هل حقًا الجري نص الجدعنة! كيف تتخلص من الخوف من مواجهة الناس ومواجهة المشاكل

1958

زمان لما كنت صغيرة كنت مشهورة بإني مش بتكسف وبعرف أواجه، يعني بمعنى أوضح وشي مكشوف وبعرف أعبر عن نفسي بسهولة وبكل ثقة. أيًّا كان التعبير ده بيخرج بأي شكل، ممكن فرحة، ابتسامة كبيرة، غضب، بكا.. المهم إنه كان بيخرج. أفتكر كمان إني كنت بوصم الناس اللي مش زيي بيعرفوا يواجهوا وأقول إنهم جبناء وبيختاروا دايمًا الحلول السهلة والهروب.

كلمة “الهروب” دي خدت مني وقت كبير عشان أستوعبها، الهروب من المواجهة، الهروب من المسؤولية، الهروب من الناس والمجتمع، الهروب من الواقع والقرارات اللي بنختارها.. إزاي كده؟! “أي حد بيهرب هو بالتأكيد ضعيف وعمره ما هيكون إنسان قوي غير لما يواجه نفسه واختياراته بكل صدق، ويعترف بيها إذا كانت غلط وبيحاول يغيرها للأحسن” (أنا وأنا صغيرة) – تهور شباب نقول إيه!

والحقيقة اللي خبطت في وشي بعد كام سنة إني هربت وبقيت جبانة! وهنا أعتقد إن كل أفكاري عن موضوع الهروب تحولت من أفكار سلبية لأفكار أكثر إنسانية ورحمة. أحيانًا الإنسان بيكون شخصيته مش قادرة على المواجهة حالاً ودلوقتي، جايز عشان محتاج يفكر ويرتب الكلام، جايز لأنه شخصيًا مش هيقدر يتحمل ويواجه طبيعته وتركبيته كده، نعمله إيه؟! جايز عشان مش مسؤول ومش متعود غير إنه يهرب، وده نوع تاني، جايز مفيش إجابات متاحة لأسئلتنا في الوقت الراهن فكثر الكلام هيبقى سفسطة على الفاضي.

وجايز برضو الهروب يكون عشان أسباب نبيلة، زي إني لو واجهت هجرح أشخاص أو هضطر أعمل شيء مش من قيمي ولا مبادئي، جايز خايفة آخد قرار يؤذيني ويشقلب حياتي، وجايز وجايز إلى ما لا نهاية.

الكلام ده مش لتشجيع الهروب وعدم المواجهة أبدًا، بس عشان زي ما من حق أي إنسان إنه يهرب، لازم يكون على الأقل فيه مقابل بسيط وسهل، وهو التوضيح وبإيجاز، عشان لو الحالة النفسية متسمحش بالكلام الكتير.. أنا مش موجودة عشان متضايقة، أنا مش قادرة أتكلم عشان معنديش كلام، أنا مش موجودة عشان موجعش حد، أنا مش بهرب بس مش حابة أتكلم في الوقت ده.

وهكذا من الردود اللي ممكن تتجنبي فيها فكرة إنك تتوصمي لمجرد إنك محتاجة شوية وقت تفصلي فيهم أو عندك أسباب مخلياكي تعملي كده، بس أهم حاجة إننا نتكلم ونعبر وندي مساحات لبعض، وفي نفس الوقت نحط نفسنا مكان الناس ومكان توقعاتهم فينا، إنتي مش مطلوب منك تقابلي كل التوقعات، بس على أقل تقدير تبيني إنك محتاجة الوقت ده عشان ميحصلش سوء فهم.

زمان كنت بقول مش مهم الناس تقول إيه، المهم أنا ضميري بيملي عليَّ إيه! في الحقيقة أنا لسة عند كلامي، مع شوية تغيير، أنا لو مسؤولة قصاد ناس عن أشخاص/ مشاعر/ شغل/ علاقة، وقررت إني أهرب بدون إعلام الأطراف المشتركة، ساعتها النية السيئة ورد الفعل المقابل مش هيكونوا ألطف حاجة، وللأسف مش هقدر أتحكم فيه، عشان إحنا بشر ممكن نسامح ونبرر مرة واتنين، بس مش بالضرورة على طول نعمل كده.

من حقك تتنفسي وتمشي شوية بعيد، تعيدي ترتيب أفكارك وحياتك، بس برضو حطي في الاعتبار إننا مسؤولين عن ناس من حقهم يفهموا، ومن حقهم ميحسوش إننا هربنا منهم بدون سابق إنذار.

أفكاري عن الهروب تحولت من أفكار سلبية لأفكار أكثر إنسانية

المقالة السابقةوقفة الكُشك السحرية
المقالة القادمةولادكم وبناتكم زرعتكم وزينتكم في الدنيا
كلامنا ألوان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا