بقلم: سارة إسماعيل
يظن كل ثنائي قبل الزواج أنهما مختلفان، ولن يقعا في مشكلات من سبقوهما، وسيحققان توقعاتهما بكامل ملامحها، خصوصًا لو كان زواجهما تتويجًا لقصة حب. لا يعرفان أن المعظم يقع في فخ التوقعات. توقعهما أن حبهما وحده يكفي لمواجهة مشكلات الزواج، فيجدا أن الحب يجعلهما يتغافلان قليلاً، أو يقلل من فترة الخلاف، لكن التفاهم سيقلل نسبة الخلاف من الأساس، يكتشفا أن التقدير والاحترام سيُنسِي كل منهما أي تعب، ويزيد رغبته في إسعاد الآخر. يجدا أن التكافؤ المادي والاجتماعي والتعليمي والأهم التكافؤ الفكري سيجنبهما خلافات كثيرة، ويجعل نظرتهما للأمور ووجهة نظرهما غالبًا متقاربة. لكن هل نتغير بعد الزواج؟
هل نتغير بعد الزواج؟
توقع تغيير الآخر بعد الزواج النابع غالبًا من كلام من حولهما، فكلما اشتكى أحدهما في فترة الخطوبة من عيوب الآخر التي تزعجه كثيرًا، سمع جملة “بعد الجواز هيتغير/ هتتغير”، فيحدد كل منهما العيوب والطباع التي لا تناسبه استعدادًا للتغيير. لكن تأتي رياح الزواج بما لا تشتهي سفن التغيير، فيتفاجأ كل منهما برغبة الآخر في تغييره، دون أي اعتبار لملامح شخصيته وهويته! ويبدأ صراع التغيير.
بعض الرجال خاضوا حرب التغيير مع زوجاتهم ونجحوا فيه، لكنهم فوجئوا بتحولهن إلى شخصيات أخرى باهتة بلا ملامح، بلا روح، فالعيوب والطباع التي نبغضها جزء أصيل في الشخصية التي نحبها، جزء ساهم في تكوين هذه الشخصية. الحب هو تقبل الآخر كما هو بعيوبه قبل مميزاته، وإلا كان إعجابًا وليس حبًا! لا أعني بذلك عيوبًا جوهرية كالإدمان مثلاً.
اقرأ أيضًا: حمول زائدة
السعادة الزوجية بشكل مختلف
توقع السعادة المستمرة كأبطال المسلسلات التركي، مصحوبة ببيت منظم، وأناقة، وأطفال كأطفال الإعلانات
وتأتي صدمة الواقع بمشهد مختلف تمامًا، ببيت عادي يشبه بيوتنا مليء بألعاب الأطفال في كل مكان، وأطفال يبذلون قصارى جهدهم باستمرار في إفساد أي نظام، أو أي أناقة. لكن هذا المشهد منتهى السعادة والحب، وهذا المشهد واقعي أكثر، فالحب هو أن ترى حبيبك في أسوأ حالاته ولا ينقص ذلك من نظرة حبك له. وأطفالك يمارسون نشاطهم بمنتهى التلقائية. حتى أبطال هذه المسلسلات في الحقيقة تطالعنا الأخبار دومًا بفشل علاقاتهم العاطفية، وخياناتهم!
توقع كل منهما أن يترك الآخر عالمه ويدور في فلكه، فقط لأنه يحبه!
ويبدأ صراع جذب كل منهما الآخر لعالمه، خصوصًا الرجل. الحب لا يعني أن يترك كل طرف عالمه ويذوب في عالم الآخر. الحب لا يمنع أن يكون لكل منهما عالمه وأهله وأصدقاؤه ومساحته الخاصة، والثقة في حب الآخر هو أن تتركه لعالمه وأنت واثق أن حبك ومكانتك لن يقترب من حدودهما بشر.
سر الزواج السعيد
نحن من نرفع سقف التوقعات، ونحمِّل الزواج مفاهيم خاطئة، ونختصره في فرعيات وننسى الأساسيات. نتوقع من الزواج شكلاً للسعادة غير التي يمنحها. كلما ارتفع سقف التوقعات الخاطئة، زادت خيبة الأمل.
الواقعية هي الحل. أن يعي الطرفان أنهما على أعتاب حياة كاملة بحلوها ومرها وتحدياتها وإنجازاتها وخسائرها، وقرارات واختيارات تحدد مصيرهما ومصير أولادهما، نحن من اختصرنا الزواج في الـ”فوتو سيشنز” المنتشرة على فيسبوك، مصحوبة بتعليق “الحلال طلع حلو قوي”. مدة تصوير هذه الصور لا تستغرق سوى ساعات على الأكثر، لكن الزواج عمره عشرات السنوات. ولا ننسى أن الاختيار السليم من البداية سيجنبنا الكثير من خيبة الأمل.
اقرأ أيضًا: السعادة الزوجية والعنقاء والخل الوفي