الأوله لينا والتانية علينا

1399

بقلم/ نور ياسر

كلنا لما بنمر بمواقف قاسية من أشخاص بنحبهم، بنحس إننا ضحايا ومظلومين وضعاف وإن الطرف التانى ظالم وجاني، وللأسف ده مش دايمًا بيبقى حقيقي، أوقات كتير بنكون ضحايا لنفسنا وبس.. هقولكم إزاي، لما حد بيخذلنا أو يصدمنا أو يخونا أو يستغلنا أو يخلينا نحس بمشاعر سلبية أيًا كانت إيه هي، في الوقت ده إحنا فعلاً بنكون ضحايا له بسبب تصرفه معانا، بس ده بيكون للدقايق الأولى من الصدمة وبس، بعد كده رد فعلنا هو اللي بيحدد إذا كنا ضحايا فعلاً بسبب تصرف الطرف التاني، ولا ضحايا بسبب رد فعلنا إحنا.

يعني بمعنى أصح الصدمة الأولى لينا بس التانية علينا، الصدمة الأولى إحنا فعلاً ضحايا لأننا مكناش متوقعين التصرف ولا متخيلين إن الشخص ده يعمل كده، وكنا مآمنين واتاخدنا على خوانة زي ما بيقولوا، بس في حالة إن رد فعلنا كان استسلامنا للموقف وخضوعنا وقبولنا لتصرف الطرف التاني، أكيد وقتها بنبقى ضحايا لنفسنا، والطرف التاني ملوش أي علاقة.

 

بمجرد ما بنقبل الوضع ونسلم بيه ده بيبقى كأنه ضوء أخضر للطرف التاني، عشان يكمل صدمات وخذلان زي ما هو عايز، في الحالة دي مينفعش أبدًا نشيِّله ذنبنا، لأنه هو فعلاً وقتها مبيبقاش مسؤول عن أي وجع أو ألم نفسي بنحسه بعد كده، لأننا المفروض بقينا عارفين ومتأكدين من اللي جاي شكله إيه، وتقريبًا بنبقى قاريين اللي هيحصل بعد كده، بس للأسف وقتها بنبقى يا إما شايفين إنه أكيد مكانش قصده، ويمكن غصب عنه، ودي أول مرة ولو اتكررت نبقى ناخد موقف.

وبنبدأ سلسلة التبريرات اللي غالبًا مش هتنتهي غير بنهايتنا إحنا كمان. يا إما بنبقى عندنا إمل إنه أكيد هيتغير ومش هيعمل كده تاني، وللأسف كل ده بيبقى نابع من حبنا له ومش حقيقى تمامًا، وبالتالي في اللحظة اللي نشوف فيها حاجة من الحاجتين دول، نعرف إننا بمنتهى البساطة اتنقلنا من مرحلة ضحايا الطرف التاني وبقينا ضحايا نفسنا وبس.

هو أكيد وقتها بيبقى صعب علينا ندرك ونقدر كل ده، بس الأصعب إحساسنا بعد كده وإحنا بناخد صدمة ورا التانية، من غير حتى ما نكون لينا الحق إننا نعترض أو نسأل ليه! لأن وقتها الطرف التانى بيبقى شايف إن استسلامنا وتسامحنا معاه بقى حق مكتسب خلاص، واعتراضنا بالنسبة له بيبقى مش مقبول.

 

عشان كده المفروض لما حد يخلينا نحس بأي مشاعر سلبية قوية تخلينا نتوجع ونتألم، لازم نكون أقوى من المشاعر دي، على الأقل وقتها، عشان نقدر ناخد رد فعل قوي يتناسب مع وجعنا، ونرفض إننا نكمل في دور الضحية طول حياتنا بعد كده. لازم نتعود نحب نفسنا صح ونقدرها ونحترمها، عشان اللي حوالينا يحبونا ويقدرونا زي ما إحنا نستحق، لازم نتعود منسمحش لحد يوجعنا أو يجرحنا أو يخلينا نحس في وقت إننا مقهورين وضحايا، ولازم نتعود كمان نشغل دايمًا الترمومتر اللي جوانا عشان نقدر نقيس تصرفات اللي حوالينا، ونعرف امتى ينفع نعدي ونسامح وامتى لازم نثور ونرفض أي تصرف ممكن يحولنا ضحايا لنفسنا.

والأهم من كده إننا نفضل دايمًا فاكرين إن الأولى لينا والتانية علينا.

المقالة السابقةهل هناك متعه في السفر لوحدك؟ تعرف على فوائد وسلبيات السفر لوحدك
المقالة القادمةمصيف زمان: رمال برائحة جَدِّي
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا