بقلم/ سلمى شعبان
كنت وما زلت أسمع هذا المثل، وأشعر أنه غير حقيقي بالمرة، فقد كنت أعتقد أن هناك بعض الرجال فقط هم الخائنون، فأنا ضد نظرية القولبة في أي شيء. أنا ضد قولبة المرأة بصفات الضعف والخبث والمسكنة، وضد وصف الرجل بالخيانة والقوة والذكاء المفرط. فقد يحدث أن تجد من أي الفئتين من لا يملك هذه الصفات مجتمعة أو منفردة. ولكنني بدأت أشك، بل وبدأت أؤمن بحقيقة هذا المثل.
فعلاً يا مآمنة للرجال يا مآمنة للمية في الغربال.
كنت وإلى وقت قصير أردد على مسامع صديقاتي أن الرجل إذا خان أو ظلم أو أهمل، فهناك سبب ما أوصله بالقطع إلى ذلك، فأي علاقة من طرفين تحتاج مجهود من الطرفين لإنجاحها، ولكنني رأيت أمامي علاقة زواج تنهار ودون أي لوم على الزوجة، فقط لأن الزوج يشعر أنه يريد أن يتزوج بجديدة، وأن يترك القديمة بعد زواج دام ما يقرب من عشرين عامًا، ودون سبب واضح غير أنهما فقدا التفاهم فجأة. هل يعقل هذا بالله؟! هل يفقد الإنسان التفاهم مع الآخر فجأة بعد أن كان متفاهمًا ومتفهّمًا لكل شيء؟! هل يعقل أن يحدث هذا بعد الزواج والأطفال وعشرات السنين التي مرت من التعب والوحدة والسهر والألم؟! لا زلت أتعجب من قلب الرجل هذا الذي يستحل الظلم ولا يرى فيه أي ظلم، بل يراه منتهى العدل له.
نعم.. يا مآمنة للرجال يا مآمنة للمية في الغربال.
فعندما يجد الرجل زوجته قد وصلت لمرحلة من التعب الجسماني والنفسي والإرهاق الكامل، بسبب ضغوط الحياة التي صنعها هو لها، وتركها فيها دون أي مساعدة، بل وتمادى قائلاً “ما كل الستات بتعمل كده!”، هذه الجملة اللعينة التي يقولها كل زوج لزوجته يوميًا ألف مرة، يجد نفسه يحتاج إلى تجديد شبابه وتغيير نمط حياته، ولكن لماذا مع الجديدة؟ لا أفهم! هل هذه المرأة الجديدة ستختلف عن الأولى في شيء؟ لا أعتقد أبدًا، ولكن هذا ما يظنه الرجل دائمًا.
وعلى الجانب الأخر: أحبه مهما أشوف منه.
يا للهول! أبعد كل هذا الظلم! نعم وبكل ثقة! تقول المرأة سأقبل بالوضع الجديد من أجل الأبناء، وسأصبر ولن أطلب الطلاق، أنا لا أتحمل نظرة المجتمع لي ولأولادي، وتكون المأساة أكبر إذا كانوا بنات، فلا زال في مجتمعنا هذا من يرفض الزواج ببنت أمها مطلقة. أعرف منهم الكثير. ولكن عزيزتي.. يا مآمنة للرجال يا مآمنة للمية في الغربال. لمَ كل هذه المهانة والاستهانة بحقوقك؟ لماذا تنتهي حياة المرأة بالزواج وتنتهي طموحاتها وأحلامها وشخصيتها لمجرد أنها تزوجت وأنجبت؟ ولماذا تنتهي حياتها إذا وصلت للطلاق؟ لا أدري! إنها القولبة من جديد.
إذا حدث الطلاق وتزوج الزوج بأخرى فمن المؤكد أن الزوجة أهملت، وإذا خان فمن المؤكد أن الزوجة قصرت في شيء ما، ولكن لا وألف لا، فداخل كل رجل جين يسمى جين الخيانة، يظهر في الوقت المناسب للظهور، وإذا حدثت له مثيرات خارجية تحول من جين خامل إلى جين حيوي وفعّال ونشط.
قصة مؤلمة، والمؤلم أكثر فيها أننا بعض النساء نفكر بنفس طريقة الرجال، فنحكم على المرأة التي تركها زوجها لأي سبب أنها كانت سببًا وطرفًا، وعندما نكبر ونفكر في خطيبة لأولادنا الذكور نرفض من كانت أمها مطلقة، “يا ابني مين عارف.. مش يمكن تطلع زي أمها؟!”. ومثلها قصص كثيرة لم تحدث، وقد تحدث في أي وقت، فكم من البيوت لم يحدث فيها الطلاق أو الخيانة فقط من أجل أسباب بعيدة كل البعد عن الحب والتفاهم، فبعضهم لم يخُن بسبب قلة الحيلة والعوز، وآخرون لم يفعلوها بسبب خوفهم من زوجاتهم وليس بدافع الحب، وقليل هم من لم يفعلوها بسبب الحب والود والإحساس الحقيقي بأن هذه الزوجة هي الملاذ والملجأ والسكن.
وعلى الجانب الأخر: أحبه مهما أشوف منه