُ أن أقضي معك ليلة لطيفة فحملت فيلم سيارات أكشن لنشاهده معًا! ومع أنني لا أميل إلى هذه الأفلام، ولكنني كنتُ منبهرة بشغفك بالسيارات. حقيقة عزيزي أنا أيضًا أراها أفلامًا تافهة. أنا اشتقتُ جدًا للحظاتنا التافهة.

لم أؤمن يومًا بعيد الحب، لأن حياتنا يجب أن تكون حبًا طوال العام، ولكنني أشعر بأهمية شيء ما تافه في حياتنا الآن، دبدوب أحمر يفي بالغرض. أنا لم أتلقَّ في حياتي دبدوبًا أحمر، لا أنكر أنك أحضرت لي كل ألوان الدباديب ولكنك لم تحضر واحدًا أحمر. ألن تحضر لي دبدوبًا أحمر؟!

الصغير سكب الاسباجيتي على الأرض. حقيقةً هو فرشَ بها الأرض، أنا أنتظر قدومك بعد ساعة من الآن لتربت على كتفي وتقول لي “معلش الولاد تعبوكي”. أعلم أنه ليس من العدل أن أطلب منك لحظات التفاهة ونحن غارقان في آلاف من الأفعال التافهة، الصغير قال “إغ”، الصغيرة تمشط شعر عروستها، الصغير تعلم إعطاء القبل، الصغيرة تعلمت العد إلى عشرة، الصغير استطاع أن يخلع الحفاض بنفسه اليوم، الصغيرة استطاعت ارتداء البنطال بنفسها اليوم… أطنان من التفاصيل التافهة، ولكني أحتاج إلى نوع آخر من التفاهة. تفاهة ذاتية، منبعثة من داخل الذات، تعبر عن الكيان الرخو الذي أصبحت غارقة فيه، أحتاج شيئًا ما يعيد في القوة!

شكرًا عزيزي على باقة الورد التي أحضرتها لي اليوم.. لماذا لم تحضر كيلو كباب بجانبها؟!

غذاء الجسد في نفس أهمية غذاء الروح زوجي العزيز.. هلّا أحضرت كيلو كباب؟!

اجعله اثنين… سآكل الكيلو الثاني بعد أن ينام الصغار.

اقرأ أيضًا: أين يذهب الحب ؟!

المقالة السابقةعندما تأتي اللغة
المقالة القادمةThe Haunting of Hill House: بعض الأشباح أمنيات
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا