بقلم: روكسان رأفت
“اللهم امنحني الشجاعة لأغير الأشياء التي أستطيع تغييرها، والسكينة لقبول الأشياء التي لا أستطيع تغييرها، والحكمة لمعرفة الفرق بينهما”.
ده نص دعاء السكينة. دعاء مشهور يعرفه كل اللي دخل مدرسة من مدارس التعافي أو تطوير الذات أو شفاء النفس -أيا كان الاسم اللي بتحب تقوله عن المدارس دي-. وسواء حضرت مدرسة من المدارس دي أو لأ! فغالبا سمعت مرة أو أكثر عن الجمل الحلوة دي. أو يمكن تكون أول مرة تقرأها النهارده. جرّب كده تقرأها تاني بتأنِّي، وتفهم وتأمَّل هتلاقيها جميلة، معبرة، ينفع بجد تكون دعوتنا كل يوم.
لما قريت الدعاء ده أول مرة من كام سنة عجبني جدًا، وبقيت كل مرة يحصل خناقة جوَّايا أو حتى برَّايا آخد نفس عميق كده وأنا بأدعي الكلمات دي. وعلشان أنا بأحب قوي فكرة أعمل ايه بالكلام اللي بأقراه وأتعلمه وأعرفه؛ فلما جيت أحاول أطبق الدعاء ده على أرض الواقع لقيته صعب قوي!
أولًا: صعب نفرق ايه اللي ينفع نغيره وايه اللي نقبله ومينفعش يتغير! ثانيًا: لو افترضنا أننا عرفنا ايه اللي ينفع نغيره وحددناه؛ فدي حاجة صعبة مش سهلة. صعب نغير حاجات في حياتنا كبرنا بيها وعليها، حاجات تعودنا نعملها كل يوم، حاجات انطبعت جوانا وفينا. ثالثًا: لو افترضنا أننا عرفنا ايه اللي مش هينفع نغيره وخلاص المفروض نقبله بنواجه صعوبة كبيرة قوي علشان نقبل، يعني ايه قبول؟
لما بأفتكر الصعوبات دي بأفهم أكتر مغزى الدعاء ده، بأفهم أنه مش وصفة سحرية أو تعويذة لحظية بنقولها كده لما نغلب في حاجة، بأفهم أن الدعاء ده كأنه الحاجة اللي بتحطني تاني على تراك الحياة وبتقولي استني لحظة، فكري تاني، افحصي الأفكار، اتعلمي مهارات جديدة. لما بأفكر في الدعاء ده بأدوَّر دايمًا في أي مشكلة أو خناقة جوايا وأسأل نفسي: هل الخناقة دي أو المشكلة دي على حاجة أقدر أغيرها؟
لو الإجابة آه؛ بأروح بسرعة أفكر هل أنا عارفة ايه اللي المفروض يتعمل ولا محتاجة أسأل؟ طيب هل لو أنا عارفة المفروض أعمل ايه عارفة أعمله فعلًا؟ ولا محتاجة تدريب؟ ولا محتاجة حد يساعدني أفعل المعلومات دي؟ هل بعد الخطوات دي فيه تغيير حصل على أرض الواقع ولا محتاجة مثابرة واستمرارية وجدية؟
وعلى الجانب الآخر .. لو سألت نفسي وعرفت أن الخناقة أو المشكلة اللي جوايا دي على حاجة مش هينفع تتغير، والمفروض أقبلها، هل قادرة أقبلها بسهولة؟ هل أنا فاهمة معنى القبول وبيحصل إزاي؟ هل القبول معناه أني مأحزنش على الحاجة دي ومأغضبش أني مش عارفة أغيرها؟ هل هأفضل حزينة وغضبانة عليها العمر كله؟ ولا دي مرحلة؟ هل محتاجة مساعدة حد في أني أعرف أقبل وأعيش بالرغم من الحاجة دي؟
في الحالتين أنا مش بس محتاجة حكمة علشان أفرّق؛ إنما محتاجة رحلة، محتاجة أمشي سكة جوا نفسي أفهمها، وأعرفها، وأكتشفها. فافهم ايه اللي محتاج تغيير زي أفكاري، معتقداتي، طرق التعامل مع المشاعر المختلفة، هروبي وقت ما أنا محتاجة أواجه، مواجهتي المستمرة وقت ما الموضوع مش مستحمل صدام، حاجات كتير تخص التعامل مع نفسي والآخرين وكمان ربنا.
لكن أفهم كمان ايه اللي مش هينفع يتغير زي شكلي، لون بشرتي، حجمي، أسرتي أو أهلي، ظروف حياتي اللي فاتت، وإزاي أتعلم أقبل ده بعد ما أمر بكل مراحل القبول اللي يمكن نتكلم فيها بالتفصيل في مقال تاني.
ما بين كل المراحل والخطوات دي تفضل المواجهة والصدق والأمانة هي أهم مفاتيح في الرحلة؛ صدق دوافعك في التغيير، استعدادك للتفتيش والألم أحيانا.
يمكن تشوف أنه: وليه نعمل كل ده؟! ما خلينا عايشين وخلاص!
هأقولك: نوع العيشة نفسه، جودة الحياة، التأثير اللي ممكن تصنعه وأنت حقيقي وبتتغير، السكينة والسلام اللي هتعيشهم وأنت بتقبل ومش بتصارع مع اللي مش هينفع يتغير إنما بتوفر طاقتك للي تقدر تغيره. ولحد ما نعرف نفصل ونفرق ونتعلم ونتحسن تعالوا ندعي مع بعض دعاء السكينة.
مراجعة لغوية: عبد المنعم أديب