كان يومًا ثقيلاً في بيتي القديم، بمنطقة بولاق، تلك الصرخات التي جاءتني من منور البيت بينما أستذكر دروسي، كانت كفيلة بتجميد الدم في عروقي، لم أدرِ ما الأمر في البداية، الكثير من “بس اسكتي”، وضحكات وكلمات غير مفهومة، قبل أن يأتيني صوت البكاء لأيام تالية من الألم، مع عبارات تهكمية من صاحبة التجربة “ياختي مقتلناكيش!”.
يوم ختان بنتي
الحكاية كاملة روتها لي جارتي التي كانت تقاربني في السن لاحقًا، عن ذلك اليوم الأسود من أيام الصيف، حين انقلب بيتهم فجأة بمجيء تلك السيدة التي قامت بعمل الواجب معها
قالت لي “أنا كنت فاكراها واحدة قريبتنا معرفهاش هتقعد شوية وتمشي، فجأة لاقيتها هي وأمي وأختي بيكتفوني، ومصعبتش عليهم”.
كانت عاجزة عن الفهم، ولم يكن الألم الذي لازمها لأيام طويلة لاحقة أقل من ذلك الذي شعرت به من موقف والدتها وشقيقتها الكبرى، وظلت كلمتها “مصعبتش عليهم” تتردد في أذني لسنوات لاحقة.
كيف سخرن من ألمها وضحكن أثناء ما حدث وعاملنها باعتبارها تبالغ طوال الوقت؟!
اقرئي أيضًا: تجربتي مع الختان: متى يشفي جرح الختان وكيفية العناية
في نفس المنزل القديم، جاء الصوت في الصيف التالي، لكن هذه المرة من الشقة في الدور الأرضي، زغاريد وبكاء، لم أفهم كثيرًا، حيث كانت المسافة أبعد والأصوات غائمة
لكن المنزل الذي لم تكن تخفى فيه خافية علم جميع سكانه لاحقًا التفاصيل، بينما حظيت أنا كالعادة بالحكاية كاملة من الصغيرة صاحبة الليلة.
كانت أصغر مني بسنوات عديدة، كنت أخشى أن أسألها، وأرغب في الوقت ذاته أن أعرف كل شيء.
روت لي ببراءة شديدة “أمي نضفت البيت وقالتلي ناس قرايبنا جايين وأنا كنت فرحانة قوي بيهم، أتاريهم جايين يطاهروني، وقعدت أصرخ وأشتمهم هم وأمي، مطلعوش قرايبنا ولا حاجة”!
فرحة الصغيرة ذات السنوات الثمانية وقتها بأقاربهم وترحيبها الشديد بهم انقلبت 180 درجة، لمعة عينيها وهي تحكي عن الأقارب الذين لم يكونوا كذلك
وأمها التي تحولت فجأة من التربيت على كتفها إلى التكتيف والركل من أجل أن تظل ساكنة، من وقتها باتت تخاف الغرباء وتتوتر من لفظة “جايلنا ضيوف”.
غدر.. هكذا أصبحت أرى الحدث الذي حاوطتني الحكايات عنه من المدرسة إلى البيت، لا يتعلق الحكي في كل مرة بالحديث عن الألم الجسدي، وإنما يسبقه الحديث دائمًا عن الألم النفسي جراء الغدر والشعور العارم بالخيانة.
ما معنى الختان للبنات؟
“أنا كل لما بعدي على المكان اللي عملوا فيَّ كده فيه بحس بغضب وألم.. رغم مرور 15 سنة”، قالتها صديقتي في المدرسة بعد أن عادت من إجازة الصيف وقد تغيرت كليًا.
لم تروِ للكثيرين عن تجربتها، أنا وصديقة أخرى فقط اختصتنا بالحديث عن ذلك اليوم، حين اصطحبها والدها إلى عيادة “الجزار”، كما أرادت أن تناديه، كان الهدف المعلن من الزيارة هو الكشف على أسنانها، لكن ما جرى لاحقًا لم يكن له علاقة بالأسنان.
ظلت زميلتي عاجزة عن الفهم لفترة طويلة “إزاي بابا يعمل فيَّ كده؟!”. لطالما كانت تحدثنا عن حنان ذلك الرجل واحترامها الشديد له، وكيف قام بالمهمة كاملة عقب وفاة والدتها، فأصبح أبًا وأمًا في الوقت ذاته.
فجأة أصبح منقذها جلادًا وأصبح ثمة شرخ كبير في علاقتها به.. لم تعد منذ ذلك الحدث تذكره في حديثها قط أو تروي عنه مآثره التي اعتادت أن ترويها لنا دائمًا.
تعرفي على: ما هي أضرار ختان البنات؟ تأثير ختان البنات وسلبياته
تداعت على خاطري تلك الحكايات، بينما أقرأ تقريرًا لآراء عدد من علماء التربية حول العالم عن عدم جواز الكذب على الأطفال بشأن “بابا نويل”، وضرورة الإفصاح عن كونه شخصية غير حقيقية للأطفال، وإلا فالعواقب وخيمة.
“ريبيكا إنغليش” المحاضرة في مجال التربية بجامعة كوينزلاند للتقنية، قالت خلال التقرير مجموعة جمل بدت صادمة بالنسبة لي عن كذب الآباء: “تبدأ التساؤلات حول ماهية الأكاذيب الأخرى التي أخبرك بها والداك، ويستخدم الكذب كعصا لترسيخ مفهوم ضرورة الانصياع والطاعة في النفوس”.
حين يقارن الألم النفسي بذلك الجسدي، لا يبدو أن هناك مقارنة، ففي الوقت الذي تُشفى فيه ندوب الجسد تبقى ندوب الروح قائمة لسنوات طويلة لاحقة، لم أندهش حين قرأت عن تلك المشكلة التي عرضتها سيدة جزائرية عبر إحدى المجموعات السرية تطلب فيها المشورة عن زوجها الذي انفصلت عنه، بسبب عملية طهارة أجراها لابنتهما البكرية دون إذنها، رغم مرور 12 عامًا على الحدث إلا أن معاناة السيدة وابنتها ما تزال مستمرة.
“يومها وجدت ابنتي ملقاة على الأرض تبكي، وجدتها وأباها وعمها ومعهم امرأة مسنة يضحكون”. فعلة اعتبرَتها “خيانة” بحقها وابنتيها. تقول: “حاول يصالحني كتير، لكنه في نفس الوقت برر فعله بأسباب صادمة، قال إنه ميقدرش يقول لأمه لأ، وإنه لو مختنهاش هتكون مُنحلَّة، وإن الختان كان ضروري يكون قدامه عشان يكسر عينها. حسيت إني بتكلم مع شخص مختلف عن زوجي المثقف الطموح اللي اتعرفت عليه وسيبت أهلي وبلدي عشانه”. انفصلَت الأم وتزوجت من آخر، في بلد آخر، وباتت المشكلة الآن أن الأب يريد رؤية ابنته الثانية، فيما ترفض الأولى رؤيته تمامًا.
أصعب المفاجآت على الإطلاق هي تلك التي تتعلق بأشخاص قريبين جدًا، نكتشف لاحقًا أننا لم نكن نعرفهم حقًا. تبدو المشكلة أكبر داخل العائلات التي لا يتفق أفرادها على مبدأ الختان، فيأتي القرار منفردًا ليصيب البقية في مقتل.
هل الختان يسبب البرود الجنسي
حدث هذا أيضًا في أسرة “ر.س” التي روت: “عايشين في بلد أرياف، أهل جوزي كانوا مصممين يختنوا بنتي، بس مكنتش بتصور بنت عمرها 14 سنة تتكشف على حد”، طلبَت صاحبة القصة تأجيل الأمر على أمل أن تنسى كل من عمة وجدة البنت، لكن الأمور ذهبت لأبعد مما تخيلت الأم، “للأسف أخت زوجي كانت بتجهز لفرحها، وطلبوا مني أروح معاها عشان نشتريلها حاجات من محافظة تانية، وفعلاً سافرت، لكن فوجئت لما رجعت إنهم ختنوا بنتي بدون علمي”.
حالة من الذهول تملكت السيدة التي هالها مشهد ابنتها الملتاعة “أنا حسيت بالغدر وبالخيانة، بنتي تعتبر آنسة.. إزاي يخدوعها ويخدعوني بالشكل ده؟! البنت مش قادرة ترفع وشها في أبوها أو في حد، نفسها اتكسرت، غير الوجع النفسي. إحساس الغدر أكبر من أي حاجة تانية”.
على الرغم من وضوح الإجراءات اللازمة لعقاب مرتكب جريمة الختان، سواء كان الأب أو الأم، أو الطبيب، لكن السؤال يبقى داخل الأسرة “نخرب البيت ولا نعديها؟”، كان هذا السؤال الذي أطاح برأس “ز.ك” السيدة التي راحت تجوب مجموعات التواصل لتروي قصتها باسم مستعار في انتظار معرفة الإجراء الأنسب: “نار جوايا، نفس التفاصيل اللي بتحصل كل مرة، مكنتش موافقة يختنوا بنتي، قالولي هناخد البنت فرح، استئمنتهم وبعتها، أقنعوها إنهم هيعملوا بروتين لشعرها ولازم تكون صايمة، آمنِت لهم هي كمان، وغدروا بيها وبيَّ” لم تعلم الأم من وقتها ما العمل.
علمت عبر إحدى المجموعات أن بإمكانها إثبات حالة الختان منذ اللحظات الأولى لوقوع العملية وحتى 10 أيام تالية، عبر الكشف بأحد المستشفيات الحكومية، مع استصدار تقرير يُستخدم لاحقًا في محضر ضد مرتكب الجريمة. إجراءات بدت لها سهلة “إحنا لسة فيها، بس أنا فعلاً هموت من التعب، معنديش مصدر رزق تاني عشان أنفصل، ولا أقدر أسجن أبوها بسبب عملته، في النهاية أبو ولادي، ولا قادرة أكمل معاه بعد كمية الغدر والخيانة اللي عملوها معايا، مش عارفة هتعامل إزاي مع أهله تاني؟ ولا هآمن له هو شخصيًا على البنات إزاي!”.
لم تكف الأم عن زيارات الطبيب لأسبوع تالٍ، “كنت خايفة يكون عندها نزيف، للأسف جاروا عليها وشالوا كتير جدًا، مخلوش في البنت حاجة، أنا مصدومة وتعبانة وخايفة، وفعلاً مش عارفة أتصرف، أهلي بيقولولي متكبَّريش الموضوع، لكن نظرة الخذلان في عين بنتي وإحساسها بالغدر وإحساسي بالخيانة مخلينا واخدين جنب، والبيت أصبح جحيم”.
بحسب بحث نشر في صحيفة “نايتشر إيكولوجي آند إيفوليوشن” العلمية المتخصصة، توصل باحثون أن فعل الختان يتم بسبب دوافع ثقافية، يؤدي القضاء عليها إلى القضاء على العادة من أساسها.
صحيح أن الأمم المتحدة قد حددت عام 2030 كعام للقضاء على تلك الظاهرة، إلا أن المسح الذي غطى 61 ألف امرأة وفتاة في مراحل عمرية مختلفة من عمر 15 لـ49 عامًا
أشار إلى أن فهم الدوافع الثقافية هو البداية للقضاء عليها، مع ذلك لم يبدُ أن هذا بدأ على أرض الواقع، بل أن السيدات المذكورات هنا وغيرهن كثيرات لا يبدو أن هناك طريقة واضحة لأجلهن للتعافي النفسي من التجربة، أو حتى استشارة نفسية متوافرة للمساعدة في تخطي الموقف.
مسألة تبدو أصعب مع الأرقام المصرية في هذا الشأن، ففي الوقت الذي تتراجع فيه عادة ختان الإناث بإفريقيا بحسب دراسة نشرت في مجلة الصحة العالمية بي. إم. جيه، تتصاعد فيه نسب الختان بمصر، بحسب ما أعلنته الدكتورة مايسة شوقي، نائب وزير الصحة للسكان مطلع فبراير الماضي.
فقد أشارت إلى مزيد من الأرقام المرعبة في الملف وصلت لأن 92% من المتزوجات بين سن 15 و49 عامًا مُختنات. صحيح أنه لا توجد إحصاءات رسمية بشأن عمليات الختان التي تمت دون رضا أحد الوالدين، لكن الأرقام المعلنة ما زالت تثير السؤال الأبرز عن شكل الحياة داخل آلاف الأسر المصرية التي تخلل الكذب والغدر والخيانة أسرهم الصغيرة، تحت مسمى “الطهارة”.
هو بصراحه طهاره البنت العلم اثبت فوايده للبنت و كتير من بنات اروبا و امريكا بتعمله لنفسها برغبتها لكن المشكله ان عميله الطهاره فى مصر بتم غلط فتسبب مشاكل من فوايد طهاره البنت القضاء اللخن و الريحه الكريهه القضاء على انعظاء النساء و فرط الشهوه الجنسيه و ممارسه العاده السريه مما يوثر على الصحه و يسبب الكسل و الخمول و الضعف العام لكن يجب اتباع عده اجراءات قبل طهور البنت
اول شي التحدث مع البنت و شرح ما سوف يتم و الغرض منه و شرح و تبسيط الموضوع بطريقه علميه مبسط
عدم المبالغه فى القطع يكتفى بازاله القلفه التى تغطى البظر فقط
اجراء العمليه على يد طبيب متخصص
اعطاء جرعه كافيه من البنج لتخفيف الالم