بقلم/ إنجي شفيق
أقصي درجات السعادة هو أن نجد من يحبنا فعلاً. يحبنا على ما نحن عليه، أو بمعني أدق يحبنا برغم ما نحن عليه.. نجيب محفوظ.
سعادة فعلاً إنك تتحب زي ما إنت بشكلك وتفكيرك وحجمك وعيوبك ومميزاتك، وإنت على طبيعتك ومن غير أي محاولات إنك تتجمل.
ولو قررنا نقدم النوع ده من الحب فده كلام مش سهل أبدًا.. مثالي شوية يمكن.. إحنا أصلاً اتربينا في مجتمع بيقدم حب مشروط طول الوقت. يعني كتير بنسمع ونقول نوعية كلام زي “اقعد ساكت عشان أحبك – لو خلصت الواجب هفسحك – لو مسمعتش الكلام ربنا هيزعل منك…” وحاجات كتير وكتير من النوعيه دي.
معرفتنا للحب ارتبطت بإننا لازم نعمل حاجة عشان ناخد الحب ده، سواء من الناس أو حتى ربنا، ولو معملناش الحاجات دي مش هنتحب.
لازم أبقى جميلة وشاطرة ودمي خفيف عشان أتقبل وأتحب.. وزي ما استقبلنا حب مشروط بقى الطبيعي إننا نقدم نفس نوع الحب اللي بنستقبله، ما هو ده اللي كبرنا واتربينا عليه، ده اللي شفناه وعشناه واستقبلناه.
بداية الحب هو أن ندع هؤلاء الذين نحبهم أن يكونوا أنفسهم تمامًا. وليس أن يتغيروا ليتناسبوا مع صورتنا. وإلا فنحن نحب فقط انعكاس صورتنا التي نجدها فيهم.. توماس ميرتون.
كتير بنسمع كلمه زي أنا تغيرت عشانك أو هتغير عشانك.. الحب مش عشان نبقى ناس تانيين.. الحب نفسه بيشفينا ويغيرنا للأحسن.. بعد ما تتحب من اللي حواليك ممكن أوي الحب يغيرك.. بس أوعى تتغير عشان تتحب.. الحب هو إنك تحب الناس زي ما همّ فعلاً. مش لأنهم شبهك.. لو هتحب حد وعايزه يتغير عشان تبتدي تحبه من فضلك متحبوش.
أكبر مرض لهذا اليوم وهذا العصر هو أن الناس يشعرون بأنهم غير محبوبين.. الأم تيريزا.
عدم شعورنا بالحب واحتياجنا إليه بيخلينا تايهين وبندور طول الوقت على حاجة مختلفة ننتمي ليها. بندور على مكان أو شخص نرتاح فيه ومعاه.. أعرف ناس كتير بتحاول تغير من شكلها أو عاداتها بس عشان تتحب أو ترتبط أو تتقبل وسط مجتمعها.. نقص الحب بيوجع.
الحب يشفي الناس سواء أولئك الذين قدّموه أو الذين حصلوا عليه.. د. كارل.
الحب روح.. الحب ثابت.. الحب قوة.. الحب قرار.
قعدت أفكر كتير هحب الناس إزاي أو هنجح في علاقة حب إزاي أو هحب أولادي في يوم من الأيام إزاي وأنا طول الوقت شايفة حب مشروط.
هخف إزاي؟ وأقدم حب مشفي إزاي ومنين في وسط عالم مريض وناشف في حبه كده؟!
أكتر حد بيحبني زي ما أنا أو بمعنى أصح عارف عني كل حاجة ومكمل يحبني هو ربنا بس.. ربنا اللي بيستر زلاتنا وغلطاتنا هو الرحيم والغافر اللي دايمًا بيستر ويقبل صلواتنا ودعواتنا، وهو عارف كويس أوي من جوة شكلنا إيه.. حسيت إنه كل مرة هتحط في تحدي حب لحد مش عارفة أحبه هفتكر حب وستر ربنا ليّ.. فهعرف أحب نفسي وأقبلها.. هتشفي من جوايا من كل مرة اتحبيت فيها حب مشروط، هعرف أقدم حب صح وأسامح.. إذا كان ربنا بكل عظمته بيسامحنا وبيقبلنا دايمًا!
الحب قرار.. إنك تقرر إنك تقبل اللي حواليك وتحبهم قرار مش سهل، ومينفعش فيه الشعارات، عشان قدام أول اختلاف مش هتعرف تحب.. الحب إنك تقبل جوة الشخص اللي قدامك مش براه شكله يعني أو إمكانياته.
الحب بيشفي.. جرب تحب صح وتدي صح.. تقبل عيوب الناس ووجعهم، حِبهم عشان همّ يتحبوا.. مش عشان عملوا حاجة يتحبوا عليها.. أنا بشارككم بتحدي بحاول أعيشه، هو مش سهل ولا بعرف أنفذه طول الوقت، بس بحلم إننا مجتمعنا يبقى مشفي بالحب، ولما متعرفش تحب كده أرجوك بلاش تعرّي الناس وتكشف ضعفها وتحكي عنه.. لو مش قادر في مواقف معينة تقدم حب أرجوك اسكت.. من أكتر الحاجات اللي هتساعدك تقدم حب إنك تقبل نفسك وتحبها الأول، وتفتكر غفران وستر ومحبة ربنا ليك.. دول انطلاقتك للحب.