سجن الخوف

1217

 

بقلم/ شروق عبد النعيم

فيه رواية للكاتبة الإيرانية مارينا نعمت اسمها “سجينة طهران”، كتبت عبارة تستحق الوقوف عندها.. “إن الخوف هو أفظع السجون على الإطلاق”.

 

مارينا نعمت كانت تروي قصتها في معتقل بطهران وهو يعد من أبشع المعتقلات على مستوى العالم.. وما تعرضت له خلال فترة اعتقالها ما كان بهيِّن.. ورغم ذلك كتبت أن الخوف هو أفظع السجون على الإطلاق.. هل كانت حقًا تعني أن الخوف أفظع من اعتقالها في طهران؟! نعم كانت تعني ذلك.

 

لذلك وجب التنوية، إن سيطرة الخوف على الإنسان تجعله شخصًا آخر يُحوّله إلى سَجين مُقيَد لا يقدر ولا يستطع، بل ولا يحاول، شخص لا يتمكن حتى من الحياة لأنه دائمًا “شايل الهم”. الخوف يجعلنا غير قادرين على إكمال مسيرتنا وإكمال الهدف الذي خُلقنا لأجله لأنه يستنفد كل طاقتنا في لا شيء، يستغل كل قوة بداخلنا لأجل إشباعه هو فقط. كأنك تلقي حَطَبًا كثيرًا لنارٍ لن تحرق سواك.

 

الخوف من الفشل، من المستقبل، من المواجهة.. الخوف من التجربة، من الأشخاص، من نفسك.. الخوف من الحب.. كلها عوائق تشوّهك وتستهلك طاقتك وقوتك، ولن تصل بك لأي شيء مُجدٍ في نهاية الطريق.. إن كان له نهاية أصلاً، بل على العكس، ستزيد مخاوفك وأحجامها يومًا بعد يوم إن لم تتمكن من السيطرة عليها مبكرًا.. ستجد نفسك أسيرًا في سجن اسمه الخوف.

 

ربما تكون مخاوفك ذات مُبرر قوي وأخطاؤك السابقة وفشلك وتجاربك وكل ماضيك هي التي ألقت بك في هذا السجن رغم أنك لم ترغب فيه، لكن باستمرار خوفك وعدم مقاومتك فإنك تبني أسوارًا أعلى وأعلى لهذا السجن.. كأنك اعتدت عليه ولا تريد التحرر منه أبدًا، خوفك يدمرك أنت شخصيًا لا يُدمر أحدًا سواك ويستنزف وقتك أنت فقط.

 

فيوم أن تقتنع أن الغد ربما يكون مختلفًا وأن ما مررت به من قبل ليس بالضرورة أن تمر به ثانية ستتمكن من تحرير نفسك بجدارة، حين تُدرك أنها حياتك أنت التي تدفنها بسبب خوفك اللا نهائي وأن الوقت المسلوب منك بسبب خوفك يُمكن استثماره في أشياء أقيم ستكون لديك القوة للخروج من وراء أسوار سجنك.

 

أنا متفقة معك على أنه لا يوجد ضمان لأن تسير الأمور على ما يُرام، وأن تُصبح حياتك “بمبي.. بمبي” لكن على الأقل هناك احتمال.. وهذا الاحتمال يستحق المكافحة والمحاولة، فهل يبتسم لنا القدر إلا بعد مجهود ومشقة؟! إنك في النهاية لن تتمكن من حل مُشكلتك ما دُمت راقدًا تحت تراب الخوف، والأهم من ذلك أن تكون واثقًا أن أحدًا لن يعتبرك ضحية أو بطلاً لأنك ببساطة لم تقم بعمل بطولي، ولست الوحيد الذي أدرات له الدنيا ظهرها يومًا، فإذا كنت مقتنعًا أنك تستحق الأفضل فربما أول خطوة نحو هذا الأفضل هي هدم أسوار سجنك وخوفك.. واقتناعك التام أن هذا الأفضل لن يجلبه إليك أحد سواك.

فدعني أصدمك بالحقيقة: إن خوفك لن يجلبه لك أحد على أي حال.

 

 

 

 

المقالة السابقةغزة – القاهرة 2: أنا بطلة
المقالة القادمةلا تقبلي بأقل مما تستحقين
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا