القلب العاجز

1001

بقلم: ريم وجيه

عزيزتي سارة..

منذ لحظات أخبرتنيمريم” ابنة أختي أنني قلب، ولا أعرف أن أتكلم، لأجد نفسي مدفوعة للكتابة بقوة رهيبة بعد شهر من الصمت.

تحيرني منذ فترة فكرة الاستحقاق يا صديقتي، هل ننال ما نستحقه فعلاً، أم أقل، أم أكثر؟ تزامن هذا مع تحقيق خواطري حول الوحدة نجاح طيب، لم أتوقعه للحظة، وكنت أظنني لا أستحقه.

ما الذي يجعل مقالي هذا دون غيره يستحق النجاح أو الاهتمام؟

يتشعب السؤال مع الحياة كذلك يا سارة، هل ننال ما نستحقه ممن حولنا؟ ما الذي يحدد ذلك؟ وهل ما نريده هو ما نستحقه؟ وكيف نحقق هذه الرغبات؟

أجهدتني الأسئلة، ودفنتني تحتها لما يقارب الشهر، لأنني كما يبدو استحققت لقب القلب الذي لا يجيد الكلام من طفلة الخامسة، والتي يلقبها قلبي العاجز بمعجزتي الخالصة.

أنا منهكة طوال الوقت تقريبًا يا سارة، كمن يشد بأسنانه سيارة نقل ليصل بها لآخر العالم، أجاهد نفسي لأجد معنى لحياتي، وأحدد إطارًا لأسير من خلاله، وقيم تمثلني أستطيع تطبيقها على أرض الواقع.

ومع هذا أضطر طوال الوقت إلى معارك لا أريدها، ولا أظنني أستحقها يا سارة، ويؤلمني هذا.

كأن الله يختبر صدقي، وصدق إيماني بالقيم التي أحاول زرعها في نفسي، وأقاوم اهتزازها، وأقاوم شكوكي وألمي، لأسعى من جديد وأرجو النجاح، وأرجو ألا أتنازل عن احترامي لذاتي أبدًا، ولا عن جزء من إنسانيتي ولا صدقي.

أحاول كل يوم أن أكون شخصًا جيدًا، شخصًا فعالاً ومفيدًا. لكن لا أظنني أنجح كل يوم، ولا حتى لنصف الأيام. وأقول لنفسي لا بأس، هي خطوات، وكل فشل درس. وكل درس وسيلة لمساعدة غيرك، لذا فقيمته تتجاوز قيمة النجاح. إلا أنني أتألم، وأرغب في البكاء كطفل تائه في حي مهجور. وللأسف أعود من جديد لمربع القلب العاجز يا سارة، لم أعد أستطع البكاء، لا أدري لمَ فقدت تلك القدرة الإنسانية، رغم احتياجي الشديد لها، لكن لا أقول إلا الحمد لله.

رغم كل هذا يا سارة إنني حتمًا أنال حبًا استثنائيًا، لا أظنني فعلت أو سأفعل ما يجعلني أستحقه.

قدمت ليملك” ذات أربعة أعوام دمية اليونيكورن المفضلة لديها، لتنام بجواري متى شئت، لتمنحني نومًا هانيئًا. أمامريم” فتتقاسم معي دفتر رسوماتها لنتشارك تلوين ذات الرسم لتسعدني. رغم كل الألم يا سارة الذي منحني إياه أشخاص لم أستحقه منهم.

منحني الله ألطف رحماته ونسائمه في أشخاص لا أستحق منهم أي لطف أو حب.

ورغم عجز قلبي أحيانًا، فلم يزل يشعر بالفرح، والحب، والامتنان، والدلال، كقلب طفل.

شكرًا يا سارة لوجودك.

مودتي

ريم

اقرأ أيضًا: رسالة إلى شمس

المقالة السابقةحوادث تحرش مجمعة: ما لم أخبر به أحدًا
المقالة القادمةالتحرش والاغتصاب في مصر: رعب نعيشه كل يوم
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا