من قلب الأزمة: مع محاولات التكيف كله بيعدي

1304

بقلم: روكسان رأفت

يا نهار أبيض! 3 أيام في البيت قاعدة بالأطفال مفيش خروج، والمية والكهربا احتمال يقطعوا، وأنا عندي مشكلة في النت وهو كمان قاطع، طيب أنا هعيش إزاي يا ربي؟!

دي كانت أول جملة أنا قلتها في أول 3 أيام من العزل المنزلي اللي إحنا عايشين فيه، واللي ابتدا في شهر مارس بسبب سوء الأحوال الجوية. وبعد ما قعدنا الـ3 أيام دول في البيت جاتلنا الأخبار إن هيتم إيقاف المدارس والجامعات أسبوعين بسبب ظهور بعض حالات كورونا في بعض المدارس. والحقيقة كان ده الخبر اللي جاب أجلي، لأني أصلاً كنت مستنية الـ3 أيام دول يخلصوا بفارغ الصبر. قلت يا ربي هو أنا ناقصة! أنا استحملت بالعافية الأيام اللي فاتت وما صدقت العيال هيرجعوا يروحوا المدرسة وأرجع أنطلق وأعمل كل اللي نفسي فيه.

بداية التعايش

الجدير بالذكر بقى إن مكانش عندي حاجات معينة محتاجة أعملها، يعني معنديش شغل مستعجل أو مشاوير معينة أو حاجة محتاجة أشتريها، لكن كان عندي فكرة بتقول أنا كده محبوسة ومش عارفة أعيش حياتي. والحقيقة إن ممكن تكون دي الحقيقة، لكن مجرد تركيزي عليها وعدم تفكيري في شيء تاني غيرها خلاها صعبة وغير محتملة.

مع بداية أول 15 يوم في العزل المنزلي ابتدت أعصابي تفلت وغضبي يزيد، كنت غير متقبلة تمامًا فكرة إني هقعد كده كتير، واحتمال لأجل غير مسمى. كانت كل أفكاري إني أكيد هكتئب ومش هقدر أستحمل وهعمل إيه لو اكتأبت؟ كل حاجة مفيش. مفيش جيم لأنه قفل، مفيش مدارس، مفيش زيارات ومفيش أي حاجة. وحتي لما كان لسة مفيش حظر، فكرة إن فيه مرض حواليك دي لوحدها كفيلة تخوفك تخرج برة البيت.

خطة إنقاذ

فضلت على ده الحال أيام كتيرة، بصحي كل يوم مترقبة ومستنية إيه اللي هيحصل وإيه آخر التطورات وإيه اللي هيحصل بعد كده. لغاية ما قريت بقي البوستات بتاعة “ده وقت لقطة وهننجز فيه كل ما كنا نتمناه طول الحياة”. تحمست للفكرة دي، وقلت دي اللي هتنقذني، أنا أحط خطة وأهداف تملا كل الوقت بحيث ملقاش وقت للزهق أصلاً، خصوصًا إني من الناس اللي بتحب تستغل الوقت وتعمل فيه حاجات كتير.

ولما جيت أعمل كده معرفتش. الجو العام كئيب، العيال صعبين مش قادرة أنجز منهم حاجة، وأنا كتير بيبقى مليش نفس أعمل حاجة. أفتكر في يوم كتبت بوست بقول فيه إني مش مستحملة، فواحدة صحبتي عايشة في بلد تانية قالتلي اجمدي إحنا بقالنا شهر قاعدين في البيت. النهارده وأنا بفتكر الكلام ده وبكتب مقالي ده بستغرب أنا إزاي عايشة طبيعية لحد دلوقتي؟ وبفتكر أحمد حلمي في فيلم “إكس لارج” لما قعد يصوت ويقول “أنا مش جعاااان”.

نسيت أقولكم إن دي كانت واحدة من النقط اللي راعباني، إني أكيد هتخن ومعرفش أرجع لوزني الطبيعي.

احترس من توقعاتك

المهم إني تقريبًا كل اللي كنت خايفة منه حصل: المدة طالت، وزني زاد شوية، العيال قعدوا معايا طول الوقت، زهقت أوقات، مشوفتش حبايبي لمدة طويلة، قضيت العيد وشم النسيم في البيت.. ودي كانت حاجة مستحيل أتخيلها، لأني متعودة أخرج في الوقت ده كتير جدًا.

محاولات التكيف من قلب التجربة الشخصية

أنا مستغربة إزاي اتكيفت كده، لكن فيه بعض النقط ساعدتني (ده في خبرتي أنا الشخصية طبعًا):

1. التكيف موجود عندنا كلنا، لكنه عضلة محتاجة تتمرن على حسب وقت الاحتياج لاستخدامها.

2. عيالي علموني كتير لأن تكيفهم ساعدني أحس إن ينفع نتبسط بحاجات بسيطة. عيالي متعودين على الخروج أكتر مني ومع ذلك متعايشين.

3. أنا خلقت أجواء بسيطة لكن فرقت كتير: بلبس لبس الخروج وأقعد بيه شوية، أكلت في طقم الأطباق الصيني في العيد وعملت أوبن بوفيه، بلعب رياضة في البيت.

4. لاحظت وقلت لنفسي إن كل شيء في أوله صعب. دلوقتي أنا متعايشة أكتر من الأول.

5. بقبل إني عادي ينفع أزهق وأعيط وإن الفكرتين مش متضادتين لكن بيعيشوا مع بعض.

6. لما بتكون ممنوع من كل حاجة بتقدر قيمة القليل زي تمشية حوالين البيت.

7. كلام اللي حواليك بيأثر جدًا، جوزي مرة قالي قربتي تكملي شهر إنتي والعيال في البيت برافو عليكم، عشان كدة لازم أختار هسمع كلام مين.

8. لازم أمتحن الأخبار اللي بسمعها والأفكار اللي بتجيني، مش كله يتصدق.

9. التكيف مش معناه تغير شخصيتك، أنا لسة بحب الخروج ومقابلة الناس، لكن معناه إنك توصل بحياتك لأفضل شكل ممكن وإنت بتحافظ على سماتك الشخصية.

10. هل معنى كلامي ومعني التكيف إن مش فارق معايا إن الازمة دي تخلص؟ لأ طبعًا، لكن أنا تكيفت وعشت وتعايشت وهي دي الحياة.

اقرأ أيضًا: الحظر هدنة نرى بها قيمة الحياة

المقالة السابقةوحدي لكن ونسان وماشي كده خواطري
المقالة القادمةرحلتي من آخر الشارع إلى ناصيته
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا