بقلم/ يارا قمر
نحن النساء نتألم في الحب لأننا غبيات، نعم غبيات، لا نتألم من فراق الحبيب، ولكن من آلام الذكريات، فنحن متعلقات بكل ما هو قريب أو بعيد عن الحبيب، كل تفاصيله المفصلة الصغيرة قبل الكبيرة، كالتلميذة المجتهدة، متذكرة مواعيد عمله، خروجاته ونومه، تمامًا كالروبوت مبرمجة بويندوز حبِّه، محبة لتفاصيله، كحب المدمن، كحب الفتاة للشوكولاتة.
كان هو نوع الشوكولاتة المفضلة لديك، وكنت أنت كنوت موبايل له، فأنت ساعته التي لم تتأخر من قبل، ذاكرته، الميموري كارد الذي لم ينسَ شيئًا يومًا عنه، باسوورد أسراره التي أراد تخبئتها على هيئة شخص.
يومًا ما كنتِ تحبين إدراجه لك في كل شيء وكل تفصيلة من تفاصيل حياته، فهذا يعني أنه وثق بك وأحبك، كنتِ تتذكرين كل شيء، كل التفاصيل التي لم ولن يلتفت أحد إليها غيرك، كيوم أول مقابلة، أول كلمة في المحادثة، أول “بحبك”، يوم أبكاكِ، يوم أضحكك، يوم رسمك، يوم كتبك، يوم ارتدائه ذاك القميص، يوم ارتدائك لذاك الفستان في أول ميعاد لكما، يوم عاتبك فيه لارتدائك ذاك الفستان القصير فغضب منك، يوم كنتِ ساهرة قلِقَة عليه ساعة سفر، يوم عيد ميلاده، ويوم أيقظك في ساعة متأخرة فقط ليرن هاتفك وتسمعيه يقول “آسف.. ولكني اشتقت إليكِ فقط. نامي ثانية. أحبك”.. وإلخ.
على مدار الـ365 يومًا تجعلينها كلها أعيادًا تمجد أيام حبكما وعشقكما المخلد، أيامه أطول من أيام عالم أفلاطون المثالي، ستتذكرين، ستعيشين حالة من الحب في خيالك، أنت الأميرة بطلتها وهو الأمير، تعيشان حياة جميلة سعيدة في قصر جميل، ويمكن أن يكون فيها صغار كما اللطفاء، أول طفل سيشبهك وسيأخذ عينيه، والثانية ستشبهه وفيها مرحك وجنونك.
إلى أن يأتي يوم ما ستجدين علبة الشوكولاتة فارغة، ستتألمين من آلام الإدمان، لن تجدي أي قطعة ولو واحدة، لن تكفيك أموال العالم لتجدي علبة الشوكولاتة المفضلة لديك، وسيكون كل ما عليه هو عمل فورمات لذاكرته منك. نعم، إنه لن يتذكرك بعد الآن؛ محاكِ، مسحك، سيأتي بميموري كارد جديدة ليحكي لها حياته ومأساته وبطولاته وأمجاده القديمة، فتلك هي الأشياء الوحيدة التي تسع ذاكرة قلبه وعقله، فهما أصغر من ذاكرة موبايل سامسونج جالاكسي. فلا تبكي وفرمتيه.