يا مسافر وحدك

1131

بقلم: بسمة محمود

يا مسافر وحدك.. عسى الله أن يردك إلى قلب، أنت تاركه ولست بمفارقه. ولعل بقايا من وجد قديم أن تشتعل مجددًا وأنت على رصيف المحطة، فتتنكر لفكرة الرحيل، وتخطو قدماك عودةً إلى الديار. يا مسافر وحدك.. ارجع والقالك حبيب يونسك في رحلة السفر.. إياك تسافر وحيد.. دي الوحدة مُرة، وفي السفر قتالة.

يا مسافر وحدك

لماذا رغم الحضور المؤكَد لغيابك، لا أتوقف عن اختلاس النظر إلى وجوه الغرباء في الزحام؟ هل هي غريزة البقاء التي تدفعنا إلى مُلاحقة الأمل حتى ولو كان سرابًا؟ صدقني، لا غرض من رسالتي لك غير أن تعرف أن احدًا ما، في هذا الكون، قد أحبك حبًا نادر الحدوث وأنك جدير بذلك الحب، وأنك تستحق أن تُحَب، حتى إذا ما قررت الرحيل وحدك، ستصاحبك تلك الحقيقة وتؤنسك في ليالي الشتاء القاسية، وتمنحك بسمة حين تلمس وجهك نسمة هواء باردة، وتهمس لك بالأسرار وأنت تمشي وحدك ليلًا بمحاذاة الشاطئ.

اقرأ أيضًا: كيف تواجه الاكتئاب: ماذا تفعل لو استيقظت مكتئبًا؟

يا مسافر وحدك

لا أقول “ليت” حتى لا يوهمني فراقك المزعوم أن لقاءنا مشهد مُستحيل حدوثه أو أمنية عصية عن التحقق، ولكن أقول لعلك تستوحش بدوني كل الدروب، لعلك تدرك أنك إن رحلت فإنك راحل بجسدك وأن روحك، ذلك الجزء الحي منك، تهيم حولي في كل مكان، فأنا لا أخاف بُعدنا وإنما أخشى فقط أن يذبل كل منا وحده.

يا مسافر وحدك

الهروب من المواجهة ليس أفضل الحلول، ربما يكون أيسرها، ولكن لي رغبة في اطلاعك على أمر ربما خفي عنك في ضجيج المحطة والبشر، الحلول السهلة خادعة، ماكرة كثعلب، تتهيأ لنا في صورة المنقذ السريع لأرواحنا المُتعبة، ثم لا نلبث وأن ندرك عواقبها المُوجِعة. الحب يا عزيزي يستحقه الشجعان، الذين لا يهابون سطوته على قلوبهم، بل يزيدهم ذلك الشعور قيمة وقوة دافعة لمواجهة الحياة. فلا تهرب لأن ما نهرب منه يسكن في داخلنا، فلا يفيد الهروب من الأشياء التي تسكننا غير ملاحقتها لنا. ولو كان الهروب مُجديًا، فعليك بالهروب من نفسك، من قلبك.

اقرأ أيضًا: هل يمكن الهروب من الإنهاك؟

يا مسافر وحدك

سيحملك القطار إلى مكان بعيد، وما أن تطأ قدماك الأرض الجديدة، أرجو ألا أكون أنا أول من تفكر به، وألا تحملك الشوارع الجديدة إلى متاهات نفسك، وألا تسحقك الحيرة بين أنياب العودة أم اللاعودة. إن كانت اللاعودة اختيارك الحر، فقلبي يُبارك رحيلك والرحلة. واعلم أن أحيانًا، نصيبنا من الحب لا يكون حبيبًا نتعلق بيده، وإنما يكون في الحنين إلى قلب ما قد خفق باسمنا خفقة مختلفة عن الباقين، فسمعناه وتناغمنا لوهلة من زمن، كومضة، أصبحت فيما بعد نجمة تسكن في سمائنا، نرفع أعيننا لنشاهدها ليلاً من الشُرفة كلما شعرنا بالوحدة.

فسافر وحدك إن شئت، ولو استوحشت الطريق، ارفع عينيك إلى السماء ليلاً وشاهد تلك النجمة، واحلم معي لو كنا التقينا في زمن آخر، أو مكان آخر، ربما.. لجمعتنا متن رحلة واحدة.

اقرأ أيضًا: لقاء بعد فراق طويل! لحظات اللقاء بعد الفراق، كلمات عن اللقاء

المقالة السابقةأن تولد متمردًا: ضريبة الاختلاف
المقالة القادمةما فعلته بي الوحدة وفرط التحمل
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا