الوحش الخبيث

421

 

بقلم/ سلاف الصياد

أحاول طيلة الوقت أن أهزم خوفي، نعم خوفي. خوفي من وحش كاسر قادر على البطش بنا جميعًا يتغذى على أجسادنا وصحتنا وجمالنا وحبنا للحياة.. يأكل أعضاءنا واحدًا تلو الآخر. وبالرغم من جهود كثيرة توحدت، لم نستطع التغلب عليه إلى الأبد، فما أن يبتعد ليهاجم غيرنا، فيعود من جديد ليلتهم أعز الأعزاء، كم من قريب وصديق، أب أو أم، زوج أو ابن اقتنصه ذلك الوحش المخيف.

 

بتنا لا ننام خوفًا من مجيئه، وأصبحنا على فجيعة إتيانه، يأتي فجأة دون سابق إنذار، لينتقي أجمل وأحلى من فينا، مخلفًا وراءه الحزن في كل مكان، ولطالما حاولنا أن نحاربه فننتصر في مرة ونهزم في العشرات، لعل السبب في هزيمتنا أننا نخافه وأنه يشتم رائحة الخوف فينا، ليقوى ويحقق انتصاراته.

 

لذا أكتب هذه الكلمات لأقول له:

عدوي البغيض -مهما تعددت أسماؤك- سرطان، كانسر، ورم خبيث، أو أيًا كان. لم أعد أهابك، لم أعد أفكر طيلة الليالي ماذا سأفعل إن طرقت بابي أو باب أحد من أحبائي -بالرغم من أنك بالفعل التهمت كثيرًا ممن أحببنا- فقد تغلبت على خوفي وعلى جميع ما خلفت لنا من ذكريات مؤلمة، ونحن نرى أنفسنا نسقط واحدًا تلو الآخر، ومن ينجو يتعايش مع آلام لا حصر لها رغبة في الشفاء، ثم قلق لا مثيل له خوفًا من عودة الهجوم.

 

لم أعد أهاب مواجهتك في جسدي أو جسد أي من حولي -لا قدر الله- أتمنى ألا تأتي ولكن إن أتيت أعدك أن أصارعك. فأسلحتي كثيرة وسلاحك واحد، معي الله والصلاة والصبر والعلم والأمل والتفاؤل والإصرار، وأنت لا تملك سوى البؤس.

 

فلنقف ونتكاتف بكل شجاعة لنواجه عدوًا أصبح وجوده أمرًا واقعًا، نعم سنقهرك ثأرًا لكل فقدائنا والمتألمين على يدك، فكم حمّلتنا آلامًا ودموعًا! سنحاربك ونحن أقدر بإذن الله.. كامل الصلوات وخالص الدعوات لجميع الأبطال شهداء وأحياء مرضى وأطباء حاربوا وما زالوا يحاربوا من أجل بقائنا جميعًا.

 

 

المقالة السابقةمن بعض المعاناة يخرج النور والوَنَس
المقالة القادمةكيف تستفيد من موهبتك؟
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا