التحول الجنسي من رجل إلى أنثى كيف رأته السينما المصرية

2118

ماذا لو كنا رجالاً، سؤال لا بد أن تطرحه كل أنثى على نفسها في يوم من الأيام، لا يهم إن كانت طفلة أم مراهقة أم شابة أم سيدة عندما طرحته على نفسها أو على من حولها، لو كنا رجالاً لأصبحت الحياة مختلفة بكل تأكيد، لعاملنا الأهل بطريقة أخرى، لنظر إلينا المجتمع نظرة مختلفة، ولكُنَّا تصرفنا بشكل بعيد كل البعد عن تصرفاتنا الحالية.

عانت “بيونسيه” في أغنيتها الشهيرة “If were a boy” في تصور شكل حياتها إن كانت رجلاً ولو ليومٍ واحد، فمرة تقول إنها ستتعامل بجفاء واستهتار وإهمال، وهذا بالضبط ما تعاني منه وستقوم بفعله والاستمتاع به، ثم تقول بعدها إنها ستجعل من نفسها رجلاً أفضل يكون ممتنًا لوجود امرأة تحبه، ثم تعود وتقول إنها ستغلق هاتفها وتكذب بشأن مكان وجودها، لتتراجع مجددًا مكررة أنها ستمتن لوجود امرأة في حياتها كرجل. لم تعلم “بيونسيه” ماذا سيكون تصرفها بالضبط إن كانت رجلاً ولو ليومٍ واحد، هل ستقوم بكل الأمور التي يقوم بها الرجال وتكرهها النساء، أم ستكون بالفعل رجلاً جيدًا؟ لم تعرف أبدًا الإجابة.

لكن نظرًا لأن معرفة الإجابة تبدو مستحيلة في الحياة الواقعية التي نعيشها، حاولت السينما أن تجاوب على هذا التساؤل: ماذا إن تحولت النساء إلى رجال؟ كيف سيحدث ذلك؟ وكيف ستتعامل النساء؟

تعرضت السينما المصرية والعالمية لهذا الموضوع بثلاث طرق، الأولى أن ينقلب العالم تمامًا فتتصرف النساء مثل الرجال والعكس صحيح، الطريقة الثانية بأن تتحول فتاة واحدة إلى رجل ويتحول رجل واحد إلى فتاة بينما يظل المجتمع على حاله، أما الطريقة الثالثة فهي الطريقة الأقدم على الإطلاق، وهي أن تتنكر النساء في هيئة رجال.

الطريقة الأولى أن تتصرف النساء مثل الرجال والعكس 

I’m not an easy man

هو الفيلم الوحيد في هذه القائمة الذي لا يدور في إطار كوميدي، يدور الفيلم الفرنسي حول رجل لعوب يستمتع بإرباك النساء اللاتي لا تبدون متحمسات للخروج معه. ثم فجأة يتحول العالم بأكمله من حوله ليتبادل الرجال والنساء الأدوار، بالطبع لا تزال المرأة هي من تحمل الأطفال في أرحامها، ولكنها في نفس الوقت هي من تقوم بالصرف على المنزل ومغازلة الرجال والحصول على الوظائف العليا بالمرتبات الكبرى، بينما على الرجال أن يحلقوا أرجلهم ويجلسوا مع الأطفال ويتعرضوا للتحرش الجنسي في الشارع والأماكن العامة.

طوال الفيلم يحتفظ البطل بذاكرته، فيتعجب من كل شيء ويحاول أن يغيّر الواقع الذي وجد نفسه بداخله للواقع الذي يعرفه، وعندما يفشل يقرر أن يجاريه ليكتشف مدى صعوبة الأمر، وفي نهاية الفيلم تحدث مفاجأة صغيرة غير متوقعة.

هاتولي راجل

تعرض الفيلم لموجة هجومية فور إصداره، فقد اعتبره الكثيرون فيلمًا جريئًا، ولكنه أعجبني عندما شاهدته، ربما كانت فكرته جديدة على المجتمع المصري، ولكنها ليست جديدة في المطلق، كما أن زاوية الطرح لم تكن بجرأة الأفلام الأجنبية على الإطلاق.

يدور الفيلم حول مجتمع مقلوب الأدوار، فالنساء هي من تغوي الرجال ثم تتنصل منهم، بينما يخاف الرجال على سُمعتهم ويأملون في أن يتزوجوا، فيعانوا من إهمال الزوجات. نرى بشكل واضح كيف يكون الظلم على شخص لمجرد جنسه.

اللطيف أن النساء في مجتمع الفيلم ظللن على نفس عاطفيتهن، حتى وإن تحجرن في البداية، فإن العاطفة تتغلب في آخر الأمر، وفي النهاية لم تأخذ المرأة في “هاتولي راجل” دور الرجل كاملاً، بل كانت تملك من المشاعر والحنيّة أكثر مما يملك الرجال في أغلب الوقت.

الطريقة الثانية أن يتحول رجل إلى فتاة وفتاة إلى رجل والعالم مازال ثابت

It’s a boy girl thing

فيلم لطيف يُصنّف من أفلام المراهقين، يدول حول تبادل الأدوار حين تتمنى فتاة أن يعرف الفتى ما تعانيه هي، فتتحقق أمنيتها ويصبح الفتى في جسدها وتدخل هي في جسد الشاب. بعد تجاوز الصدمة الأولية يحاول كل منهما أن يتعايش في الجسد الجديد، ثم يحاول المقاومة والعناد فيما يراه الأفضل من وجهة نظره، وفي النهاية يحاول كل منهما فعلاً أن يساعد الآخر في جسده لينجح الأمر.

شاهدت الفيلم في مراهقتي، أي أنني كنت من الفئة العمرية الموجه إليها الفيلم، حتى الآن أتذكر مشهدًا بعينه، حين كان الفتى في جسد الفتاة وأصيب بدورته الشهرية الأولى، فأخذ يبكي ويشعر بأحاسيس مختلفة تترواح بين الحزن والإحباط والحيرة ولا يعلم ما سبب ذلك، ثم يبدأ في تناول كميات كبيرة من الشوكولاتة للتغلب على هذا الإحساس.

رغم أن الفيلم كوميدي وموجه لفئة عمرية أقل، فإنه تعرض بشكل بسيط للمشكلة الأزلية بين وجهة نظر الرجال ووجهة نظر النساء، كيف ينظر المجتمع لكل منهما والضغوط المختلفة التي يعاني منها كل جنس، وساعدهما هذا الأمر على تقبل أحدهما الآخر.

الطريقة الثالثة أن يتنكر الرجل في زي الفتاة والعكس

التنكر في هيئة الجنس الآخر هو أمر اعتادت السينما المصرية والعالمية أن تقدّمه، واشتهرت أدوار كثيرة بسبب هذا الأمر، فإسماعيل ياسين قدّم فيلمًا “من بابه” متنكرًا في هيئة أنثوية بشخصية “الآنسة حنفي”، وفي “البعض يفضلونها ساخنة some like it hot” تنكر كل من جاك ليمون وتوني كورتيس في هيئة فتاتين من أجل الهروب من عصابة تطاردهما. وتألق عبد المنعم إبراهيم في دور “فتافيت السكر هانم”، ثم في النهاية كان الدور الأيقوني لعلاء ولي الدين في دور جواهر بفيلم “الناظر”.

رغم طرافة هذه الأدوار إلى حد كونها أيقونية بالرغم من شدة تفاهتها أحيانًا، فيلاحظ أن غالبية أدوار التنكر لم تكن الجندرة أو التمييز على أساس الجنس هو السبب في هذا التنكر، فلا أحد يريد التنكر في هيئة فتاة لأنه يحصل على امتيازات أكثر، بل يكون الأمر فكاهيًا بالأساس للهروب أو للخداع، وهذا على العكس من الأفلام المعاكسة التي تتنكر فيها الفتيات على هيئة رجال، ففي هذه الأفلام يحاول الجنس الناعم الحصول على مزية معيّنة مخصصة فقط للجنس الآخر.

للرجال فقط

من بطولة نادية لطفي وسعاد حسني، مهندستان يرفض مديرهما سفرهما للصحراء من أجل التنقيب عن البترول، لأن العمل هناك للرجال فقط، فتتنكران في هيئة مهندسين لم يظهرا وتقرران أن تنتحلا شخصياتهما، لإثبات كفاءتهما أولاً، ولإثبات أن النساء تستطيع العمل في ظروف صعبة مثلها مثل الرجل.

الفيلم بالتأكيد معروف لأغلب جيلنا، الذي كان يشاهد القناة الأولى والثانية والثالثة فقط في صغره، ولكني أقول للجيل الأصغر إن الفيلم لطيف حقًا ويتناول مسألة الجندرة بأسلوب لطيف وفكاهي، فقط إن تغاضينا عن ثقل ظل إيهاب نافع.

She’s the man

فيلم آخر موجَّه للمراهقين، ولكني لا زلت أستمتع بمشاهدته، فبطلته “أماندا بينز” لطيفة وخفيفة على الشاشة. يدور الفيلم في المدرسة الثانوية حين تقرر فتاة أن تنتحل شخصية أخيها التوأم كي تستطيع الاشتراك بفريق كرة القدم، بعد أن ألغت مدرستها فريق كرة القدم للفتيات، ولتثبت لهم أنها قادرة تمامًا على اللعب مثل الشباب.

تمامًا كما يجدر بهذه النوعية من الأفلام أن تكون، تتعرض الفتاة للكثير من المواقف المُحرجة والحرجة، بعض المشكلات وقصة حب، وينتهي الفيلم نهاية سعيدة تقليدية. بالرغم من كليشيهية الفيلم فإنه من الممكن مشاهدته أثناء تناول الطعام وستستمتعون به.

طرح هذه القضية في السينما لا يعني بالضرورة أن النساء تريد أن تتحول إلى رجال، بل يعني بوضوح أن هناك خللاً في تقاسم الأدوار والواجبات والحقوق، ولا توجد امرأة أو فتاة تريد التخلي عن أنوثتها ولو ليوم واحد، هي فقط تريد المزيد من حقوقها في هذا العالم، والسينما تساعد على إيضاح وجهة نظرها لا أكثر.

المقالة السابقةلو كنت راجل يوم واحد
المقالة القادمة14 حاجة لو راجل هعملها

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا