من تاني

644

من تاني..

بقلم: آن سامي

قال المغني وهو بيهزأ قلبة اللي رجع من تاني يحب بعد ما كان اتكسر:

“ده البر ملوش أمان والعشق ملوش ضمان

ده رهان على حدف طوب ونشانك سهمه خايب

يا ملطشة القلوب يا جلاب المصايب”

“جلاب المصايب”

كلمة بتعدي على الودان وتشد معاها شريط الذكريات

سواء مصايب على هيئة أشخاص

أو مصايب فعلية تم ارتكابها في حق النفس أو الغير تحت مسمى “الحب”

وفالخلفية موسيقى تصويرية نشاز لنغمات خيبات الأمل والرفض وكل حاجة توجع القلب!

عجيب فعلًا امر الحب

هو أول أسباب بهجة القلب وفنفس الوقت هو أول أسباب وجعه وكسرته!

وهنا يجي السؤال”إزاي قلبي يحب من غير ما “يجيبلي مصايب”؟

وعشان نفكر في إجابة السؤال ده مهم نبقى عارفين 3 حاجات:

1- بشوف إن أكتر حد معرض إنه يأذي ويتأذي فالعلاقات هو الشخص اللي مش عارف قيمة نفسه!

أيوة… إنت قريتيها صح، يأذي مش بس يتأذي!

لما بكون مش متصالحة مع نفسي -من غير ما أحس- هلاقيني بضغط على شريكي علشان بالعافية استمد قيمتي منه للدرجة اللي ممكن تخليه ميستحملش! حاجة زي الشعور بالقيمة والرضا عن النفس وعن العيشة بتبتدي من جوة لبره مش العكس.

لما بكون مش عارفه قيمة نفسي ببقى مستعدة أقدم تضحيات كبيرة وأنا فاكرة إن ده حب لكنه في حقيقة الأمر أنا بقدم الحاجة اللي تخلي الطرف التاني يرضى عليا ويحبني وده أبعد ما يكون عن الحب!

مهم قبل ما أقبل على أي علاقة أكون فاهم’ نفسي وقابلاها، متصالحة مع ضعفاتي وعارفه مناطق قوتي. علشان محدش يستغلني وعلشان تكون توقعاتي برضة من الطرف التاني مقبوله وواقعية..علشان أستمتع فعلًا بالحب.

لما بنتحب ده بيساعدنا نحب نفسنا أكتر لكن الأساس بيبدأ من جوانا.

2-العلم والوعي بالنفس نور:

علماء النفس بيقولوا إن احتياج النفس للحب من حنية وونس وقبول زيه زي احتياج الجسم للأكل والمية والهوا.

وكل ما الواحد كان فاهم وواعي لنفسه واحتياجاته كل ما رحم نفسه وغيره من الدخول في علاقات مش مناسبة هو عارف إنها مجرد رمرمة لسد الجوع!

بحب اسمي الحوارات الداخلية دي “فن رعاية النفس”

كأني بقول لنفسي: أنا عارف أنك محتاجة للحب وده فعلًا من حقنا بس احنا لازم ناخد لبالنا من الريد فلاجز اللي قصادنا دي، قومي بينا نمشي بسرعة من هنا يللا!

وأعتقد إن اللي بيحب نفسه هيعرف يرعاها –يحذرها ويدلعها- حلو.

3-لأن الحب قيم فمهم نبقى متوقعين إن البحث عنه مش سهل:

مفيش ضمانات للأسف أن الواحد ممكن يحب من غير ما يتوجع،

وعيي بقيمتي وبتصرفاتي ودوافعي بيقلل من فرص دخولي فعلاقات مرهقة توجع القلب لكن وأنا بقرب بيبقى لازم اتكشف ووأنا بتكشف ممكن أترفض … أتجرح، بس بصراحة بشوف إن كله يهون في سبيل إني أدخل في علاقة مُشبعة بجد، مليانة بالأمان والمصارحة والقبول والدعم.

قال عنها الفيلسوف المعروف سي إس لويس:

“أن تحب يعني أن تكون معرضًا للخطر، فجرب أن تحب أي شيء وسيضعف قلبك، وربما ينكسر! ولكن إذا كنت تريد أن تحافظ عليه دون ألم، فعليك أن تحتفظ به لنفسك، لا تمنحه لأي أحد ولا حتى لحيوان. ضع عليه غلافًا أنيقًا، وبكل حذر اربطه بهواياتك ومصادر ترفيهك… خبئه في خزانة أو نعش أنانيتك، حيث الأمان والظلمة، حيث انعدام الحركة، حيث لا وجود للهواء! فهناك سيتغير قلبك، فيصبح غير قابل للكسر أو للاختراق. ولكنه أيضًا سيصبح غير قابل لاسترداد صورته الأولى. فالحقيقة، أن تحب يعني أن تكون على استعداد للتعرض للخطر”

وأخيرًا

بتمنالك رحلة آخرها حب حلو من اللي يستاهله قلبك،

ولو حصل ومرينا برفض، مش هنفقد الأمل…

الدهب لو اترمى عالارض قيمته بتفضل هي هي مبتتغيرش

الرفض مبيقللش من قيمتنا، لأن قيمتنا أصلا فينا من جوانا في جوهر القلب وجماله.

وزي ما قال جلال الدين الرومي “الجرح هو الثغرة التي ينفذ منها النور الى أعماقك”

فخبرة مؤلمة زي كده مش شرط أبدًا تكون آخر فصل في القصة بل ممكن تبقى سبب لاكتشافات جديدة ونقلة تفرق في نوعية الحياة اللي بعد كده وشكل العلاقات اللي جاية.

ولأن الحياة قاسية ومحدش فيها محصن من الصدمات فده سبب إننا منبطلش نحاول نحب وندور عالحب…

الحب اللي يلطف من صعوبة الدنيا…

ويقوي وقت الأزمات…

يونس في ليالي الوحدة…

ويشجعنا نكون أحسن من اللي فات…

 

المقالة السابقةالحب وسيرة الحب
المقالة القادمة….فأنت في الحب
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا