“ديكور”.. فيلم يتركك حائرًا

443

 

بقلم: العصماء محمد هاني

الفيلم الذي يتركك حائرا حزينا مكتئبا، يجعلك تعيد النظر في حياتك واختياراتك، تعيد التفكير في قراراتك الأخيرة “هل هي نابعة من داخلك؟”، “هل هي موافقة لهواك أم مجرد إرضاء للحالة العامة حولك؟”.

هذا الفيلم ضار جدا بالنفسية، لا أدري هل هي حالة فردية خاصة بي، أم أنها حالة عامة كان صناع الفيلم يهدفون إلى إيصالك إليها، والنتيجة أنك تخرج منه حائرا مضطربا لا تدري هل تعيش الحياة الصحيحة أم لا.

اكتسى الفيلم لوني الأبيض والأسود، ربما لأن البطلة عاشقة وهائمة في الأفلام الأبيض والأسود، أو لأنها قررت ألا تعيش حياة ملونة، قررت أن تعيش إما بالأبيض أو الأسود، لا أظن أن هناك امرأة لم تمر في حياتها بهذا الصراع، الصراع الذي يحتدم داخل كل امرأة شرقية، هل تختار الأسرة والأبناء أم الحب والعمل والطموح؟ “مها” التي تعاني مرضًا نفسيًا تتخيل نفسها تعيش حياتين، حياتها الأولى مع “شريف” الذي أحبته في الجامعة وتزوجته ويعملان معا كمهندسا ديكور في السينما.

وتمتاز “مها” في هذه الحياة بهيئتها الاستقلالية، طريقة ربط شعرها وبنطالها الجينز، شخصيتها القيادية تجاه العاملين في موقع التصوير، هي امرأة متمردة ومستقلة يعاملها “شريف” بمنتهى الاحترام، ربما قبل أن يعاملها بمنتهى الحب، ومع نسق حياتهما غير التقليدي قررا عدم الإنجاب.

أما “مها” في الحياة الأخرى، فهي امرأة تقليدية جدًا، تعمل كمعلمة رسم، مطيعة لزوجها وأمها، حنونة على ابنتها، ترتدي الملابس التقليدية المحتشمة، شعرها منسدل دائما على كتفيها بغير اكتراث، زوجها “مصطفى” الذي أدى دوره ببراعة لا توصف “ماجد الكدواني”، يحبها ويهتم لأمرها، تحمّل مرضها النفسي لمدة 8 سنوات، لم يكترث لأي مشاعر ذكورية غاضبة وهي تخطئ في اسمه، وتناديه باسم خطيبها الأول “شريف”، هو يحبها فقط ويريدها بجانبه حتى وهي مريضة نفسيا.

“مها” عانت من الإجهاض في حياتها مع “شريف”، غضب “شريف” لأنها أخلت باتفاقهما، اكتشفت “مها” بالرغم من عدم علمها بحملها إلا أنها تريد الإنجاب! وتريده بشدة وتتمنى أن يصبح لديها أطفال!

بين حياتين.. الحياة التقليدية التي تم تحميل أم “مها” ذنب بؤسها، والحياة المليئة بالنجاح والطموح والحب والقيادة، تضطرب “مها” وتحتجز في مصحة نفسية، يزورها “شريف” و”مصطفى” على أمل أن تختار بينهما، ولكنها قررت ألا تختار، وتخلت عن الحياتين، عن الأبيض والأسود، لم ترضَ بأواسط الأمور، لم ترضَ أن تصبح أمًا دون أن تصبح ناجحة، ولم ترضَ أن تصبح ناجحة دون أن تصبح أمًا، فقررت أن تترك الحياتين تمضيان لحال سبيلهما. من منا لم يحتدم هذا الصراع داخلها.

مَن منا لم تفعل كما فعلت “مها” -في كلتا الحياتين- استسلمت للأمر الواقع أمامها، وانخرطت في عملها، وقد حاولت إضافة بعض اللمسات التي ستجعلها سعيدة.

أحيانا تحتاجين لتغيير تسريحة شعرك، ارتداء ثوب جديد، الاستماع إلى موسيقى غير مألوفة، شرب نوع جديد من القهوة، قراءة كتاب جريء.. ثم ما تلبثين أن تفيقي مرة أخرى على صوت اضطرابك وإعادة النظر في قراراتك.

ما هو العلاج الأمثل لـ “مها” إذًا؟

ما هي الوصفة الناجحة للنسوة الطامحات للعمل والأمومة؟

بالتأكيد ليس تغيير نمط الملابس هو الحل، أو تغيير نوع المشروب، أو الاستماع إلى “باند” جديد، حقيقةً، أنا لا أدري ما هي الوصفة العلاجية المثلى، والفيلم تركنا دون أن يجيب.

يرى كثيرون أن المرض النفسي الموضوع الرئيسي للفيلم، ويغفلون المرأة الحائرة حول قراراتها، ولم يحاولوا حل بؤس تلك الحيرة.. وكأنها خلقت معها كامرأة.

 

 

 

المقالة السابقةالأمان.. إيه هو؟
المقالة القادمةعاوزة أبقي كويسة!

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا