احكِ للذي يريد أن يسمعك

1411

بقلم: مروة هادي

غالبًا نواجه مشكلة في إيجاد شخص يسمعنا، ونبحث عنه بين الجميع، فقط لأننا نحتاج إلى إخراج كل ما بنا من حديث. ولكن في بعض الأحيان نجد من هم يمتلكون من يستمع، ويكابرون ولا يعبرون عما بداخلهم أو عما يحدث معهم، باليوم الذي يكون الجميع به مشغولين بأمور الدنيا وبأنفسهم، ويكون هناك شخص يهتم لأمرنا يجب أن نهتم، يجب أن نسعى للحفاظ عليه لا تكريهه فينا وفي ظروفنا، فهو مد يد المساعدة والمساندة، لنحتوي تلك اليد كما احتوتنا وسعت لتكون بجانب روحنا المتعبة. لا تقولوا أننا نتألم أو نحتاج إلى الصمت بالنهاية الألم والصمت لن يقدموا لكم شيئًا.. احكِ.

عن ماذا تخلى ليسمعك

بل تحدثوا وافصحوا عما في داخلكم، وابحثوا عن الطريق الذي يؤدي إلى الهدوء على أقل تقدير. الشخص الذي يريد أن يسمعك لا يفعل ذلك بدافع الفضول، ثق، فالفضول أصبح طبعًا قديمًا، والناس بدأت تشعر بالملل من الدراما، وتبحث دائمًا عما يسعدها، لذلك تخيل عن ماذا تخلى هذا الشخص ليكون معك ويسمعك. ممكن هذا الشخص ليس متمكنًا من الاستماع الجيد، وليس لديه أسلوب مستمع جيد، ولكن تأكد أن لديه قلبًا يحتوي كل حرف تنطق به، يشعر بروحه بنفس الألم الذي تشعر به، إن لم يكن إضعافه خصوصًا إن كان بعيدًا عنك ولا يستطيع تقديم شيء، سوى الاستماع لك والنطق بكلمات تداوي جراحك من الدنيا.

يشعر بالمناداة والمناجاة

افهم أن الإنسان الذي يحبك، مهما كنت متظاهرًا، فهو يشعر بك، خصوصًا إن كان هناك تخاطر روحي بينكما، وأنت تناجيه من قبلك، يشعر بكل هذه المناداة والمناجاة، ويتألم بسببها، لأنها لغة يصعب عليه فهمها، ولكن تأكد بأنه سيصاب بألم يسلب روحه منه دون أن يعرف المصدر، حتى يتحدث معك ويعرف بظرفك الصعب الذي تمر به، وهنا يزداد الأمر سوءًا حين تأبى الحديث وتبدأ بالمراوغة.

الحياة مشاركة

بالله عليكم.. كيف تستطيعون أن تصمتوا أمام من تحبون وتربطكم بهم علاقة خاصة؟ كيف لا تستطيعون البوح بما يختلج صدوركم وترونهم أمامكم يتعذبون؟ هل هذا أمر طبيعي أن لا تحكي لمن تحب بما يدور بداخلك وعن يومك السيئ الذي مررت به؟ الحياة مشاركة، هل تعرف ما تعنيه هذه العبارة؟ تركتها بسطر بمفردها لشدة عمقها، لأنها عبارة كبيرة جدًا وشاملة، بها الكثير من الجوانب ويجب عليكم فهمها. المشاركة ليست فقط بالمنزل أو الأكل أو العمل أو الثياب أو المادة أو شيء مادي، بل هي مشاركة بالذي أقدس من المادة. المشاركة بالحب والحياة والروح والألم قبل الفرح. إن لم تجدني بحزنك وألمك فلا ترحب بي بفرحك، فأنا لا أستحق وجودي ذلك. شاركني ألمك احكِ عما يجول بك وبما حدث لك، فذلك يهمني لأنك تهمني. أريد أن أشاركك كل تفاصيلك.

جاهد ألمك وشاركني

أنا لست ممن يمارسون التنمية البشرية وتقديم النصح. أنا فقط أريد أن أقف معك أشاركك. وركز على كم مرة طلبت أن أشاركك. حين أسألك ما بك وتبدأ بالإجابة بصور بكاء أو حزن أنا لن أفهم ما مررت به، ولن أستطيع القيام بما يلزم مني القيام به. احكِ. أعرف أن تفكر بالهروب من الموضوع عندي، والهروب من كل الواقع، ولكن أنا لن يرضيني الهروب مع الوجع، فإما أن تتحدث لنجد طريقة هروب بدون الوجع وإما تتحدث، فلا مجال عندي للسكوت ولن أقبل بأي وضع وبأي حال كان. جاهد ألمك وشاركني معك فأنا سندك وقلبك الثاني الذي ينبض لك ولإسعادك.

قدروا من يسعون لكم

سأخبرك بأمر ضعه نصب عينيك، عندما تقرر أن لا تخبرني بما حدث لك وأنا أراك حزينًا. أكون كطفل صغير متعلق بأمه وهي غاضبة، ولا يعرف إسعادها، ولا يستطيع تركها بما لديها. أكون كغريب يرى علم بلده من حدود البلد الذي يجاوره، ولا يستطيع لمس ترابه أو شم هواءه. أكون كأم فقدت ابنها أمام عينيها ولن تستطيع أن تنقذه أو حتى تمد له يدها. أكون كالغريق الذي يرى شخصًا واقفًا على الضفاف ولكنه لا يراه. هل تشعر بما أشعر به الآن؟ أتمنى أن تقدروا من يسعون لكم وتعرفوا كيف تتعاملون معهم.

المقالة السابقةالحب المنخفض التكلفة
المقالة القادمةناقة صالحة وراوية الأفلام: حين تفوق الرواية الأدب
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا