بقلم/ سمر درويش
إن أغلب الناس، بل أكثرهم، يؤجلون الأماني والأحلام والتخطيط للعام الجديد، بل ويعتبرون أن أواخر فصول السنة إما حصادًا لجني ما زرعوه أو تقفيل أبواب كل شيء، وكأن عقولهم لا تقبل التغيير في الفصول الأخيرة، وذلك يرجع لشدة اعتقادهم أنها نهاية العام، وكأن لسان حالهم يقول حسنًا، سوف أبدأ بعد بضعة أشهر، فأنا على مقربة من العام الجديد.
في الحقيقة ذلك يرجع إلى موروثاتنا نحو البداية، فالبداية عند شعوبنا هي بداية العام، ونقف كل عام على أعتاب العام الذي يليه ننتظر لنبدأ، لنُحسِّن ولنُغيِّر وليس لأن هذا التوقيت الصحيح النابع من داخلنا، بل لأنها بداية لسنة جديدة، ولكننا لم نتذكر أنها كأي بداية، كبداية أسبوع يختلف توقيته بتوقيت العطلات الرسمية للعاملين، فأحدهم بدايته الأحد وآخر الجمعة وفئة تبدأ أسبوعها من الثلاثاء، فتتفاوت بداياتهم وفق المكان وطبيعة العمل، ولا ندرك أيضًا أن بداية العام مثلها مثل بداية يوم تشرق فيه الشمس خارج نافذتك وداخل قلبك، فتلك البدايات اليومية يهب لنا بها الخالق حياة كاملة، فرصة ثانية، ميلاد من جديد. وفي ذات نهار يمكنك أن تقرر أن تصبح شخصًا آخر غير الذي عشت عليه سابقًا.
البداية تكون عندما تقرر أن تبدأ، تلك اللحظة هي بدايتك الحقيقة، لحظة انطلاق أول مشروع لك، ليس يوم افتتاح المشروع، بل هو يوم ميلاد الفكرة بعقلك وبداية نجاحك، هو ذلك اليوم الذي أمسكت بقلمك ورسمت لنفسك معنى في الحياة تحيا له ومن أجله.
وليس ذلك إنكارًا مني لزهو العام الجديد، بل العام الجديد يعلمني أن الحياة مستمرة، وكأنه يلقنني درسًا أن لا أتحجر مكاني، فالأعوام تمر والأسابيع تتوالى واليوم يبدأ ويذهب ويأتي غيره، فانظر إلى نفسك وأحسن صُنعك.
فمرحبًا بعام يُعلِّمني وشكرًا لعام مضى. فتعلَّم من الأيام التي تمر عليك ولا تعلُّم بغير مواجهة مُنصفة مع النفس، لنشكر فيها أنفسنا ونعاتبها، لنصلح الحاضر ونمتن للماضي أنه أوصلنا لتلك النقطة التي نقف عندها، الآن لنُحسن جودة الغد ونصنع تمييزًا يليق بنا.
تعلم..
أن لا تؤجل أحلامك. لأنك لا تضمن ما يخبئه لك الغد.
تصالح مع واقعك وتقبَّله وواجه نفسك بما ترى وتسمع.
كن ذاتك ولا تنظر لما فاتك أو ضاع منك.
كل يوم هو بداية لتكون شخصًا آخر يثق بنفسه وبأحلامه، فكن ذلك الشخص اليوم.
تعلم..
فلا حياة بلا دروس، ولا نجاح بلا رجال صنعتهم المواقف.
كن كل ما تريده، فلا يطرق بابك أحد يحقق لك ما أردت.
خذ كلامي هذا كهدايا ورسائل لأيامك الجديدة.