في حب داليدا والحياة

1187

بقلم: بسمة محمود

داليدا.. تلك الأيقونة التي ملأت الدنيا بهجة وحبًا، كانت آخر كلماتها: “سامحوني، فالحياة أصبحت غير مُحتملة”، “Pardonnez moi, la vie m’est insupportable”. أفكر في أنها، ربما، لو كانت ارتدت ملابس بسيطة وفتحت الباب، لتتجول بين المارة، لربما التقت مصادفة بوجه، أخبرها كم يحبها، وكم هي جميلة. أحاول ردع نفسي عن تخيلاتي الساذجة، وأضع قدمي على أرض الواقع، حيث الألم ينهش مشاعر البشر، أحيانًا يعجزنا وأحيانًا يكون نقطة تحول في حياتنا والكاشف عن مكامن مواهبنا وإبداعاتنا التي لطالما طُمرت تحت روتين الحياة.

لم أعد أتخيل احتمالات داليدا الأخرى، وإنما تقبلت فكرة رضوخها لألمها، ولكني تخيلت بعض من ردود الحياة على رسالتها الأخيرة فالحياة تنادينا وتتحدث إلينا طوال الوقت. فقط تخيلت لو أننا توقفنا لنسمعها.. لو أننا للحظة، قررنا بوعي أن نخفض صوت الألم، فقط نخفضه ولا نُسكته، حتى نتمكن من سماع همسات أخرى، تحاول أن تصل إلينا عبر الزحام والضجيج والضوضاء.

اقرأ أيضًا: لماذا نقدم على الانتحار ؟

ماذا قالت الحياة لداليدا؟

  • عزيزتي الجميلة داليدا.. أعلم أني أكون قاسية أحيانًا، ربما كثيرًا، وأعلم ما عانيته، ولكن انظري إلى جمالك المتفرد، وبريقك وصوتك الذي حرك القلوب وغمرها بدفء الحب.
  • داليدا.. رغم شعورك بالوِحدة، منحتِ الكثيرين الونس.
  • نعم، أحيانًا تشعرون بأني غير محتملة، ولكني مأمورة من الله لتعليمكم وتهذيب نفوسكم ولي طريقتي في أن أجعلكم ترون أشياء لم تكن لترونها في داخل أنفسكم وخارجها، أحيانًا يتم ذلك في يُسر، وأحيانًا يتعين عليّ اللجوء إلى الطريق الأصعب.
  • لا تأخذوني دائمًا على محمل الجد. أعني أنني أكون جادة غالبًا، ولكن أحيانًا عليكم أن تضحكوا على الأشياء الجادة، أو أن تلتفتوا إلى اتجاه آخر، هكذا تمر الأحداث العصيبة.
  • عزيزتي داليدا.. لا أبخس حقك في الشعور بالألم، ولكن لربما حقيقة، لو ارتديت الـjeans ليلتها، وخرجت لشم بعض الهواء النقي وأنتِ تمشين بتأنٍ وكأنك في نُزهة، أو كما أخبرتينا أنتِ عن نفسك: “Comme çi j’étais en Vacances / وكأني في عُطلة”، فقط أقول، ربما، لتغير شعورك بأني قد أكون، غير محتملة أحيانًا.
  • من حسن الحظ، أن أشياء بسيطة تفعلونها، كفتح النافذة في يوم مشمس، كضحكة طفل في الطريق، كبسمة عابر يلمح بإعجابه، كبداية قصة حب بعد انقطاع الأمل، أشياء قد تحدث فجأة، بغير توقع منكم، قد تجعلني محتملة، ولو لنهار آخر. بل قد تجعلني جميلة، تستحقون أن تحيوني بسعادة. ذلك أن السِر في هو الزمن، وقدرته السحرية على تحويل المستحيل إلى الممكن والعكس. السِر في هو تغيير المشاهد وقلب الموازين حينما تظنون أن الألم سيبقى إلى الأبد. ولكن على أي حال، فالحياة تحب أيضًا.. تحب كل من تظلهم السماء.. فرجائي منكم هو أن تنظروا دومًا إليها، فيتسنى لكم فك رموز رسائل الحب المرسلة إليكم عبر المِحَن والألم.

اقرأ أيضًا: الحياة تستاهل نحارب علشانها

المقالة السابقةمعنى الحياة: أن تجد السيناريو الخاص بك
المقالة القادمةلماذا نحن جوعى للحب؟
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

1 تعليق

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا