بقلم: كاتي عياد
كتير مننا لما يحس بخنقة، خوف، قلق، اكتئاب، وحدة، أو أي من الأعراض اللي ممكن نمر بيها. بنحتاج قوي حد يفهمنا أو يحس بينا أو عنده قدرة يساعدنا، ويمكن ده ممكن نلاقيه في أصدقاء لينا ويبقى يا بختنا.
لكن أوقات الموضوع بيبقى أكبر من مجرد فضفضة، وبنحتاج حد أكبر من كونه صديق.. حد متخصص، حد فاهم، حد دارس ومدرك اللى بنمر بيه، سواء مدركه على مستوى مشاعرنا اللي تعبانا أو مدرك كم وحجم الألم والوجع اللي جوانا، حد مدرك الحالة اللي إحنا فيها بكل تفاصيلها العلمية بقى والنفسية.
حد مدرك إن كيمياء المخ عندنا فيها خلل في نسبة الهرمونات، سواء الهرمونات المسببة للسعادة أو للحزن، حد فاهم كمية الإرهاق اللي مريض الوسواس القهري حاسه، حد مدرك مدى ضعف وهشاشة مريض الاكتئاب ومقدار حساسيته اللي بيكون فيها، وإن أقل كلمة ممكن تجيبه في الأرض أو ترفعه لفوق.
حد فاهم إن الشخص المودي والمتقلب المزاج ده مش حد مجنون، لكن حد جواه اللي مش قادر يطلعه، حد عنده حتة من جوه قوي بتئن ومحتاجة مساعدة وتأثيرها الظاهري هو تقلب مزاجه ده، حد عنده قدرة لتثبيت مشاعره والتحكم في انفعالاته، لما تقعد قدامه حالة تقول له أنا مدمن أفلام إباحية، أو عندي دايما شعور كراهية للأب أو للأم.
حد مدرك إن ده مرض وله علاج، مش حاجة عار ومصيبة أو فضيحة أو لمجرد إن الشخص ده مهنته إنه معالج نفسي، فيقعد يدين ويوبخ أو يبص للحالة نظرة فيها تقليل من الذات أو لوم حتى لو متقالش بكلمات.
وعلى قد ما المسؤولية بتكون كبيرة وحمل إن ناس تأمني كمعالج نفسي على أسرارها، على قد ما في جانب خفي عند الشخص اللي شغال معالج نفسي ده، أنا كواحدة من ضمن الفئة دي، ودي طبيعة شغلي، أحب أوضح الجانب الخفي ده.
أنا كمعالج نفسي لازم أفحصني من وقت للتاني، عشان أفصل مشاكلي وعيوبي ونقط ضعفي وأوقات أمراضي عن حالاتي أو الناس اللي بقعد أتكلم معاهم، وده بيتطلب مني تركيز ومجهود، وعلى فكرة ده لا شيء جنب إحساس إني بعرف أساعد حد، وأخرجه من اللي هو فيه..
لكن تكمن المشكلة كلها بقى في الفكرة اللي الناس بتعممها عن المعالج النفسي، إنه شخص دايما مبسوط وسعيد وبيعرف يعالج نفسه أو يقف جنب نفسه، إن عمره ما مر بتجربة اكتئاب شديد مثلا، وإن كان ده حصل فهو أكيد مش شاطر في مجاله، وإلا كان حافظ على نفسه من الوصول للمرحلة دي، أو ده شخص مش عنده قلق أو مخاوف، أو إنه متاح 24 ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع، ولو ده بردو محصلش يبقى هو مش قد المسؤولية والحمل اللي المفروض يشيله.
بتبقى حاجة تضايق قوي لما الوسط المحيط بالشخص ده، سواء أهل أو أصحاب مش هقول الحالات بتاعته، تجرده من أي مشاعر سلبية أو مشاعر ضعف، وكأنه بقى محصن ضدها، واستحالة يتعرض لها، شيء سيئ لما الشخص ده نفسه يحتاج لحد وميلاقيش، لأن وقتها إحساس الألم عنده بيبقى مضاعف، لأنه بيحس إنه محتاج حد يساعده، ومش لاقي ولا هو في حالة تسمح له يساعد نفسه.
الخلاصة إن المعالج النفسي أو الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي هو في الأول والآخر إنسان، وكلنا كبشر محتاجين دعم وسند، كلنا بنمر بأوقات صعبة، كلنا معرضين للوقوع في أزمات نفسية، مش عيب لما اللي يعالجك من حاجة هو نفسه يقع فيها، متجرموش المعالج النفسي على أزماته النفسية.