على وشك الأنفجار

714

بقلم : آن سامي

في مرة اضطريت أنزل السلم من الدور العاشر، عشان الأسانسير كان معلق،
أول ما وصلت الدور التالت قابلت اللي ساكنه فيه كانت بتنهج من طلوع السلم،
بصتلي وقعدت تزعق فيا!
قلت في بالي: الله؟! يا ستي أنا مالي؟ ما أنا قدامك أهوه نازله بطولي من 7 أدوار،
ما ردتش عليها، سيبتها تطلّع اللي عندها لدرجة بنتي سألتني: “هي بتزعق فيكي ليه؟”
قلتلها “تلاقيها زعلانه من حاجة وانفجرت فيَّ”.
الانفجار المرة دي جه في حد غريب -اللي هو أنا- فامفيش خساير كبيرة، كده كده إحنا منعرفش بعض،
لكن الخسارة بتكبر لما تيجي في القريبين، في عيالي، جوزي، أهلي، والحقيقة أنا ما أعتقدتش إن اللي الست عملته ده محدش فينا جربه!
يوم من العيار الثقيل مليان بالتفاصيل، أفضل أعبي أعبي أعبي، وألاقيني في لحظة كده خلاص مش عارفه أسيطر، وأنفجر في اللي قدامي بقى وزي ما يطلع ساعتها!
المشكلة إني لو مش مركزه مع اللي بيدور جوايا، أو حتى لو حاسة إني مش كويسة وهربت من الشعور ده بالشوبنج، فيلم، أو بأني ألهي نفسي في عمل حاجات مهمة، فكل ده مش ها يمنع القنبلة من الانفجار!
وعلى فكرة، مش دايمًا الانفجار بيطلع على شكل خناقة، ممكن يطلع على هيئة قولون عصبي، أرق، اضطرابات الأكل وغيره من الأعراض اللي بيطلق عليها نفس-جسمانية،
الانفجار بيطلع في جسمي أنا من سكات!!
المستوى الأصعب من الانفجار بقى هو لما “أتحرق” أعيش كأني مش عايشة، لا مبسوطة ولا زعلانة، زي ما يحصل يحصل، والعمر يتسرسب مني وأنا والمرارة حاجة واحدة.
العالم قاسي بما فيه الكفاية عشان كده بنحتاج لهدنة، استراحة محارب، وده مش رفاهية ولا للناس الفاضية لكنه حق، حق نفسي عليَّ،
واجب عليَّ تجاه نفسي إني لما أحس إني مش كويسة، أقف أسألني “مالِك؟”
أتكلم وأعبر عن اللي أنا حاساه.
ده زي بيدي إشارة لجسمي إن أنا حاسة بيك، ومش هطنش وآجي عليك، ولا هسيب روحي أنفجر!
أوقات هلاقيني مش عارفه أنا مالي!
أنا زي أوضة ضلمة وعاوزة أشوف فين كبس النور؟!
أنا زي سلك معقد في بعضه ومحتاجة طريقة تساعدني أفكه.
في ناس مجرد كتابة اللي حاسيين بيه كل يوم، ساعدهم يعرفوا يقولوا اللي جواهم، ويتعلموا إزاي يستوعبوا نفسهم.
وفي ناس -وأنا منهم- بحب أحكي مع حد قريب مني،
الحكي بصوت عالي بالكلام بيساعدني أفهم نفسي أكتر، أوقات بفتكر إن في حاجة معينة هي اللي مضايقاني وبعد ما أتكلم أتكلم اكتشف إني متضايقة من حاجة تاني،
وكأني لما لقيت ودان تسمعني ده ساعدني أقشر طبقات وأكتشف هو الوجع جي منين؟!
في ناس بتفرق معاها مجموعات المساندة والاحساس العظيم بتاع “ايه ده؟ ده انا طلعت مش لوحدي اللي بحس كده؟”
أوقات بس الشعور ده بيكون كافي إني أعرف أشم نفسي وأكمِّل، أعرف أقف على رجلي من تاني بعد ما كنت فاكرة إن مفيش حد فاهمني ولا حاسس بيا!
أصل في سحر بيشتغل لما بتتسِمِع صح اسمه سحر المواجدة،
المواجدة مش هي إني أصعب على حد ولا إن اللي بيسمعني يحط نفسه مكاني، لا،
ده أصلا بيبقى كأنه نسي نفسه وبقى أنا،
بقى أنا بضعفي، بحيرتي، بألمي..
والغريبة إن السحر ده لوحده كفيل إنه يهدي ويسكن الزوابع اللي جوه،
وألاقيني بقول وبجيب من جوة واطلّع وببقى مش عارفه انا حكيت ده كله ازاي؟ وإيه كل اللي انا كنت شايلاه جوة نفسي ده ومش واخده بالي منه؟
ويبقى مجرد إني أقول اللي جوايا بيخفف من الحمل اللي على كتافي،
والرؤية اللي كانت ضبابية بقت أوضح!
لما بس اتسمع صح ويكون في مواجدة!
كأن كل اللي بنحتاجه براح،
أنا فيه ينفع أكون على طبيعتي للآخر وأحس إني إنسانه طبيعية مش غريبة..
كتاف أعيط عليها دون خزي أو مصمصة شفايف من اللي حواليا إنه “مش لدرجة العياط يعني دي حاجة بسيطة؟” كل المشاعر هنا متقدرة “ده من حقك، عيطي”.
أتسمع فيه، أصله لما بنتسمع وباهتمام بنحس بالحب، بنحس إننا لينا قيمة ومهمين..
مكان يشجعني أفضح مخاوفي مهما كانت، محدش ها يتريق ولا يحتقرني، ولما أفضحها صوتها يهدا وأعرف أشوفها بحجمها الطبيعي فأتصرف معاها بالطريقة الصح.
شباك دخول النور، أتكلم فأتفهم ويتحس بيَّ، فألاقيني من بعد ما كنت واقفه محتاسة فالأوضة الضلمة المكركبة، بستنير وبشمر كمامي، وأعرف هتخلص من إيه ومحتاجة أوضب إيه على نور!
إمتى آخر مرة رحتي فيها البراح؟
المقالة السابقةالمشاركة والمساندة
المقالة القادمةالبدايات الحقيقية
مساحة حرة لمشاركات القراء

2 تعليقات

  1. احسنتي في التعبير وتوضيح مشاعر عميقة تجتاح ناس كتير بتبقى مضغوطة ومش عارفة تعمل ايه
    ربنا يوفر لك البراح اللي يساعدك دايما

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا