بقلم/ فاطمة البرجي
رغم أني من أشد مؤيدي عمل الزوجة، وأرى أن جزءًا كبيرًا من هذا النجاح يكون وراءه زوج متعاون متفاهم مقدِّر لعملها. أستطيع أن أعدد مزايا استمرار الزوجة في العمل، من ناحية إحساسها بالنجاح الذي سينعكس بشكل إيجابي على أسرتها، لا يمكننا إغفال الجانب المادي في هذه الأيام الصعبة، كما أنها تكون قدوة جيدة بالطبع لأطفالها في استمرار النجاح في بيتها وعملها معًا، لكني لا يسعني سوى رفع القبعة للزوجة العاملة التي اختارت أن تترك عملها من أجل أولادها وزوجها. ولا أستطيع أن أقف في الجانب الآخر الذي ينتقد هذا الفعل إلى حد إكالة الاتهامات بأنها قد انساقت لضغط المجتمع والزوج، الذي من المفترض منه في هذه الحالة الاحتمال والتضحية إلى ما لا نهاية، لكي يكون الزوج المحب المتفاهم المقدر، مع التأكيد أنها تستطيع أن تفعل الاثنين معًا.. تحقيق مسيرة مهنية جيدة مهما كانت طبيعة العمل وضغوطه، والنجاح في أن تكون أمًا وزوجة مثالية أفضل من مثيلتها ربة المنزل، لا يسعني سوى الاعتراف أنه لا يمكن -أحيانًا- تحقيق الاثنين معًا بنفس النجاح للأسف، وإذا كانت لن تقصر في عملها فسيكون التقصير في جهة بيتها للأسف.
أرى أحيانًا أننا نمارس ضغطًا عكسيًا على المرأة، فإذا كان المجتمع يضغط ليضعها في قالب معين من نسخة الست أمينة، حتى لو كانت معدلة، لأنه لا يجيد التعامل سوى مع هذا النوع فقط من الشخصية، فإننا نضغط بشكل عكسي لتحديد شكل واحد لكل امرأة ناجحة لا يمكن الحيود عنه، مع أن المجتمع الغربي فيه ربة المنزل التي تتفرغ لأطفالها وبيتها، وأصبحنا نحن لا نحتمل هذه الفكرة، نضعها في قفص الاتهام لنسمع دفاعها عن نفسها وعن اختيارها، تلك اللهجة الشديدة في التحذير من اختيارها والتأكيد بأنها ستندم بلا أي شك بعد عدة سنوات، وكأنها ليست الأولوية الأولى لها بالنجاح كزوجة وأم، وغض الطرف عن أن التقصير في هذا الدور بالتأكيد سيجلب الندم لها، ولا أظن أنها بهذا التقصير يمكن أن تشعر بالسعادة، فإذا كان الهدف في النهاية من العمل أو الزواج هو تحقيق السعادة، فلنترك لها حرية الاختيار في طريق تحقيق سعادتها.