علمني الامتنان

696

بقلم: روكسان رأفت

ربما تصعب الحياة ولكن.. تقريبًا معظمنا لا تخلو حياته من الصعوبات، صعوبات من نواحي كتير، بداية من اضطرابات في العلاقات، لاضطرابات في علاقتنا بنفسنا، لمشكلات مجتمعية ومادية، بالإضافة لآلام الفقدان اللي بقيت متكررة حوالينا بصورة كبيرة. والحقيقة إنه يمكن تبدو المقدمة واقعية أكتر من اللازم ومحبطة، خصوصًا وكلامي في السطور التالية عن الامتنان، لكن بصراحة أنا محتاجة أحكيلكم أنا ليه بدأت المقال بحديثي ده.

معنى الامتنان

زمان من كام سنة لما كانت كلمة الامتنان جديدة على ودني، كنت لما أسمعها أحس إن إزاي كده؟ يعني إيه أدور على حاجات حلوة في حياتي أكون شاكرة ليها (بالمناسبة ده تعريف الامتنان بالنسبة لي). يعني إيه تبقي الدنيا متطربقة من حواليا وأنا أبقى مبتسمة كده ابتسامة بلهاء وكأني عاطف (أحمد حلمي في فيلم الناظر) كده في نفسي.

ويمكن عشان كده بدأت المقال بالطريقة دي، لأن الامتنان مش معناه إني بضحك على نفسي أو مبشوفش الحقيقة، لكن معناه بالنسبة لي إنه زي ما فيه حاجات صعبة بتوجعنا في الحياة، كمان فيه حاجات جميلة لطيفة تلمس القلب، موجودة حوالينا وفي حياتنا بتساعدنا نكمل.

الامتنان للأحداث الصغيرة

بمرور الوقت بدأت أشوف الامتنان بطريقة مختلفة وبنظرة متزنة، بدأت أشوف الحلو مع الوحش، النور مع الضلمة. أفتكر في مرة وأنا بحكي مع حد قريب مني في الموضوع ده كان عندي بنطلون أسود جايباه جديد، وكنت مبسوطة بيه قوي، لأنه كان بيظبط لبسي قوي ويطلعه شكله حلو، ساعتها حكيت لصاحبتي إني مبسوطة بالبنطلون ده، ومتشكرة كده للظروف اللي خلتني أشتريه.

يمكن يبان حاجة صغيرة، أو ربما تافهة، لكن الحقيقة هو ده الامتنان، إني أفرح بحاجات صغيرة وبسيطة وعادية، لكن مؤثرة في القلب والروح، لكن مش بس كده، عايزة أحكي كمان عن كام حاجة مش صغيرين بقوا موجودين في حياتي الوقت اللي فات وممتنة ليهم جدًا. أقرب حاجة كانت من كام شهر، وهي إني اشتغلت شغل بحبه جدًا وكنت بتمناه من وقت طويل، شغل جه بطريقة سلسة وبالتدريج وعن طريقة خبرات معينة اتبنت عندي بالتدريج.

ودي الحاجة التانية اللي ممتنة ليها بقالي وقت طويل، السكة اللي بمشيها، الخطوات اللي ربنا بيحطني فيها كل شوية، حياتي اللي بتتشكل ويتتغير كل يوم. وأنا بتكلم عن الامتنان مش ممكن أنسى الناس اللي بيمشوا معايا السكة دي، اللي بيسمعوا ويحتووا ويتفهموا، الناس اللي بعتبرهم هدايا من ربنا. اللي مش ممكن السكة تكمل من غيرهم، هما الأدوات والطرق والشبابيك اللي بيدخلنا منها نور وأمل. الناس اللي علموني وشجعوني وادوني فرص، اللي باركوا خطواتي ووقفوا يصقفوا من بعيد، اللي قبلوا يشاركوا بوقتهم وخبرتهم ومشاعرهم، واللي كان سماعي لمشاركتهم بخطواتهم هما كمان طاقة نور وتشجيع وحماس بالنسبة لي.

علمني الامتنان

إني أكون ممتنة كمان لكل حاجة اتعلمتها في مجالات من اللي بحبها، كل حاجة بقيت بعرف أعملها بعد ما كانت محبطة بالنسبة لي وبتحسسني بالعجز، كل حاجة لسة عندي شغف إني أتعلمها، مبسوطة من حبي للتعلم والحماس اللي بيحصل لي مع كل مرة حسيت إني رايحة أتعلم حاجة جديدة.

لكن مقدرش أنسى وأنا بعدد أسباب الامتنان حد قريب مني ممتنة له من هنا لآخر العمر، وشاكرة ربنا على وجوده في حياتي، حد قبل يسمع لخبطة وضلمة كتير، حد سمع الوحش والضعفات بكل صدر رحب وشارك في الحلو والنجاحات بكل حب. حد بقتنع كل يوم إنه أكيد متعرفتش عليه صدفة، لكن ده أكيد من كرم ربنا ومحبته ليّ، عارفين الناس اللي بيبقى بيننا وبينهم كيميا من نوع خاص؟ وتلاقي الكلام رايح جاي بينكم بدون مجهود، وتلاقي نفسك عارف تشارك معاه الاهتمامات والأحلام والشغف والطموح، هو ده بالظبط اللي عايزة أشرحه، فيه ناس كده بيبقوا على شكل هدايا تلمس القلب وتريحه.

عايزة أقول كمان إن كل نقاط الامتنان دي مبتلغيش إنه فيه خوف، قلق، مشاعر سلبية ممكن تحصل، مبتلغيش إن لسه فيه حاجات نفسنا فيها ومحتاجين نوصلها، لكن مع كل ده إحنا مبسوطين بحياتنا لحد هنا، لحد اللحظة الحالية، مبسوطين وراضيين ومتشجعين. أعظم ما في الامتنان إنه يريك الله، بياخدك له، بيفكرك إن السكة متكملش إلا بيه، وإن من غيره ومن غير رحمته بينا نتعب وحياتنا تقف، الامتنان بالحاجات الصغيرة بيقولي إن الحياة من ربنا وبيه وله.

المقالة السابقةالامتنان: سلاحي الذي حاربت به الاكتئاب
المقالة القادمةفى رحلة معرفة الله: القلب موصول بالخالق في كل وقت
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا