بقلم: إسراء عبد الجواد
في أثناء رحلتك للبحث عن ذاتك، عنك أنت، عن ما تريد وما تستطيع أن تحققة، وليس المتاح أمامك، تمر بفترة ليست سهلة ما بين صراعات داخلية في تجربة الكثير من الأشياء، لا تعلم ماذا تريد بالتحديد، تائه في ما هو الذي أريده وأريد ان أحققه؟ تحاول مرات عديدة محاولات لأشياء مختلفة، تظن أنك ستستمتع بفعلها، لكنك بعد كل محاولة تجد نفسك فشلت، ليس ذلك الشيء هو الذي أستمتع بالقيام به، ليس هذا أنا، ليس هذا ما يصف روحي، لا بد من التجربة في شيء آخر مرة أخرى، تظل على ذلك الوضع حتى تصبح على علم أكثر بما تريده نفسك، بالأقرب لك، ستعلم بعد عدة تجارب ما هو الشيء الوحيد الذي يحرك الشغف بداخلك، ما الشيء الذي يجعلك يوميًا تستيقظ وأنت مستمتع بفعله، لا تخف من الفشل، أعلم أن من الصعب علينا أن نتحمل فشلنا في محاولات كثيرة دون جدوى، وأنه من المحطات الصعبة التي يمر عليها الإنسان، لكن علينا أن نمر به وبهذه التجربة المؤلمة، فلولا محاولاتي الكثيرة كنت لم أجد لحياتي معنى أو هدفًا، كنت سأظل عالقة بين السماء والأرض لا أعلم ما يجب عليَّ فعله.
صعب هذا الشعور، والأصعب منه أن تمر بكل تفاصيله وحدك، لم يكن بجانبك أحد، ليس هناك شخص على وجه الأرض يستطيع مساعدتك في هذه التجربة غيرك أنت، من الصعب جدًا أن يحدد لك شخص آخر مصيرك، أو يقترح عليك ما يجب أن تفعله، أنت فقط الشخص الوحيد القادر على ذلك.
لم تكن رحلتنا في الحياة سهلة، ولكن هناك الكثير من الأشياء في حياتنا تسهلها علينا، هناك لحظات لا تنسى نعيشها مع أصدقائنا ونتمنى من الوقت أن يقف حتى ننهي هذه اللحظات في الوقت الذي نحدده نحن، ولكن أعلم إن كان هذا الشيء بأيدينا فلم أجعلها تتوقف، هناك خوف واهتمام لم تره إلا من عائلتك، وحب غير مشروط، دائمًا يكون في أكثر وقت أنت بحاجة إليه، وهناك موهبة تكتشفها في نفسك مع الوقت، تساعدك في الوصول إلى أحلامك.
لم أجد في حياتي شيئًا لمس روحي أكثر من الكتابة، فبعد صراعاتي مع نفسي واختلافنا على كل شيء، الكتابة هي الشيء الوحيد الذي اتفقنا عليه، أصبحت الكتابة بالنسبة لي أقرب شيء لقلبي والأفضل في يومي، أصبحت أقرب صديق لي وأنجح صديق في وصفي، هي عملي الذي أقوم به يوميًا وهوايتي التي لم تخذلني قط، كل حرف في كتاباتي يصف جزءًا من روحي، أهرب إليها عندما يصعب عليَّ واقعي، وفي كل مرة ألجأ إليها أجد فيها الحياة، أشعر وكأن قلمي يأخذني بعيدًا في رحلة قصيرة لأسترد روحي وطاقتي مرة أخرى.
الكتابة هي عالم خاص بي، عالم خيالي افترضته في كلماتي وحروفي، لم يكن فيه خداع ولا زيف، هي كما يقال “السر في بير”، الشخص الوحيد الذي تتحرر أمامه من جميع القيود واللجام التي تسيطر عليك أمام الأشخاص، هي الفرس الحر الذي يجد حريته في الانطلاق وسعادته في كسر الحواجز، لم أكن مبالغة في وصف موهبة الكتابة ولا حالة الشخص الذي منَّ الله عليه بموهبة الكتابة.
لم يكلفني الأمر في اكتشاف نفسي سوى ورقة وقلم، كانا مرآتي التي لأول مرة أرى نفسي فيها بوضوح، لأول مرة أحب انعكاسي الذي رأيته بل أعشقه، أشعر معه لأول مرة بارتياحي وسعادتي، وكنت أتساءل دائمًا: كيف لكل هذه الفترة من حياتي لم أكتشف ذلك؟! كيف كان أقرب شيء لروحي وكياني أمام عيني يوميًا ولم أتخيل للحظة أن من هنا ستصبح انطلاقتي، من هنا سأبدأ أول أحلامي؟!
هذه هي الكتابة، هي الإدمان الذي لم يستطع أحد التعافي منه، هي الشغف والصديق الذي إذا غبت عنه فترة فسترجع مرة أخرى ملهوفًا ومشتاقًا له بعد فترة غياب، تحكي له كل ما مررت به، وكالعادة يحتضنك وينقلك لرحلة قصيرة.
اقرأ أيضًا: لولا الكتابة ما كنت هنا