نفسك تكوني إيه بعد خمس سنين؟

639

 

بقلم/ زهرة أشرف

 

نفسك تكوني إيه بعد خمس سنين؟

أول مرة سمعت السؤال ده من خمس سنين وقتها كنت بتدرب في “المصري اليوم”، عندي تمنتاشر سنة، مكانش في بالي إجابة محددة على السؤال، جاوبت: “نفسي أكون صحفية فيديو شاطرة ونفسي أسافر جدًا”، بس لما سمعت أماني باقي زمايلي اللي كلهم كانوا أكبر مني، حسيت بإني مجاوبتش أحسن إجابة، وكانت مشكلتي دايمًا إني بحس إن مش دي الإجابة المثالية.

 

بعد فترة التدريب في الجورنال اشتغلت فيه صحفية فيديو، وبدأت أصور قصص صحفية وأكتبها، وكانت أكتر حاجة بحبها وحسيت إني عايزة أتطور فيها. تقريبًا كنت أقل واحدة بتطور في زمايلي بس في كل مرة بحس إن قدامي فرصة، وكان فيه كتير بيشجعوني ويعرفوني إن صغر سني ده سلاح والمفروض أستخدمه صح. مع أني كنت شايفة إني مش شاطرة عشان صغيرة.

 

اجتهدت وعرفت إني عايزة أكون مصورة قصص صحفية شاطرة، بدأت أقرأ كتير واتفرجت على أفلام أكتر، تقريبًا كل ما يكون فيه وقت فراغ كنت بتفرج على فيلم، وكنت بركز في التصوير والإخراج كويس جدًا عشان أتعلم، كنت بتبسط قوي لما بتفرج على فيلم حلو، وأتضايق لما أخلص رواية، ببقى عايزاها تفضل على طول.

 

حاولت مضحيش بالجامعة في سبيل الشغل، وده كان تحدي، وقدرت أنجح فيه بتقدير كبير. سبت الجورنال اللي علمني ووراني الطريق اللي عايزة أكمل فيه، في الوقت ده الكل كان بيهاجم إني همشي وهروح موقع تاني، بس منساش اللي شجع وفهم أنا عايزة إيه، كنت عايزة مكان طريق فاضي أكون أنا فيه بحرية، ولقيت ده بكل تشجيع مع أجمل مديرة ممكن تتعامل معاها.

 

حققت في الفترة دي انتصارات بالنسبالي كبيرة، إني أسيب الصحاب وأكون في مكان معرفوش أو مش محبوبة فيه بالشكل الكافي، بس استمريت. إني أتعلم بأشكال مختلفة والتعليم هنا مش تقني بس، بالعكس التعليم الأكبر كان شخصي، كان في حياتي، وإني عايزة أعمل إيه.

 

وهنا تقريبًا بدأ المسار يتغير تدريجيًا، بإني عايزة أكون صانعة أفلام. طبعًا الكلمة كانت سهلة بالنسبالي، بس نقدر نقول إني صغَّرتها لتكون مخرجة مجتهدة للأفلام القصيرة، وكان بالنسبالي في الفترة دي القصة الإنسانية اللي بصورها هي فيلم قصير، فليه ميكبرش؟!

 

في الوقت اللي بتعلم فيه ذاتيًا، كان الوقت لصناعة فيلم قصير لمشروع تخرجي مع زمايلي في الجامعة، وهنا بدأنا في مشروع فيلمنا” رحال”، وفي نفس الوقت وافقت إني أتخطب، وكانت من أصعب الفترات اللي مريت بيها في حياتي القصيرة. بدأت بكلام بعض من الناس” إنتي هتتخطبي في السن ده؟! اوعي تتجوزي دلوقتي”، سمعت كلام كتير من النوع ده، بس كان بيشجعني جدًا.

 

خلصنا الفيلم ونجح بشكل كبير في الجامعة، ودخل مهرجانات كتير محلية ودولية والصحافة كتبت، قررت أسيب شغلي عشان مكانش فيه شيء آخده من المكان أكتر من كده، كنت محتاجة تجربة جديدة ومختلفة، فقررت أسيب الصحافة، وكان من القرارات المتهورة اللي أخدتها، بس زي ما اتعودت إن فيه ناس بتكسر فيه ناس بتبني.

 

بعد استقراري في الشغل ورجعت أنا و”رحال” من مهرجان إسكندرية للأفلام القصيرة، كان الوقت جه إني أتجوز، وبعد ضغط سنة كامل بشكل مريب، كان رد فعل البعض “هتندمي.. هتخسري حياتك.. اوعي تعملي ده إنتي ملحقتيش تحققي حاجة”، وكلام من النوع ده كتير، بس تمسكي قوي بالشخص اللي حبينا بعض رغم اختلافنا. مقدرتش أفكر إني ممكن أقول لأ وقلت نعم بشرط نأخر الخلفة شوية، واتجوزنا.

 

بعد شهر واحد من الزواج كان من أجمل أيام حياتي، وكانت الخطوة وشها حلو على الفيلم وهيدخل مهرجان في هونج كونج، وحضرت أوراقي أنا وصاحبتي للسفر. قبل السفر بأسبوع حسيت بشيء غريب جوايا، فيه حاجة بتحصل جوايا معرفش إيه دي، كل يوم الإحساس بيزيد، وحسيت بتكوين كائن مني. لما اتأكدت من ده، حسيت بالانهيار لأول مرة في حياتي، شفت أحلامي والطريق اللي رسمته بيتهد قدام عيوني، حسيت بالفشل لأول مرة، قلت مينفعش أستسلم في سني ده، مش هقدر أخلي بالي من شيء صغير وبيهد طريقي، وقررت إني مش عايزاه، عشان مش هقدر أربيه ومش هحبه.

 

بعد كلام مع جوزي وأصحابي المقربين قررت إني هسافر بيه، والسفر هيكون مشقة عليه، واللي ربنا كاتبه هيكون.

 

فعلاً سافرت بتشجيع رفيق حياتي، وكانت سفرية شاقة جدًا ومهلكة بدنيًا ونفسيًا ليَّ وله. وكان للقدر رأي تاني طبعًا، إني تعاطفت مع الجنين بشكل كبير، وبدأت أتكلم معاه أنا وصاحبتي، فكانت السفرية ثلاثية وليست ثنائية.

 

رجعت مصر وقررت بقاءه ما دام هو متمسك بيَّ، كان وشه حلو علينا، رجعنا مصر بجايزة أحسن سكريبت، وبعد يومين من رجوعي عانيت من إجهاض منذر.. وهنا قلبي دق لأول مرة ودعيت ربنا إنه يحافظ عليه وإني عايزاه، واستغربت جدًا من ردة فعل زي ما اتفاجئ جوزي أكتر. وطول الوقت كنت بسأل الدكتور على البيبي، وكانت أول مرة أقول عليه بيبي مش كائن. أصبح لديَّ صديق جديد، لعبة صغيرة.

 

اليوم تميت التلاتة وعشرين، اتخرجت بتقدير كبير، اشتغلت في مجال بحبه لمدة أربع سنين، خرجت منه بخبره واتعلمت وخرجت بأجمل حبيب وشريك لحياتي، سافرت الصين ورجعت بجايزة، اتجوزت ونجحت إني أكون مبسوطة وناجحة في شغلي وفي بيتي، حامل ومستنية طفلي، اللي بيه هيزيد اللي بيصقفولي واحد. بشتغل وهشتغل ولسة فيه أفلام هعملها، ولسة فيها كتير في العمر هعمله برغم من كل المحبطين، واكتشفت إن أكبر سلاح في إيدي سِني، وبيه هيزيد فرص نجاحي أكبر.

 

شكرًا لأبويا ولأمي.. شكرًا لحبيبي ولأصحابي.. شكرًا لكل واحد صقفلي أو شجعني.. أو قالي من خمس سنين هتكوني في يوم حاجة.

 

 

المقالة السابقةعلي بحر والضرغامي والبرنس.. كله متعلق باللي مش ليه
المقالة القادمةاحذري.. هذه الأفلام بها حب قاتل
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا