بقلم: العصماء محمد هاني
صباح الخير.. لقد استيقظت ماما الآن لمواجهة حفنة التحديات التي عليها التعامل معها كل يوم، ماما الأنثى الغلبانة المسكينة التي بسبب خطأ تقني في “السوفت وير” الخاص بها، اعتقدت أنها “استرونج اندبندت وومن”، ورفعت لافتة تنادي بإعطائها فرصة بأن تُظهر عضلاتها المصقولة في مشهد اختراق صعاب.
يلا ندخل الحمام؟
– مش عايز!
لا أدري كيف لطفل نام أكثر من 10 ساعات، استيقظ خلالها ربما مرة أو مرتين ليشرب ماء ألا يريد أن يتبول ويذهب للحمام بإلحاح! لماذا كل هذا العناد والقتال والمبارزة لحثه وتشجيعه ودفعه لعمل البيبي! ما السيئ في البيبي إلى هذه الدرجة؟! هل هو من حب التملك المفطور عليه الصغير بألا يتخلى عن حاجاته فلا يقضي حاجته؟!
ليه مش عايزين تعملوا بيبي؟!
حقيقة تذبذبت كثيرًا في التعامل مع الأمر، حتى جاءني الإلهام من إحدى “المامي بلوجر” بطريقة لإقناع الطفل فيما يخص صحته الجسدية، استعنت بكتاب جسم الإنسان وفتحت عند الجهاز البولي وافترشت المشاية أمام الحمام، وجلست أشرح كيف يمكن لجهازنا أن يتضرر إذا لم ندخل حالاً الحمام “عشان نخرّج البيبي” من مثانتنا الممتلئة، ونعيد ونزيد ونشرح ونهزر ونضحك ونتكلم جد، حتى عملنا بيبي عالمشاية والحمد لله.
اقرأ أيضًا: تجربة بوتي تريننج ناجحة.. هتنفع معاكي جربيها
يلا ناكل؟
أنا متأكدة أنهم الآن يكرهون فقرة الأكل.. وأنا أيضًا أكرهها.
– يلا ناكل؟
– نو.
– نو ليه؟!
– مش عايزين ناكل!
– ليه؟!
– عاوزين التليفزيون.
– طب نتفرج على التليفزيون وناكل.
– نو تليفزيون بس.
ثم يبدأ الصراع الداخلي، هل أخبرهم بحزم وشدة مفيش تليفزيون إلا لما ناكل، وأكون بذلك ربيتهم على المساومة والاشتراط وجعلتهم أكثر عرضة للاستغلال والتحرش كما يقولون في كتب التربية؟
بدأ الملاك الأبيض على يميني في جدال الملاك الأحمر على يساري:
– اوعي تعملي كده، لازم يتعلموا يعملوا الصح من نفسهم من غير اشتراطات ولا انتظار مكافآت.
– دول أطفال مش واعيين لحاجة.
– يعني إيه أطفال مش واعيين؟ دول ليهم عقل ومشاعر ورغبات لازم نحترمها.
– نحترم إيه؟ عاوزين نفطر وننجز عشان ننزل نشوف مشاويرنا ويومنا.
– كده هيعرفوا نقطة ضعفك وهيشترطوا عليكي طول الوقت.
– مش بمزاجهم بمزاجك.
– كده هيستنوا مكافآت على كل حاجة صح يعملوها.
من الذي سينتصر؟
تشاهدونه نيكست على mbc2.
يلا نلم اللعب؟
المعركة شديدة الوطيس! لم الألعاب! جربت كل الحيل والوسائل ليستجيبوا لمفهوم “لم اللعب”. ساعدني كثيرًا كتاب “كيف تتحدث فيصغي الصغار إليك وتصغي إليهم عندما يتحدثون”، للكاتبين “إديل فابر” و”إلين مازليش”. استخدمت حيل ترغيب الطفل في التعاون:
أولاً: صفي ما ترين أو صفي المشكلة: “إيه ده الألعاب على الأرض؟”.
ثانيًا: أعطِ معلومات: “الألعاب لما بتبقى في الأرض بندوس عليها تتكسر أو بتعورنا في رجلنا”.
ثالثًا: أوجزي الكلام: “الألعاب”.
رابعًا: افصحي عن مشاعرك: “أنا بتضايق من شكل الألعاب على الأرض وبنبسط لما بتوضبوا”.
خامسًا: اكتب ملاحظة: “أبطالي اللي هيلموا اللعب” مع رسمة بسيطة وقلوب وحاجات حلوة.
لقد جاهدت كثيرًا وتعبت وأرهقت في قراءة هذا الفصل من الكتاب وتطبيق ما فيه.. وهل نجح الأمر؟
حقيقة نجح مرة وفشل مرة وها نحن نعافر!
ولكي أكون صادقة.. فعليّ أن أخبرك أنهم عندما يردون بمنتهى التلقائية والعفوية “خليها على الأرض يا ماما إحنا عاوزينها كده”، أنهار على نفسي من الضحك.
يلا ننام
كلمة السر في معركة النوم هي الروتين، بناخد شاور، نتعشى، نغسل أسناننا، نقرأ قصة. أيام كثيرة تمر ونحن نكسر الروتين، ولكننا نعود إليه مرة أخرى مع الكثير من المرح والسعادة. أعتقد أن أعظم ما يمكن أن نقدمه لأطفالنا أن يناموا على أوقات سعيدة.. سعيدة جدًا.. ولكي لا أنهار من شدة التعب أحاول أن أبدأ الروتين قبل ساعة أو ساعتين من موعد الانيهار، حتى لا تنقلب هذه المناوشة اللطيفة إلى معركة قتالية لا تجدي المفاوضات فيها نفعًا.
ونختم معاركنا اليومية لنراكم في معارك أخرى في أيام ربما تكون أقل وطأة وأكثر خفّة.
اقرأ أيضًا: كيف تلتئم: محاولة إيمان مرسال لمواجهة أشباح الأمومة