7 مُشكلات تواجه المُطلقات.. لكنهن لا يخشونها

418

الطلاق نظام اجتماعي مثل الزواج بالضبط.

الغريب أنه رغم كونه مُشرعًا دينيًا، سنجده منبوذًا اجتماعيًا ويقف بوجهه الجميع إلا قليلاً، لهذا حين تُراود زوجة ما فكرة الطلاق فإنها تُفكر في مشكلات لا نهائية، وحروب عديدة تعلم أنها ستخوضها وحدها، ليس فقط بوجه الرجل الذي ظنت أنه سيكون سندها ومَن ستُكمل معه رحلتها، بل كذلك بوجه الأهل، زملاء العمل، الجيران، الأصدقاء، وحتى بائع الخضراوات والبواب.

 

بالطبع ليست تلك حال كل المُطلقات، فهناك قلة قليلة من الأهل المتفهمين لحقوق بناتهم في السعادة، واختيار الحياة المناسبة لهن، لا التي يرضى عنها المجتمع. في الوقت نفسه هناك نساء قويات، يعرفن كيف يقفن بوجه التحديات، غير آبهات بما سيواجهن، ذلك لأنهن يعلمن -وبيقين- أن انتصارهن آتٍ لا محالة، هن فقط يحتجن بعض الوقت والصمود.

 

فالطلاق بكل المشكلات التي تأتي في ذيله، ليس إلا أحد نوعيات الحرب ذات سياسة النَفَس الطويل، مَن يصمد بها أكثر ويُكمل اللعبة للنهاية دون أن يهتم بنتائج الجولات الفرعية، سيكسب الجولة الأخيرة.

 

ومن المشكلات التي تواجهها المطلقات بمجتمعاتنا العربية، غير المُتحررة فكريًا مهما ادعينا العكس..

 

مشكلات اجتماعية

– أولها:مع الزوج.. الذي غالبًا سيرفض الطلاق، حتى لو كان هو نفسه غير سعيد في زواجه، أهو غلاسة كده! لتبدأ المُساومات، التي عادةً ما تنتهي بتنازل المرأة عن كل حقوقها من نفقة ومؤخر وقايمة مُقابل أن تتحرر من تلك الزيجة. 

 

وإن كنت لا أنصح المرأة بالتنازل عن حقوقها، خصوصًا إذا كان بحضانتها أطفال، سيستنزفونها ماديًا ما تبقى من حياتها. ووجود الأهل بجانب ابنتهم بهذا التوقيت بالتأكيد يُشكل فرقًا، فمن جهة يقوي موقفها معنويًا، ومن أخرى يمنحها السند المادي إذا كانت تفتقده.

وإن كان لا يُمكن إنكار أن الكثير من النساء بالنهاية لا يجدن بُدًا من التنازل، ذلك لأنهن لا يرغبن إلا في الفرار من السجن الذي دخلنه بإرادتهن، حتى ولو كان ذلك يعني عودتهن لنقطة الصفر.

 

– ثانيها:مع الأهل.. فما أكثر الأهل الذين يقفون عائقًا بوجه طلاق ابنتهم! إذ يرونها لم تتحمل بما يكفي، وأن عليها الصبر أكثر، أو المنح أكثر، خصوصًا حين يكون الطلاق دون سبب جوهري واضح كالضرب مثلاً أو الخيانة. بل وبعض الأهل لا يجدون مانعًا من زواج زوج ابنتهم عليها لأن هذا شرع ربنا وحقه، ما يجعل حتى رغبتها في الطلاق لهذا السبب غير مُقنعة.

 

لذا تخيلوا لو أن فتاة أعلنت لأهلها رغبتها في الطلاق فقط لأنها “مش لاقية نفسها في الجوازة”، جملة كهذه قد تبدو هُلامية جدًا وليس لها ما يُبررها مهما ظلت الابنة تِدن في مالطة.

هنا يصبح إصرار الفتاة أمرًا مهمًا، ما دامت مُقتنعة بقرارها، فهذه حياتها الخاصة، وما ستجنيه منها لن يعود بالنفع أو الضرر على سواها. وبالتالي من حقها أخذ قرار كهذا بشكل فردي، دون الانتظار لإقناع أكبر عدد ممكن ممن حولها لتكسب تعاطفهم معها.

 

– ثالثها: مع الأهل أيضًا.. فبفرض أن الفتاة قد طُلِّقت بالفِعل سنصبح هنا أمام مُعضلة الاستقلال التام أو العودة مرة أخرى لبيت الأهل، حيث ترى بعض النساء المُطلقات أنهن قادرات على العيش مُنفصلات خصوصًا إذا كنّ مُستقلات ماديًا، فطلاقهن لا يعني عودتهن صغارًا، بحاجة للحماية.

أما الأهل فيرون هذا غير جائز، كما لو أن المرأة بطلاقها قد أعادت عصمتها من يد الزوج ليد الأب/ الأم/ الأخ، لا أكثر ولا أقل. تلك المعركة عادةً ما تؤجلها النساء، فنجد أن غالبيتهن يعودن بالفِعل لبيت أهلهن، من أجل الاستقرار المؤقت والوقوف على أقدامهن، قبل مُعاودة التحليق خارج السِرب. 

 

أما بالنسبة لمَن يرون العودة للأهل هي الفِعل الطبيعي، يصبح لديهن مشكلة أيضًا تتمثل بأخذ صلاحيات كثيرة من أيديهن، فالحق في الخروج، السفر، الرحلات، الحديث مع هذا وذاك… إلخ،كل هذا يصبح مرفوضًا أو في أفضل الأحوال موضوعًا قيد التدقيق والتحقيق المُستمر، وهو ما يدفع بعض النساء إما للتفكير بالاستقلال، وإما الزواج لإنقاذ أنفسهن من هذا الوضع الذي لا يتناسب مع أعمارهن، أو حجم المسؤوليات التي يحملنها بالفِعل.

 

– رابعها: مع المجتمع.. سواء في العمل، مع الجيران، أو حتى على صفحات التواصل الاجتماعي.

فالمُطلقة في أعين الآخرين هي واحدة من اثنتين: “خطافة رجالة” أو “صيدة سهلة”، إذ يختزلها الجميع في منطقة جنسية مُعينة، فهي إما مُتطلبة، وإما مُتاحة. لهذا لن يكون غريبًا من أن تتلقى عروضًا كثيرة بالرَفَق، أو الزواج العُرفي، بجانب التحرش بها من باب منحها بعض المُتعة التي تفتقدها.

 

وبقدر ما يبدو الأمر قذرًا ومأساويًا، إلا أنه متوقع من مُجتمع يُفكر أغلب الوقت بنصفه السُفلي، حتى بات يظن الجميع يفعل الأمر نفسه. لهذا على المُطلقة -كصاحبة حق- وضع حدود واضحة كي لا تسمح لأحد باقتحام مجالها الشخصي، مؤكدةً أنها ليست سهلة، وقادرةً على التصدي لأي رجل يرى عكس ذلك، رافضةً أن تكون الطرف الأضعف.

 

– خامسها: مع الصديقات وأزواجهن.. للأسف بعض الصديقات يشعرن بالخوف من أن تقوم صديقتهن المُطلقة بخطف أزواجهن، في حين يُفكر أزواج الصديقات بطريقة مُختلفة، إذ يخشون من أن تؤثر المُطلَّقة على عقول زوجاتهن فتبدأ بتعصيتهن عليهم، وفتح أعينهن على واقعهن غير المُرضي، وفي الحالتين ينتهي الأمر بقطع العلاقات، وهي ليست خسارة فادحة على أي حال ما دام الآخرون يُفكرون بتلك الطريقة.

 

مشكلات مادية..

في زمن لا يأمن شره أحد، وأقدار على كَف الرحمن، يصبح على كل امرأة ألا تتهاون فيما يخُص استقلالها المادي، خصوصًا أن الماديات كثيرًا ما تقف بوجه المرأة الراغبة في الطلاق، فلا مأوى آخر لها، ولا وظيفة تصرف منها على نفسها/ أولادها، ما يجعلها تقبل الاستمرار في حياة ليست على هواها.

لهذا حتى وإن كُنتِ طرفًا في زيجة ناجحة، لا تتخلي أبدًا عن مصدر للدخل، تَدَّخرين منه للزمن، أما إذا كُنتِ تُساهمين مع زوجك في إعالة الأسرة، فإياكِ ووضع البيض كله في سلة واحدة.

 

مشكلات عاطفية..

بعض المُطلقات يُعانين من الوحدة، والحاجة للونس، وهذا -قطعًا- لا ينتقص من قدرهن، فهن آدميّات، لهن مشاعر، وأحلام واحتياجات، المشكلة الوحيدة ستكون إذا تسرعن في إلقاء أنفسهن بأول علاقة تُتاح لهن، دون التفكير في إذا ما كانت مُناسبة أم لا.

لهذا على المُطلقة توخي الحذر، والتفكير مرتين قبل الإقدام على أمر كهذا، فإذا اطمئنت واقتنع قلبها وعقلها فلا ضرر من خوض باقي الرحلة مع رجل جديد.

 

الطلاق خيرٌ في باطنه شر، أم شرٌ في باطنه خير؟ تلك هي المسألة.

لمعرفة الإجابة علينا إدراك أنه مهما اختلفت تفاصيل الحكاية، يظل انتهاء أي علاقة بالانفصال ليس عيبًا ولا وصمًا لأحد، فالنهاية ما هي إلا بداية جديدة، والفشل لم يكن يومًا في الانفصال، بل في الاستمرار بعلاقة مُضرة نفسيًا وإنسانيًا، ولن تنفع أحدًا.

 

ونحن وإن سردنا المُشكلات السابقة فالقصد منها ليس أن الطلاق أمر مهول، يتطلب قُدرات خاصة لاجتيازه، بل نحن نفتح حدود الرؤية على مصراعيها، كي لا تخطو امرأة خطوة إلا وكانت محسوبة، فتكون على دراية بأبعادها، ومُستعدة لما ستحمله لها، لعل الكون يتوقف عن القُدرة على إيلامنا.

المقالة السابقةأوبرا وينفري.. أوسكار أنجح ست
المقالة القادمةاحذر.. مدام سوسو مطلقة
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا