….فأنت في الحب

762

….فأنت في الحب

بقلم: رغدة شريف

“عندما يضاهي ارتياح الآخر وطمأنينته ونموه الشخصي بالنسبة إليك ارتياحك وطمأنينتك ونموك، فأنت في الحب”.

هكذا انتهت إحدى مكالماتي مع أحد أصدقائي المقربين الذي قرر أن يقرأ لي هذه الجملة من كتاب كان يقرأه في تلك الفترة. أنهيت المكالمة بإحساس غريب يتخللني، ووقفت بعدها كثيرًا أمام آخر ثلاث كلمات “… فأنت في الحب”، فهل الحب حالة تعيش فيها لها تعريف، أم أنه شعور تدركه في وقت ما، وكيف لهذا الكاتب أن يلخص كلمة الحب في تعريف واحد، أو بضع كلمات تجعله يكتب بهذه الثقة أنه عندما تفعل شيئًا ما ستكون أنت بشخصك في الحب!

منذ نعومة أظافرنا ونحن نتعرض لمفاهيم مختلفة عن الحب، من مصادر متعددة، إن كانوا الأهل، الأصدقاء، الأفلام، الأغاني، أو حتى الكتب. مفاهيم تجسد الحب على أنه راحة وسند، وأخرى على أنه الشعور الغامر بالسعادة لوجود شخص ما بحياتك، وأخرى تصفه على أن الحب الحقيقي أفعال وليس أقوال، والبعض يقول إنه التضحية بسعادتك وحريتك من أجل شخص آخر، وهناك مفاهيم أخرى كثيرة لن تكفي الأوراق أو الكلمات حتى أسطرها.

الحقيقة أنني أصدق أن مفهوم كل إنسان عن الحب هو نابع من خبراته الشخصية وتجاربه الفريدة في الحياة، وبما أن الحياة في حركة ديناميكية مستمرة والتجارب لا تقف أبدًا، فإن تعريف الحب يتغير مع مرور الزمن والعمر.

ليس من الطبيعي أن تجد طرفين لهما نفس التجربة والخبرة ونفس ردود الأفعال عليها، لذا يكون لكل منهم لغة الحب الخاصة به، التي يحب أن يقدمها ويُحَب بها أيضًا. الحب احتياج أصيل عند كل إنسان، لا أعلم حقًا لماذا أصبح من الخطأ التعبير عنه، ولماذا نصدق أنه كلما كبرنا في السن قل احتياجنا للحب، ولكن هذا غير صحيح بالمرة. نحتاج بشدة أن نُحَب كما نحن دائمًا في كل أحوالنا حتى نستمر في السعي في هذه الحياة التي ليست بسهلة، ونحتاج أن نُحَب تمامًا مثل احتياجنا للأكل والماء والهواء واللبس حتى نعيش بصحة نفسية سليمة. اعترافنا باحتياجنا للحب وبرغبتنا في أن نُحَب بطريقة معينة لا يقلل أبدًا من قيمتنا ولا يُضعفنا بل بالعكس هو علامة لقوتنا وإدراكنا لأنفسنا واحتياجاتنا.

لهذا نحتاج أن نفهم أنفسنا ونقدرها ونحبها، ونصدق أنها تستحق الحب. نحتاج أن نُكوِّن صورةً صحيحةً عن أنفسنا وعن رغباتنا، وعندئذ عندما يقدم لنا الطرف الآخر الحب نستطيع أن نراه ونشعر به. حبنا لأنفسنا ليس به أي شبهة أنانية بل يجعلنا نتذوق جزءًا مما نستطيع تقديمه للآخر ومما يقدمه لنا، ويجعلنا نكوِّن مفهومًا صحيحًا غير مؤذيًا عن الحب.

لا يوجد أجمل من استقبال الحب من شخص آخر، هذا الشعور لا يقارن بأي شيء آخر في الحياة، لا العمل، ولا أنشطتك المفضلة، ولا حياتك المليئة بالسفر، ولا حتى حبك لنفسك. حبك لنفسك هو بداية المشوار، أول محطة في المسيرة والرحلة الجميلة للحب التي تستمر طالما حيينا ولكنها ليست النهاية. سأعتبر مقولة الكاتب التي قرأها لي صديقي هي الغاية الأكيدة من هذه الرحلة. أن تضع في حساباتك شخصًا آخر بمشاعره وأفكاره وتكوينه النفسي ومخاوفه وطموحاته، وتجعلها من أولوياتك مع خطة حياتك الشخصية، ويكون هذا ما يفعله معك الطرف الآخر أيضًا.

“لا شيء يضاهي شعورك بأنك محبوب من إنسان يشاركك جميع تفاصيلك في الحياة… الحب هو الشعور بالاكتمال”. سوف أُنهي كلماتي بهذا المفهوم الخاص بي عن الحب في الوقت الحالي.

 

المقالة السابقةمن تاني
المقالة القادمةقصتي مع الحب
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا