الأوراق البنية

750

 

بقلم: مي عبده

نحن نشبه كثيرا اللون البني في بعض الحالات، لا أعلم لما أحب التشبيهات…
حتى في شرح بعض المواقف الحياتية أجد أكثر متعة حين أعطي مثلا مقاربا أو مشابها للموقف،

ربما يعود إلى الحالة المزاجية أو مثلما يقولون “موود فصل الخريف”.

أكتوبر من الشهور التي لها طابع خاص لدي.. فهو بالنسبة لي نهاية فصل الصيف بزحامه وضوضائه وبوابة للشتاء اللطيف، نسمات أكتوبر دائما بالنسبة لي تحمل الذكريات، تحمل شيئا يهمس لي بأن هناك قصة حب قادمة في الشتاء، ويزداد هذا الشعور داخلي عند حلول شهر ديسمبر، لا أعلم حقا ما الرابط أو العلاقة بين الشهور وإحساسي، وبين الحب واستمتاعي بالجو العام في هذا الوقت!

أعود إلى الورق البني الذي يشبهنا، نعم نحن نكون جزءً من فصل الخريف، أو ربما نمر بالأربعة فصول، ولكن ما أريد التحدث عنه هو فصل الخريف لما أجد فيه من تشابه كبير.

بعد فصل الصيف ورؤية الأشجار بلونها الأخضر الجذاب المطمئن للنفس، يحدث انقلاب!

انقلاب يعلن أنه لا يمكن أن يظل اللون الأخضر مبهج كما هو، لا بد من التغيير! لا بد منه!

يأتي الخريف برياحه، كما يحدث لنا بالضبط، تأتي الرياح لتثور على الوضع الحالي، ربما حالة الركود والسكون تحتاج إلى حركة من وقت لآخر حتى تحيى وتتجدد، وإلى أن يبقى الوضع كما هو عليه من الممكن أن يكون المنظر مُملا!

وهذا ما يحدث لنا ولكن لا نشعر بيه كليا، بصورة تدريجية أو ربما نشعر بعد وقت ما، فيأتي علينا الخريف ليبدل لنا أحوالنا (أوراقنا) من الخضار إلى الصفار إلى البني حتى تتساقط أرضا وتنتهي!

أو كما يظن البعض أنه مع قدوم الخريف تتساقط الأوراق بلا رجعة!
ولكنها تتساقط حتى تتبدل من حال إلى حال!

ومن حال الخضار إلى الصفار، كما هو حالنا من الهدوء إلى التشتت أو الهياج.

من حال الارتفاع إلى السقوط، تسقط حتى تستطيع النهوض من جديد.

لا أعلم ماذا إن لم يوجد فصل الخريف، ماذا لو لم يحدث هذا التجديد في الطبيعة وبالطبع طبيعتنا البشرية؟!

لا أعلم إذا ظلّ كل منا على حاله، لا يسقط، لا يهدم، لا يخسر، أو العكس لا ينجح، لا ينتصر، لا يكسب.. هل يمكن أن يكون لكل منا الخريف الخاص به؟!

الخريف الذي نحتاج أن نتحول إلى اللون البني لنعود إلى الأخضر وهكذا..

فمع الوقت نتعود على الخريف، على رياحه، نتعود أنه يأتي ليثور، ثم يستقر ويعلن هدوءه في انتظار الجولة المقبلة! فتعود أن تحب فصل الخريف دون سائر الفصول، لأنه يعيد بعثك من جديد ويحييك مرة أخرى.. فصل الخريف يصنع منك في كل مرة ورقة خضراء جديدة من ورقة صفراء بنية متساقطة!

 

 

 

 

المقالة السابقةاللي يزيد عن حده ينقلب ضده
المقالة القادمةأصحاب العقول في تعب
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا