هل تولد النساء ومعها اضطراب ثنائي القطب ؟

1197

بقلم/ العصماء محمد هاني

بدأ الأمر عندما أردتُ أن أقوم بتغيير ما في حياتي المملة والرتيبة، فأنا أفتقر إلى أي أحداث أو إنجاز يُذكر، أحيانًا أشعر أنني لم أعد قادرة على إعطاء الحب بعد الآن، أنا لم أعد أحب أحدًا ولا أريد أن أرى أحدًا. أعلم أنها فكرة سيئة أن أقوم لأول مرة بصبغ شعري في المنزل دون أن أستعين بخبيرة تجميل، ولكنني غامرت وفعلت وكنت أستعد للتسليم بأي نتائج، ولكي تكون المغامرة مثيرة اخترت لونًا أحمر نحاسيًا، لأشبه طقم القهوة الخاص بجدتي رحمها الله، وقد نجحت الخطة، صرت أشبه حبة الرُمانة الناضجة.

الحب الحديث.. Modern Love

بدأتُ بعدها بمشاهدة حلقات مسلسل الحب الحديث، وقد كانت حلقة آن هاثواي وهي تقوم بدور الفتاة “ليكسي” هي الأجمل والأروع، فتاة تشبه الدُرّاق بشعر أحمر نحاسي. أجل!

تستيقظ صباحًا كلها نشاط وحيوية وإقبال على الحياة، في يوم خريفي جميل، ترتدي ملابس غريبة الأطوار ولكنها مبهجة، تقرر أن تبحث في السوبر ماركت عن حبيب لطيف في موعد خفيف، كانت تشع طاقة إيجابية رائعة ومذهلة، ممُحِبة للحياة بشكل لا يوصف، أي أحد سيقع في حبها مباشرة بطريقة تلقائية وسهلة.

وفجأة صارت ملامحها أكبر سنًا، نفسها ثقيلة، قدماها لا تقويان على حملها، بشكل أوتوماتكي ارتمت في السرير.. وهكذا لعدة أيام.

لقد كانت مصابة بثنائي القطب، مرض نفسي مزمن يجعلها طوال الوقت مترنحة ما بين الطاقة العالية من البهجة والإقبال على الحياة، والاكتئاب البشع الذي يجعلها متقوقعة حول ذاتها في سرير بارد لعدة أيام. في البداية اعتقدت أنهم يتحدثون عن هرمونات المرأة المتأججة، هل تولد النساء ثنائيات الأقطاب؟!

اقرأ أيضًا: ارفضوا المرض واقبلوا المريض

اقبلني كما أنا

أفاقت “ليكسي” من نوبة اكتئابها وقررت مهاتفة حبيبها مرة أخرى لإصلاح الأوضاع، نظفت الشقة وحضرت العشاء، كانت متألقة جدًا، حتى جاءت اللحظة المرتقبة لوضع الماسكارا، اللمسات الأخيرة التي تجعل أي امرأة جميلة، ولكنها انقلبت معها بالعكس، وسقطت طريحة على أرضية الحمام، حاولت جاهدة أن تنهض ولكنها لم تستطع، لقد كان شبح الاكتئاب قويًا جدًا، تمنت أن يستمر حبيبها في الضغط على الجرس وألا ييأس ويعود، ولكنه لم يفعل.

اقرأ أيضًا: في دوائر الحكي.. رحلتي من الرفض إلى القبول

كل ما نحتاجه هو مجرد صديق

فُصِلت “ليكسي” من عملها بسبب تغيبها المتكرر، هي امرأة ذكية جدًا وصاحبة علامات مرتفعة في حياتها الدراسية. عرضت عليها مديرتها أن تحتسي معها فنجان قهوة، فهي حزينة على فقدانها موظفة رائعة في فريقها، حينها أخبرتها “ليكسي” بما هي عليه، إنها ثنائية القطب.

بمنتهى البساطة تقبلت صديقتها الجديدة الأمر وعاتبتها على عدم إخبارها، فلقد كان التعامل معها سيكون أسهل وأفضل، هناك حمل ثقيل أُزيح عن ليكسي عندما تقبلتها المديرة كما هي، بل وعرضت عليها أن تصبحا صديقتين وأن تخرجا معًا أكثر، وقتها قررت أن تتصل بجميع أصدقائها الذين انقطعوا عنها لسبب بسيط جدًا، هو اعتقادهم أنها لا تريد صداقتهم، تفاجأت ليكسي بقبولهم لها، وعتابهم واشتياقهم وعروضهم بأن يكونوا معها وأن يساندوها في جميع الأوقات، وتبادلوا الأحاديث.

ليكسي لم تُشفَ، ولن تُشفى، ولكنها صارت تتعامل مع مرضها بشكل أفضل، فقط حينما صارت أكثر وضوحًا وصراحة مع الناس ومحاطة بأصدقاء يحبونها ويهتمون بأمرها.

اقرأ أيضًا: لماذا خفت من دوائر الحكي الآمنة والأصدقاء؟

الحب الحديث مبني على قصص حقيقية وردت في عامود في صحيفة النيويورك تايمز يحمل نفس الاسم.

المقالة السابقةالكاتبات والوحدة6: في أثر إيمان مرسال وعنايات الزيات ج2
المقالة القادمةرحلة البحث عن السعادة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا