بقلم/ مريم ظريف عيد
يسهل علينا التحدث عن الشيء لمجرد دراستنا له ودرايتنا بنصوص الدستور والقانون، ولكني سرعان ما اكتشفت أن هناك لحظات فارقة في حياة المرء، تجعله يعي أنه يعيش في فُقّاعة بعيدة عن أرض الواقع، يتحدث فيها عن إشكاليات تعصف بالمجتمع من منطلق الإحصاءات والتقارير، لا من منطلق تجارب حياتية قاسية.
حتى تلك اللحظة التي صفعتني على وجهي حين كنت أجلس مع صديقتي نناقش بعض مشكلاتها الحياتية، أنزلتني فيها من على منصتي التي كنت أتحدث من خلفها عن المرأة وحقوقها ومناهضة العنف الأسري ضدها، جعلتني أشعر بحجم مأساة الختان.
صديقتي فتاة تتمتع بجمال ملامحها، يجعل كل من يراها يُعجَب بجمالها. متزوجة ولديها طفلتان، ولكن بعد زواجها بفترة قصيرة أصبحت مشكلاتها الزوجية تزداد، بدأت حديثها قائلة “انا فاكرة اليوم ده، كان أسوأ يوم في حياتي، فاكرة شكل العيادة والدكتور، أمي قالتلي هنروح نكشف على اللِوَز، هما السبب في اللي أنا فيه، من جوزي، وبرودي في علاقتي معاه، بخاف جوزي يقربلي، منظر الدم مش مفارق عيني.. وليه أدوس على نفسي أنا كده كده مش بحس بمتعة ولا بوصلها؟!”.
ونظرًا لما يقوله الأطباء، فهذه حالة من مضاعفات الختان، وقتها لم أدرِ ما أقوله لها، مواساتي وحدها لا تكفي. صديقتي ليست حالة فردية، أعلم أن هناك الكثير منهن، ولكن الصمت يغلب خوفًا من العيب ومن نظرات من حولهن.
كما أن للختان أضرارًا جسدية طويلة المدى، وفقًا لما أقرته منظمة الصحة العالمية:
1- التهابات الأعضاء التناسلية المزمنة
يرافق الضحية التي تتعرض لإجراء الختان الشعور بالألم المزمن، وإفرازات المهبل، والرغبة في الحكة، وظهور خُرّاجات وقرح الأعضاء التناسلية.
2- التهابات الجهاز التناسلي
تسبب الشعور بألم الظهر المزمن وألم في الحوض.
3- عدوى مجرى البول
يوجد ارتباط بين الختان وعدوى مجرى البول، وفي حالة عدم معالجته بشكل صحيح، يؤدي إلى الفشل الكلوي وتسمم الدم والموت.
4- مشكلات الدورة الشهرية
تنتج عن عرقلة فتح المهبل، وتؤدي إلى الشعور بألم الدورة الشهرية الشديد، وعدم انتظامها، وصعوبة خروج الدم.
5- التأثير على الصحة الجنسية
استئصال أو تلف أنسجة الأعضاء التناسلية الأكثر حساسية يؤثر على الإحساس الجنسي ويؤدي إلى صعوبة الشعور بالمتعة، والشعور بالألم ونقص الإفرازات أثناء الممارسة الجنسية وعدم الوصول للنشوة.
6- مضاعفات في الولادة
يزيد الختان من فرصة الولادة القيصرية، والتعرض لنزيف بعد الولادة.
كما أن لها تأثيرًا نفسيًا أصعب من كل الآلام الجسدية السابقة، وهي أكثر صعوبة في تشخيصها، حيث لا يتم الإفصاح عنها من النساء بسهولة. أشارت إحدى المراجعات المنهجية أن كمية المعلومات المُعتبرة والموثوقة المتناولة للتأثيرات النفسية للختان على البنات قليلة جدًا، ولم تتناول هذا الموضوع سوى بعض الدراسات الصغيرة، التي خرجت باستنتاجات مفادها:
– الشعور بالقلق، والخوف، وعدم الثقة بالآخرين.
– قمع المشاعر، والشعور بعدم الاكتمال، وفقدان الثقة بالنفس.
فالطب النفسي، يوضح أن الختان يجعل المرأة غير واثقة في علاقتها بأعضائها التناسلية، وغير واثقة في جمال أعضائها، كما تشعر بضعف شديد في الذات قد يؤثر عليها بشكل كبير، فيجعلها تكره أن يمس زوجها أعضاءها الخاصة.
– الإصابة باضطرابات الذعر.
– المعاناة من الذكريات الصادمة أثناء الممارسة الجنسية، وربطها بأزمة الختان، كما يؤثر الختان على الميل الجنسي بطريقة غير مباشرة، إذا كانت المرأة لا تصل للمتعة ولا يلاحظ زوجها ذلك ولا يراعيه، فتتحول المسألة بالنسبة لها إلى تعذيب نفسي وجسدي، فتكره العملية ولا تشعر بالرغبة، نتيجة لذلك ما يؤدي لوجود مشكلات كثيرة بين الزوجين أحيانًا تصل إلى الطلاق.
تتم عملية ختان الإناث كجزء من العادات والتقاليد المجتمعية، فيعتبرونها وسيلة لتربية الإناث وعفتهن، ولا أعلم عن أي طهارة وعفة يتحدثون! فالعفة لا تأتي إلا عن طريق التربية السليمة والتثقيف، العفة مصدرها العقل والقلب لا الجسد.
الثقة بالنفس هي مصدر النجاح في كل شيء
كلنا جميلات سواء مختتنات أو لا، ثقي بنفسك وبجمال جسدك ولا تدعي الختان يقلل منك أمام عينيك. ابحثي عن مواطن قوتك، فقد خلقنا الله مختلفين مميزين، لكل منا ما يميزه عن الآخر، فيجب أن تبحثي عنه، واعلمي أن الجمال الحقيقي ينبع من الداخل ليظهر جمالك الخارجي.
أنت قوية كفاية لتخطي هذا الألم. تستطيعين عزيزتي تحويل كل حجر عثرة ووجع لنقطة انطلاق، اتركي ما هو وراءك وامتدي إلى ما هو قدام واعتبري “ما فات مات”.
للختان أضرار جسدية طويلة المدى أقرتها منظمة الصحة العالمية