ما فعلته بي الوحدة وفرط التحمل

743

بقلم: وجدان جمال الدين

“أوردتك ضعيفة جدًا”.. كل مرة يضطرب وينتفض جسدي في عصبية شديدة أكبر مني يقول الطبيب تلك الكلمة، في كل مرة تخترق إبرة الكانيولا ذراعي عدة مرات، مع ألم مكتوم، حتى تنتهي المرحلة كلها بالنسبة لي! هذا ما يفعله به القلق والكتمان.

حين أصبحت غرفة العمليات صديقتي

انا شخص يكره عمليات الولادة بسبب هذه الإبرة. تحولت حياتي في آخر عامين إلى رحلة صداقة بالحقن، مرورًا بمحاليل الحديد وأنا حامل في التوأم، وصولاً للمحاليل المنومة والمهدئة لحالتي العصبية. كنت شخصًا يحلم بأن يفقد بضع كيلوات من وزني، ومنذ أربع سنوات كنت أحاول مرارًا وتكرارًا، وجربت أنواعًا كثيرة من الحمية ولم تكن تؤدي فاعليتها مثل الآن. في يوم وليلة منذ اكتشاف أنني أصبحت مريضة سكر بعد مكوثي ١٣ يومًا في المشفى، فوجئت وأنا أبدل ملابس المشفى وألبس بنطالي أنه واسع جدًا ويحتاج اثنين من حجمي الذي أصبحت عليه حتي يمتلئ.

شخص يكره العمليات ويهاب غرفتها، أصبحت غرفة العمليات صديقتي، وكل مرة أنظر لكشاف العمليات بأنواره البيضاء الكاشفة برضا، وأغمض عيني وأستسلم، مرورًا بثاني عملية ولادة قيصرية لي، وعملية استئصال المرارة، وصولاً لعمليات محاولة الإنجاب بأشكالها وانواعها، وثالث عملية قيصرية لي.

اقرأ أيضًا: إليك تجربي مع الولادة القيصرية بداية من العلامات لشفاء الجرح

طفولة وحيدة وصداقات لا تكتمل

أنا شخص قضيت طفولة وحيدة محاولة، أن أعوضها بإخوة من الأصدقاء، وعانيت كثيرًا في عمري، حتى توقفت عن البحث.

رحلة الوحدة

فكرة أن تتعود على الوحدة وتصاحبها، تستلم لأنك وحيد لا مفر، فكرة مرعبة تأكل جهازك العصبي ببطء. قضيت طفولة وحيدة ووجدت في الكلية التي أجبرت عليها من قبل أسرتي، حتى قابلت صديقتي الوحيدة، الثابتة في قلبي مهما حدث، أجدها تهرول إليّ في حزني قبل سعادتي، حملت عني الكثير من ليالٍ قاسية سوداء، كنت أتصل بها وتسمع نحيبًا مكتومًا فقط، تستمع لأنفاسي، لتسرع بإجابة حديثي “ماذا حدث لك؟!” حتى أنهار في الحكي والبكاء.

رحلة من الوحدة تكللت بزواجي من زوجي وأبو بناتي الثلاثة، أحببته وتوحدت معه، وأصلح الكثير داخل قلبي قدر الإمكان، وأيضًا كان يجب أن أعيش بصحبه ثلاثة أطفال وحدي لظروف سفره. أحيانًا تخور قواي وأنهار ولا أتحمل، لا أتحمل وأصبح مثل أسلاك الكهرباء العارية أتخبط من أقل شرر، أعتقد أنني سوف أفقد حياتي يومًا من فرط التحمل والكتمان، العالم الخارجي أصبح لا يطاق، والشرور تأكل وتنخر في النفوس والله وحده أعلم، لا شيء ينبغي أن يسير مثلما تريد أنت ونفسك، إنها الحياة.. دوائر مغلقة من السعي عليك أن تدور بها.

اقرأ أيضًا: أنا ونفسي: رحلة إلى أعماق الوحدة

يؤنسني دعاء السكينة

“اللهم امنحني السكينة لأتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها، والشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها، والحكمة لمعرفة الفرق بينهما”. وضحكة بناتي تأخذ الحزن من قلبي وتقذفه بعيدًا. اللهم احمهن لي وبارك فيهن، والكتابة.. الكتابة هي النور.. هي الإلهام.. هي الحلم والحقيقة.

اقرأ أيضًا: دعاء تحقيق المعجزات، دعاء المعجزات ابن باز

المقالة السابقةيا مسافر وحدك
المقالة القادمةالخرس الزوجي: الأسباب والعلاج
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا