بقلم: رغدة شريف
قعدت فترات طويلة من حياتي أصارع أفكاري وكوابيسي. وكتبت جوابات كتير إلى الله خلاصتها: “أنا ليه حياتي مكانتش تمشي أسهل من كده شوية! ليه ناس كتير خذلوني كده! كل حاجة بقيت صعبة قوي .. تعبت من كتر خوفي من التعبير عن احتياجاتي الطبيعية علشان خايفة اتصدم تاني .. تعبت من كتر وجعي اللي مخليني مش قادرة أفجر طاقة الحب اللي جوايا ناحية الناس. وكأن فيه حاجة ربطاني مكاني مش عارفة أتحرك .. أنا امتى هاعدي من المرحلة دي والإحساس ده!”.
كلنا عيشنا الوجع اللي وقفنا كتير قدامه .. الوجع اللي حسسنا أننا مربوطين من جوانا مش قادرين نستقبل أو نقدم حب ومشاعر. معرفناش نأخد خطوات حقيقية لقُدام أو قرارات صح كأننا عاجزين.
كلنا جربنا نعيش وقت من حياتنا مع ناس معرفوش يتعاملوا مع احتياجاتنا بشكل صح .. ناس كان المفروض في وجودهم نكون شبعانين لكن هُم أهملونا وأهملوا احتياجاتنا ومشاعرنا .. والاحتياج ده نتج عنه إحساس صعب فضل موجود وكبر وكأنه قرر ييجي يأخد مننا زمام الأمور ويقنعنا أننا خلاص بقينا فاقدين السيطرة، ويتحكم في حياتنا ويلعب بينا الكورة.
أصعب حاجة في كل ده هو إحساسنا أننا ضعفاء، لا حول لينا و لا قوة. مستنيين الناس اللي أذيتنا تتفتح عينيهم، ويدركوا هُم عملوا فينا ايه ويعتذروا. مستنيين الناس اللي أهملتنا كتير يرجعوا ويصلحوا اللي هما بوَّظُوه، ويبقوا موجودين ويقوموا بدورهم ناحيتنا علشان يعوضونا عن اللي فات كله.
بعد سنين طويلة من التجارب والألم والخذلان أقدر أقول إن انتظار الناس اللي أذيتنا زمان تيجي وتعتذر ويصلحوا اللي عملوه مش دايمًا هيحصل. بنسبة كبيرة مش هيكونوا هُم سبب النهاية المُرضية اللي احنا عايزنها.
اللي أذى خلاص دوره انتهى على كده .. الناس اللي تسببت في ألمنا مش مسئولين عن تعافينا .. الباقي دورنا احنا .. كل لحظة بعدها بتاعتنا وملكنا احنا .. والباقي برضه مسئوليتنا.
احنا مش عاجزين ومش متكتِّفين زي ما عقلنا بيصورلنا في لحظة الوجع. فيه فرق كبير بين إدراكنا لألمنا واحتياجنا وإعطاء المساحة لمشاعرنا علشان تخرج وتعبر عن نفسها كبداية للوعي وسكة العلاج. وفرق بين إعطاء المشاعر دي فرصة لقيادة زمام الأمور وكأننا اتهمشنا ومبقاش لينا دور في حياتنا الشخصية، وكأننا ضحية طول الوقت بس.
خطوات عملية
1- الإيمان
الفرق بين السيناريوهين ببساطة هو “الايمان”. الإيمان بنفسنا وبقدرتنا، أننا مش كورة كل شوية حاجة تلعب بيها (من أول الناس اللي خذلونا لوجعنا لاحتياجاتنا…). إيماننا أن اختياراتنا اللي جايه بتاعتنا احنا في ايدينا، احنا المتحكمين في اختياراتنا. إيماننا بالقدرة على التغيير وتخطي الوجع.
2- الرغبة
بعد كده بتيجي خطوة الرغبة الحقيقية في تخطي المرحلة دي لمرحلة تانية مختلفة .. الرغبة أننا منكونش دايمًا في دور الضحية .. الرغبة في التعافي والتغيير، التغيير اللي أكيد مش دايمًا سهل وأوقات بيكون مؤلم لكن هو حقيقي يستاهل.
3- طلب المساعدة
تالت خطوة هي طلب المساعدة .. ودي بالنسبة لي أصعب خطوة؛ لأننا تقريبًا تعودنا منطلبش مساعدة بسهولة. لكن ابتديت أصدق أن كلنا في مرحلة ما محتاجين مرشد نفسي يساعدنا نفهم نفسنا ونفهم وجعنا ونقبله ونتعامل معاه ازاي بشكل صح علشان نطلع بأقل خساير ممكنة لصورة من شخصياتنا أكتر نضج وأكتر تسامح.
التعافي مشوارنا احنا .. سعادتنا في الدنيا مسئوليتنا .. اختياراتنا المستقبلية كلها بايدينا .. النهاية المرضية احنا نقدر نحطها لنفسنا .. الحياة لسه فيها كتير قوي يتعاش. وزي أغنية محمد منير اللي بترن دلوقتي في ودني “سكة ماشية وعمر ماشي .. لسه أجمل يوم مجاشي”.
مراجعة لغوية: عبد المنعم أديب
حقيقه، بس صعب جدا التنفيذ، الله المستعان