الحب العائلي يؤثر على صحة الطفل النفسية

842

 

بقلم/ ياسمين ناجي

 

انظر إلى طفلك طويلاً حين يكون نائمًا وتأمل براءته وضعفه وخاطب نفسك: كيف أطالبه بالكثير رغم صغره؟ كيف أقيسه بمقياس سني وخبرتي؟ هل يستحق هذا المسكين أن أضربه أو أصرخ في وجهه أو أثور عليه هكذا؟

 

ذكِّر نفسك بأن أبناءك لا دخل لهم في ظروفك الخارجية التي قد تؤثر سلبيًا عليك. وأنه لا حول لهم ولا قوة، وإذا دعتك قوتك لعقابهم فتذكر قوة الله عليك عندما تعامل أطفالك. يجب عليك أن تعلم جيدًا أن أخطاء الطفل كثيرة، بعضها لطبيعة مرحلته السنية، وبعضها لمتطلبات نموه، وبعضها لسوء التعامل معه، وبعضها للمناخ السيىء الذي يعيش فيه.

اقرئي أيضًا: أجمل كلام عن طفل صغير، أجمل عبارات عن الأطفال

ومن الأمور المؤسفة أن الكثير من الآباء والأمهات أكثر دعابة مع الناس، بينما قد يحرمون أبناءهم من ذلك كله، علمًا بأن تعامل الإنسان مع أهله هو المحك الحقيقي لأخلاقه.

 

ثقوا بأولادكم فإنهم يفهمون أكثر مما تظنون. وأطلقوهم فإن أجنحتهم أقوى مما تتخيلون. قد يتعثرون في البداية ولكنهم سرعان ما ينطلقون. تذكر أنك إذا أردت أن تغير العالم عليك أن تبدأ بأسرتك، عد إلى منزلك وأحب عائلتك واهتم بهم. قد يتعب القلب من تربية الأبناء وتعاني النفس من تمردهم وهذا مما يسبب الهم والغم للوالدين.

 

اعلموا أن الحب عماد الحياة الإنسانية، ومن الضروري أن يتناول الإنسان منه جرعات مشبعة من بداية حياته، فالحرمان من الحب كثيرًا ما يلوث النفس ويدفع المحروم إلى الانحراف في السلوك أو إلى ارتكاب أبشع الجرائم، فليس هناك أقسى على النفس وأشد مرارة على إحساس الطفل من أن يكون مكروهًا وغير مرغوب فيه من أي شخص ممن يحيطون به. فإن أهم عنصر لبناء الشخصية السوية أن يحس الإنسان -خصوصًا في بداية حياته- بأنه غير مرغوب فيه من أقرب الأقربين إليه.

 

فاعلموا أن البيئة العائلية تؤدي دورًا هامًا في توجيه سلوك الطفل ومساعدته على أن ينظم دوافعه الوجدانية وعلى أن يكتسب العادات الحميدة التي تقوي الخلق. ومن أهم هذه العادات ضبط النفس وحب النظام. وغني عن القول إن النظام الذي ينشئ الوالدان الطفل عليه لا بد أن يكون مشبعًا بروح الإنصاف والعطف والتعاون.

 

وفي الحقيقة.. فإن المرض النفسي في صميمه ليس إلا علاقة مضطربة بين الفرد والبيئة، يضيع فيها الانسجام ويضطرب التوافق وتنال بآثارها المؤذية الفرد والبيئة معًا، وأن اضطراب التوافق هذا يرجع عادة إلى الأيام الأولى من الحياة حين يبدأ الفرد رضيعًا فطفلاً يتحسس أولى خطواته في التوافق مع البيئة المباشرة “الأبوين والإخوة”.

 

فهذه العلاقة خلال السنوات المبكرة من الحياة تثير في نفس الصغير ألوانًا من الخبرات والصراعات التي لا تتركه أبدًا، وتظل تؤثر في دوافعه وسلوكه برغم كبتها في اللا شعور، وبالتالي عدم إدراكه إياها على مر الأيام والسنين، مقررة له أنواع العلاقات التي سوف يقيمها فيما بعد في المدرسة والعمل والزواج والمجتمع، كما تحدد موقفه في مختلف المشكلات الخاصة فيها والعامة، التي سوف تقابله وترسم السمات البارزة لشخصيته، من إقبال على الناس وتعاون معهم أو عداء وتحدٍّ لهم، أو انسحاب وبعد عنهم.

 

المرض النفسي هو علاقة مضطربة بين الفرد والبيئة

 

المقالة السابقةيوم ختان بنتي: ما معنى الختان للبنات؟ وهل الختان يسبب البرود
المقالة القادمةاتختنت بس نجحت
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا