بقلم: شيرين شحاته
من وقت لآخر يرسل الجسم لنا رسائل مباشرة من نوبات صداع متكررة، إحساس دائم بالإجهاد؛ هدفها غلق منبه الشغل ولو ليوم في الأسبوع.
قيراط راحة ملكنا لمدة ٢٤ ساعة أسبوعيًا قابلة للزيادة في الإجازات الصيفية والعطلات الرسمية أقصر طريق لفدان الشطارة والتميز بالعمل. وقت من خلاله نقترب من كل ما هو بعيد تمامًا عن العمل، نتحرر من الملابس الرسمية والابتسامات الدبلوماسية، ونكمل صباح الإجازة مع الشمس بألوان البهجة، نضيف طاولة وسط مساحة خضراء أو بجانب شاطئ بحر مع صديق مقرب تجاهلناه عن قصد أو غير قصد طوال ستة أيام سابقة داخل ماراثون العمل، صوت وشيش البحر أو دندنة عصفور يقضي وقت إجازته معك .. ويا حبذا لو كوب عصير فريش على طرفه زهرة.
“في قلبي زهرة .. لا يمكن لأحد أن يقطفها”
مقولة للأديب والروائي فيكتور هوغو ينصحنا بزراعة زهرة مُحصَّنة من القطف بأرض قلوبنا .. كيف؟!
إجابة سؤال متعدد الأجوبة:
١- توفير تربة خصبة.
٢- تغذية الزهرة.
٣- إرواء الزهرة بصورة منتظمة.
أكيد كل الإجابات بالأعلى من أجل زهرة داخل أصيص أعلى شرفة المنزل؛ أما زهرة فيكتور هوجو فمختلفة، زهرة زرعت مع بداية وعينا بالحياة بمتطلباتها من حب وصداقة، وقت فضفضة، ضحكة، مرونة بالتعامل، اهتمام وتجاهل، وقت راحة يحصِّن زهرتنا من القطف.
غاية العمل هي الراحة
مقولة للفيلسوف اليوناني أرسطو، يفتح عقولنا أمام تساؤلات عديدة عن الدافع لكتابتها؛ هل هو إدراكه السابق للسباق المحموم الذي ستجر أقدامنا إليه قوى الحياة المعاصرة، فنظل نركض دون الالتفات لغير مواعيد العمل بالتزاماتها؟!
هل أراد أن يشير إلى ما نحن فيه الآن وهو ربط مدى نجاحنا مع غلق العدد الأكبر من الأبواب أمام أوقات الراحة؛ فتواصل معنا منذ قرون وبعد تفكير عميق من خلال مقولته؛ لعلنا نُرشِّد ساعات العمل، ونتوصل لحقيقة ستكون غائبة عن الكثير في وقتنا الحاضر؛ و هي “أن غاية العمل هي الراحة”. أجل فنحن نعمل لنتذوق ساعات الراحة بجسد صحيح غير مستهلك طوال الوقت، ونحن نعمل من أجل ابتسامة ندَّخرها داخلنا ولو مر عليها الكثير من الوقت، ونحن نعمل من أجل نفس مؤهَّلة للاستمتاع بكل دقيقة بل لحظة بوقت الراحة.
الراحة كعلاج مضمون النتائج
في بعض بل كثير من الأوقات نحصل على علاج لا يجدي بالنفع في الحالة المرضية التي نشكو منها. ويظل الطبيب حائرًا بين هذا وذاك إلى أن تستقر وصفته الطبية على دواء يتمكن من إنهاء خصومتنا مع الصحة. ولكن في حالة الكثير من المشاكل الجسدية والنفسية التي صاحبت الابتعاد عن حصولنا على وقت راحة من إجهاد مستمر ووجع قولون دائم، بل قد يتطور الأمر؛ فتتسارع ضربات القلب مع صعوبة في التنفس، والذي سينقلنا لمساءات الأرق المجهدة. فإن كبسولة الراحة إن كانت قصيرة المدى بمقدار ساعة أو أكثر يوميًا وطويلة المفعول بيوم كامل في نهاية أسبوع مرهق مُجدية دائمًا.
خطوات العبور من نافذة العمل لنافذة الراحة دون تعثر
أولًا: معرفة ما يسعدنا
أن نعرف ما يسعدنا هو أن نقدم لأنفسنا بهجة -ولو بعمر لحظات يوميًا-. وليس بالضرورة أن يكون ما يسعدنا، يسعد غيرنا؛ فالاختلاف فيما بيننا سمة الحياة.
ثانيًا: كُن مبادرًا ولا تنتظر الغير
الوقت سيظل يمر، ونحن ننتظر أن يفتح لنا الغير نافذة الراحة المطلة على ما نحب ونتمنى. وعندها سندرك أن ما لا نقدمه لأنفسنا ليس من السهولة أن يضعه غيرنا أمامنا.
ثالثًا: الاستعداد لتقبل خطط بديلة
قد نظل لوقت طويل نُعد أنفسنا لإجازة صيف مُرقمة بالأمنيات، ساعات طويلة لا تخلو من نسمات مداعبة لملامح وجه تنتظرها، شهية مفتوحة أمام كل ما يقدم إليها، ولكن قبل أن نودع أثاث المنزل والستائر المُسدلة أعلى النوافذ، يرن هاتفنا الجوال ليضعنا أمام تغيير لا بديل عنه لما خططناه .. وهنا سيكون استعدادنا لتقبل الخطط البديلة وصنع -ولو بإمكانيات متاحة- شاطيء منزليّ دليلًا قويًا على عبورنا من نافذة العمل لنافذة الراحة دون تعثر.
أوقات راحة طيبة، أساسية بحياتنا وليست دخيلة عليها.
مراجعة لغوية: عبد المنعم أديب