بقلم/ وفاء مرزوق
عارفين؟ أحيانًا فيه حاجات بتحصل في الحياة، تحس إن بعدها حصلك تحوُّل، وكأن بقى عندك تاريخين كده، زي قبل الميلاد وبعد الميلاد! بتطلع من الحدث ده مش نفس الشخصية بنفس الصفات، وكأنك دخلت معصرة بتطلع بشكل تاني.
أحداث الفقد بتعمل كده، بتعلم فيك قوي، وخاصة لو شخص قريب منك، عايش معاك في نفس البيت، كنتم في وش بعض كل يوم وفيه تعاملات وكلام ومناسبات كتير مشتركة عدت عليكم.
إحساسك وأفكارك بتتلخبط في الوقت ده، غير مراحل الصدمة اللي بتمر بيها، وطبعًا تبقى محظوظ لو حد سمحلك تعدي بيها من غير أي استنكار، تحت شعار “إن الحدث ده بيحصل كل يوم لكل الناس”، لكن وقتها إنت بتحس إن ألمك وحزنك ده يخصك لوحدك، مفيش حد زيك فيه، وإن كان ده فعلاً بيحصل لكل الناس لكن كل واحد من الناس دي تجربته متفردة عن غيره.
الناس مش بيكون واصلها يعني إيه احساسك بالشخص ده إنه اتحول من الحركة للسكون قدام عينيك، يعني إيه آخر جملة تكون “تصبح على خير” من غير ما يكون ليها “صباح تاني”! يعني إيه تقعد جنب حد تتمنى رجوع لحظة حياة عشان تقوله كلام كان نفسك تقوله ومأجله! يعني إيه فجأة بقيت تقدَّر قيمة الوقت، لا.. قيمة كل لحظة! يعني إيه بقت حياتك مش مستوعبة فكرة تأجيل لأي حاجة!
بعد فقد مُعين أو خسارة معينة مش كل حاجة يتقال عليها “خسارة”.. بتُدرك إن الخسائر دايمًا مُتعلقة بأشخاص مش أشياء، الحاجات ممكن تيجي تاني، وحتى لو مجاتش مش هتأثر فيك.
في الفقد بتعرف إن الحياة مش هي المُعلم الأعظم، لكن الموت هو المُعلم الأقوى، المُوت هو العدو الأخير وبطلانه في ذاته.
دي مش دعوة للاكتئاب.. خالص.. لكنها دعوة لتقدير قيمة الوقت، دعوة إنك متأجلش حاجة عايز تعملها. دعوة إنك تعبر للناس اللي حواليك عن حُبك وتقديرك ليهم بكل الطرق بالكلام وبالأفعال، دعوة إنك تفكر في القيمة الحقيقية للأشخاص اللي حواليك، وإنهم أهم من أي حاجة إنت ممكن تحطها أولوية عليهم. دعوة لعدم الشعور بالندم على حاجة كنت تتمنى تعملها والوقت عدى منك في تأجيل.
دي دعوة إنك تعمل ذكريات كتير مع الناس اللي بتحبها.
مش كل حاجة يتقال عليها “خسارة”