نصائح سريعة لاجتياز عنق الزجاجة

1713

بقلم: منار جاد

أكتب هذه السطور المقبلة إلى كل من يشعر أنه في عنق الزجاجة وتسيطر عليه الحيرة واضطراب المشاعر، أن يعود إلى أمان الزجاجة أو يستخدم طرقًا غير معتادة للخروج منها. إلى كل من يسعى إلى التغيير لكن يخشاه، إلى كل من تتوق نفسه دومًا إلى البحث، إلا أنه في نهاية المطاف شيء ما يستوقفه دائمًا.. أقول لكم لستم وحدكم، فهذه الأمور نمر بها نحن البشر في مختلف مراحل عمرنا.

تأخذنا أمواج البحر العالية إلى الغرق، ثم تعود بنا مرة أخرى إلى الشاطئ الذي هو بر الأمان. عندما تشعر بإعصار من الأفكار والتساؤلات داخل عقلك وتدفق القلق والذعر في روحك، لا تقلق، فهذا يعني أنك على الطريق الصحيح، إلى التغيير والتطور، وهذه هي أخطر مرحلة من التحول الإنساني، وفيها تكتشف نفسك الحقيقية.

لا تكن النسخة التقليدية منك

إما تكمل ما بدأته وإما تعود مائة خطوة للوراء، ففي هذه المرحلة أنت تسعى لتحقيق ذاتك، وربما يتطلب ذلك الخروج عن المعتاد والتحرر من قيود فكرية كثيرة، وفيها أنت المسؤول عن رسم مسار لحياتك، فمنذ ولادتك يخطط لك جميع من حولك كيف ستكون حياتك، وما هي الطرق التي يجب عليك أن تسلكها، وكل ذلك دون اختيار منك، دون محاولة لفهم ذاتك ورغباتك الحقيقية، فهم يريدونك أن تكون نسخة منهم، تقليديًا، لأنهم يعتقدون أن حياتهم هي أفضل وآمن حياة، ويريدون منك أن تعيد تشغيل شريط حياتهم، لكن على حساب حياتك أنت، وأن المعروف دائمًا أفضل من المجهول.

إذا حدث وبدأت التفكير والتساؤل بشكل حر، دون تسلط أو تحكم، سيقولون أشياء مثل:لماذا تفعل ذلك؟” أو ما كل هذا التمرد؟!” أو “أنت حقًا مزعج! لماذا تريدنا أن نفكر وتسعى لتغيير الثوابت؟!“، أو يفعلون الأسوأ، وهو التجاهل التام والتظاهر بعدم رؤية الثورة الداخلية التي تحدث، أملاً منهم أن تعود للمعتاد مرة أخرى، يريدونك أنتعيش وتموت من سكات.

اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش

هذه المرحلة تتسم بعدم اتزان نفسي، وأحيانًا الرغبة في العودة لمنطقة الأمان الفكري، حيث لا يوجد شك، بل يوجد شعور بالرضا على طريقةاللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش“. هي أيضًا ليست مريحة على الإطلاق، لأنها تتطلب مقاومة الضغوط الخارجية والداخلية، والإصرار على الاستمرارية، وفيها تشعر بأنك تائه وربما وحيد أيضًا. في النهاية سيتوقف الأمر على مدى رغبتك الحقيقة في التغيير والبحث عن ذاتك الأصلية، ووجود الشجاعة والجرأة الكافيتين لتحقيق ذلك. وتذكر أن البحث عن الذات هو أكثر رحلة شاقة وممتعة في نفس الوقت.

كيف تساعد نفسك على الخروج من عنق الزجاجة

قبل خروجك من عنق الزجاجة يجب أن تتأكد من أن هدفك أو حلمك مناسب للتحقيق، فلا يمكن مثلاً أن تحلم بأن تصبح مغنيًا مشهورًا وصوتك في الغناء يجعل المستمع يضع كفيه على أذنيه من شدة الانزعاج. لذلك يجب أن تكتشف وتدرس نفسك جيدًا، حتى لا يكون مجهودك في حقيقته إضاعة للوقت. ثم تأتي بعد ذلك وتلوم الظروف وجميع من حولك، على عدم قدرتك على تحقيق حلمك. لذلك أنصح بأن يجرب المرء كل ما هو غريب عنه، وكل ما هو جديد أيضًا.

اطرق أبوابًا لم يطرق أحد عليها من قبل، اسلك طرقًا غامضة وغير معتادة، حتى تكتشف أجزاء خفية بداخل روحك، أجزاء لم تكن تعلم بوجودها من الأساس، وتلك الأجزاء الخفية ستصبح يومًا ما من أهم نقاط القوة بشخصيتك، وستساعدك على أن تصل إلى أفضل نسخة من نفسك.

نصائح سريعة لاجتياز عنق الزجاجة

1. حاول قدر المستطاع أن تباعد بينك وبين من لا يؤمنون بك، وبينك وبين هؤلاء الذين يقللون أو يسخرون من طموحك، والذين يعيشون من أجل الشكوى الدائمة، وبث الطاقة السلبية في الهواء والماء والطعام، فهؤلاء تحديدًا أعتبرهم لأنا القتلة الخفيين للأحلام والطموح، فهم يملكون قدرة خارقة على سحب الطمأنينة والسكينة والأمل، ويستبدلونها بالتوتر والقلق الدائمين، والشعور المستمر بعدم الرضا والراحة.

2. اكتب قائمة فيها أقرب الناس إلى قلبك وأكثرهم إيجابية، وبالطبع لا تنسى هؤلاء الذين يشجعونك على الاستمرار والسعي خلف أحلامك، وحاول أن تجعل كل من في تلك القائمة حولك دائمًا.

3. أغلق منصات التواصل الاجتماعي لفترة، ستساعدك تلك الخطوة كثيرًا في التخلص من الضغوط النفسية والمقارنات الدائمة التي تهدم أكثر مما تبني، وستساعدك في التفرغ لنفسك والتركيز معها أكثر من أي وقت مضى.

وفي النهاية عليك أن تفهم جيدًا أن خروجك من عنق الزجاجة والوصول إلى النجاح والطموحات والأحلام مسألة لا تتحقق في أيام، ولا في شهور، بل يتطلب الأمر الكثير من الالتزام والاستمرارية، وخطوة على خطوة ستصل في التوقيت المناسب وفي المكان الذي تستحقه.

اقرأ أيضًا: عشان تبقي تقولي لأ: ما دفعته ثمنًا لقول نعم

المقالة السابقةلكل “لا” ثمنها.. فكوني مستعدة للدفع
المقالة القادمةهكذا أحببت العزلة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا