كيف تكسرين دائرة العنف الأسري ؟

912

بقلم: آية أشرف عبد الحي

أصبح مفهوم العنف الأسري مفهومًا شائعًا وواضحًا في الآونة الاخيرة، وخصوصًا بعد جائحة كورونا التي أسهم فيها الحجر المنزلي، بجعله بيئة خصبة لازدياد عدد المعنفين. العنف الأسري يتشكل في التهديدات النفسية والاعتداءات الجسدية والجنسية، خصوصًا في الحلقة الأضعف من الأسرة، وهم الأطفال والنساء وكبار السن، وهو العنف الناجم عن التوترات النفسية في الأجواء المحيطة لدى الأشخاص الذين فقدوا نشاطهم اليومي وأصبحوا أكثر عزلة في البيت.

لا تعتبر التغييرات الحياتية التي سببتها جائحة كورونا هي وحدها السبب، لكن أيضًا بعض العادات والتقاليد الاجتماعية التي قد ساهمت في تربية أحد الآباء على العنف مسبقًا، قد يجدها تنفيسًا له الآن، بعد أن أصبح لديه أو لديها النفوذ في استخدامه مرة أخرى، ولكن تلك المرة بدافع التربية الصحيحة، أو عند بعض الرجال (هكذا يستطيع فرض سيطرته على منزله)، مما نسميه تناقل إنتاج العنف عبر الأجيال المتعاقبة.

سرعة الغضب والسلوك العدواني المصاحب له قد يدفع بعضهم إلى ارتكاب جرائم نفسية في حق أطفاله، فينتج عنها إما آثار جسدية وأمراض يصعب معالجتها، فيفقد الطفل قدرته على تواصله مع المجتمع، ويفقد جزءًا من حياته نتاج أشخاص غيره.

إستغاثات النساء من العنف باتت أمرًا لا يقتصر على الأزواج، لكن الآباء والإخوان قد يكونوا عنصرًا مشاركًا أيضًا. وتتعدد أشكال العنف الأسري ولكن لا تزال تشمل أمورًا أخرى، كالإكراه أو الاختطاف أو الإهمال أو حتى الحرمان الاقتصادي. وحسب الدراسة التي أجرتها منظمة الأمم المتحدة للمرأة أن واحدة من كل ثلاث سيدات حول العالم تعرضت للإساءة الأسرية، وكذلك البيان الصادر من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بالتعاون مع المجلس القومي للمرأه، فهناك 5 ملايين و600 ألف امرأة يعانين من العنف سنويًا.

الكثير من الدول تدين العنف ضد المرأة وتعترف بالتزامها بسياسة تستهدف محاسبة كل المتسببين فيه، واضعين قوانين رادعة وجزاءات قضائية وجنائية، تعويضًا عن جزء من الضرر الذي لحق بهؤلاء. وقد ازداد الوعي المجتمعي ووظيفته مؤخرًا في توعية وطمأنة كل مواطنيه من متعرضي العنف والإساءة من كلا الجنسين وكل الأعمار، كما تحركت منظمات تدافع عن حقوق المتضررين وتوكيل محاميين لغير القادرين.

ويقع على عاتق الإعلام الدور الذي يجب عليه أن يزيد من برامج التوعية حول مخاطره وتأثيره مجتمعيًا ومساندة ضحاياه، ومساعدتهم في توفير وسائل المساعدة والاستغاثة، وتعريفهم بحقوقهم المكفولة لهم.

ولكن.. ماذا تفعلين كي تكسري دائرة العنف؟

أولاً: إن كنتِ من المتعرضين للعنف بشكل مستمر أو أحد أطفالك فعليك البدء في التفكير لإنهاء هذه الإساءة المنزلية، التى تؤثر سلبًا على حياتك، عن طريق إيجاد أشخاص ذوي ثقة للتحدث معهم.

ثانيًا: ألا تشعري بالذنب تجاه نفسك، فأنتِ لست مقصرة في شيء، الجاني فقط هو من يقع على عاتقه الذنب، ويجب أن يتحمل عواقبه.

ثالثًا: استعلمي عن المراكز الاستشارية المتخصصة القريبة منك، واستفسري عن وضعك الحالي وكل ما يخص الإجراءات القانونية والعواقب الواقعة على المسيء، حتى لا يكون هناك أي خطر عليك أو على أطفالك.

ثالثًا: كثيرًا ما يستغل المعنف اعتماده المالي، لذا حاولى تخصيص أكبر مبلغ ممكن، حتى يمكنك تأمين مصروفاتك فيما يخص خطواتك ضده مستقبلاً.

رابعًا: قد يحاول المعنف تهديدك وتهديد أطفالك أو مطاردة وإيذاء أحد أفراد عائلتك، لذا اتخذي كل خطواتك بحذر وبما فيه أمان لكِ ولمن حولك.

خامسًا: إن كنت أحد المحيطين بالشخص المتعرض للإساءة، فقد تلحظ بعضًا من الدلالات عن الإيذاء الجسدي أو النفسي. عليك الآتي:

1. هيئ الجو المناسب للضحية في الكلام.
2. أظهر الدعم والمساندة بعدم التشكيك والإنصات بجدية واهتمام وتقدير مشاعرها.
3. اترك لهم المساحة الأكبر في الكلام كى يعبروا عما يشعرون.
4. عدم القيام بأي رد فعل دون الرجوع إلى الضحية، لأن تقدير الموقف بشكل خاطئ قد يزيد من التعنيف والضرر لا تقليله.
5. توفير الوسائل المساعدة لهم في أي قرار يتخذونه.
6. تهيئة الجو الملائم للدعم والمساندة، فهذا أكثر ما يحتاجون أن يكونوا محاطين به.

لذا فلنعلم أن العنف الأسري يفشي جرعته السامة في المجتمعات.

فالعنف يولد عنفًا، فبرأيكن هل يتحول مصدر الأمان إلى عدو؟

المقالة السابقةالحدود في العلاقات: ما أهميتها وكيف تضعها؟
المقالة القادمةالخرس الزوجي يصيب الرجال كلهم.. لا أستثني أحدًا
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا