لو كنت راجل يوم واحد

1235

 

 

حاولت أتخيل إني أكون راجل ليوم واحد في مجتمع زي مجتمعنا الذكوري اللي بنعيش فيه، دي في حد ذاتها تعتبر أفضلية، طول الوقت فيه استعراض قوة وعضلات بتُمارس من الذكور في مجتمعنا علينا إحنا كبنات، لمجرد ضربة حظ وإنهم بس مكتوبين في البطاقة بكلمة من 3 حروف، وكأنهم كسبوا ورقة اليناصيب هي “رجل”.

 

الأفضلية اللي بتحصل مش لشيء محدد هم أنجزوه أصلاً، ده بس عشان إحنا مجتمع بيصقف للفئة دي، أي إنجاز ممكن يتحقق من ناحيتهم بيلاقي دعم مهول من كل العيلة تقريبًا، ومهما البنت كانت بتنجز مية حاجة في حياتها بيفضل إنجازها ناقص ومطالب إنها تعمل أكتر طول الوقت، عشان حتى أغلب الكلام عن إنجازاتها بيبقى معاه كلمة “لو كنتي”.

 

السلسلة بتبتدي من البيت المصري الأصيل، أنا عاوزة أجرب إحساس الراجل اللي بيكون موجود في البيت وبتضرب أجراس الطاعة من أول ما بيدخل البيت عشان تعبان ومرهق من الشغل وإحساس الصوت الواطي اللي بيحصل عشان ميصدعش، كمان إحساس إن الأكل ييجي لحد عنده من غير أي مجهود بيتعمل منه، وممكن كمان يدي كومنت على إن مش ده اللي كان عايزه النهارده، ويتبرر لتذمره ده، ويتحط في الحسبان المرة اللي بعدها إحساس الحاجات السهلة اللي بتحصل في البيت لمجرد كونه راجل، إحساس تدخُّله في كل حاجة تخص أي حد في البيت حتى لو متخصوش، لمجرد إنه راجل، إحساس حجر الحريات لمجرد إنه عاوز كده وشايف إن ده الأحسن من غير ما يقول أسباب، ويتوافق عليها كمان، ده لو بنتكلم عن رحلة الراجل قبل الجواز.

 

لو بعد الجواز بقى فيه امتيازات هايلة.. امتياز إنه يحب براحته أي حد وبمزاجه يختار ويوقف حياة بنت معاه، وبعد وقت طويل يقول إن كل حاجة قسمة ونصيب، كمان الازدواجية في المعايير والتوهان عشان بس يقرر يتجوز، وكمان إحساسه بالزهق وإنه ممكن يغير اللي اختاره ويختار تاني عادي جدًا من أول وجديد، عشان هو راجل من غير ما أي صباع يشاور عليه ويقول ده غلط.

 

أنا عاوزة أعيش إحساس الراجل اللي مبيجربش إحساس الشارع أول ما ينزله ويشوف الكائنات اللي شايلة نفس الصفة ممكن تبص إزاي للبنات من إحساس إنه مش خايف لما يمشي في شارع هادي شوية وهو بيصفر وبيغني، في حين إن فيه نوع تاني عايش معاه في نفس المكان ماشي بمنتهى الخوف والقلق وبيتمنى يوصل لآخر الشارع.

 

عاوزة أعيش إحساس الراجل لما بيكون في مكان ويبقى طول الوقت مش مرتاح عشان مش ضامن اللي جنبه بيفكر في إيه.

 

فيه مية حاجة في سلسلة يومية إحنا طول الوقت بنعيشها ومش بنقول عليها، ويشوف الناس اللي زيه بيعلقوا على حوادث تحرش على إن البنت السبب، ممكن وقتها عشان هبقى راجل هبقى قادر أشتمهم بصوت أعلى وأشاور على جُبنُهم.

 

كل الامتيازات الرجولية اللي بياخدها من المجتمع من وهو طفل ميكونش عدي الـ10 سنين لما بيتحرم من حق طفولته ويتطلب منه إنه يمارس دور تاني أكبر منه بمراحل، بس عشان يشيل الراية ويتعلم إن له قوة خارقة، وكلمة سحرية اسمها “عشان أنا راجل” ممكن تخليه يتعلم يهين ويضرب عشان هو حمش، وشايف إن ده ميصحش، ممكن تخلصه من كل موقف يكون فيه أناني وبني آدم غير مسؤول.

 

وبعدين بتكمل سلسلة القمع والازدواجية لحد ما بيطلع للمجتمع كائنات مشوهة مكبوتة عاطفيًا وجنسيًا وعقليًا كمان، كائنات بس حاسة بباور في صفة بتملكها هيكونوا عندهم انفصام أغلب الوقت، عاوزين الحاجة وعكسها، بيصارع كل حاجة جواه، وكل حاجة إنسانية ممكن تخليه أفضل عشان ممكن يتفهم عنه إنه أضعف، فيفضل يقاوم أي شعور إنساني بيملكه أو أي رغبة في التفهم والاحتواء لناس حواليه، ويتعلم إن العياط ضعف، ويطلع روبوت بس مكمل مسيرة ناس تانية مفتقد للهوية الإنسانية.

 

نفسي أي راجل يتعلم إن الرجولة في عقله وفي تصرفاته وفي التزامه، وإن أي هوية فيها سلب حقوق ومشاعر كائن تاني هي هوية مزيفة ومثيرة للشفقة.

 

كأنهم كسبوا اليانصيب لمجرد كونهم رجالة

 

المقالة السابقةصديقتي الوردة.. لو كنت رجلاً لتزوجتك
المقالة القادمةالتحول الجنسي من رجل إلى أنثى كيف رأته السينما المصرية
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا