5 مخاوف و5 احتياجات للسنجل ماذر

471

 

قبل كتابة هذا المقال حاولت عمل عصف ذهني على جروب “الماميز” على الواتساب، أخبرتهن أنني أُعِد لتقرير عن الأم المعيلة سواء كانت مُنفصلة أو أرملة، أو حتى زوجها يُسافر بشكل مُستمر تاركًا لها الحِمل بأكمله. إلا أنني فوجئت بحشد من الأمهات اللاتي يعِشن مع أزواجهن بالفعل، وعلى ذلك يؤكدن أنهن جميعهن صِرن “سنجل ماذرز” يفعلن كل المهام داخل البيت وخارجه، والزوج -إن وُجِد- ليس إلا ماكينة صرف، بل وكثيرًا ما تُشاركه الزوجة أيضًا المسؤولية المادية.

 

وبالحديث مع الكثير من السنجل ماذرز بشكل شخصي ومُطَوَّل، كانت هذه هي أكثر المخاوف والاحتياجات التي أجمع عليها قطاع كبير منهن.

 

أولاً: المخاوف

 

1- الخوف من الوحدة

“بخاف من الوحدة.. وحدتِك وإنتي بتاكلي ومحدش قاعد معاكي، وإنتي نايمة في سريرك، وإنتي بتقضي طلباتك. بحس كأن الدنيا خِليت من الناس، أو إني في بلد غريبة معرفش فيها حد وبيتكلموا لغة غير لغتي، ومهما أتكلم محدش فاهمني”.

الوحدة تنخر عظام أصحابها، وأيًا كان السبب وراء “سَنجَلِة” الأم، شبح الوحدة واحد، يُصيب القلب بالعطب فتذبل الروح، وتصبح رفاهيات الحياة مهما تحققت وتوفرت بلا طعم، خصوصًا إذا كان بُعد الشريك بالسفر أو الوفاة، لأن كليهما إجباريًا على المرأة، على عكس الانفصال الذي غالبًا ما يكون برغبتها الخالصة.

تعرفي على: كيف اتخلص من الكتمان ومشاعر الحزن؟

2- الخوف على نفسية الأولاد

“ابني اتأثر نفسيًا بالانفصال، وده حسسني بالذنب وخلاني أحاول أرجع تاني، بس مقدرتش”.

الخوف من التفكك الأُسري وتأثيره على الأطفال أحد المخاوف المُشتركة لدى الأمهات التي غاب عن أسرتها الزوج، إذ يصعب على الأطفال حُسن تقدير الأمور واستيعاب لماذا وجَب البُعد، بل وقد يُرجِعون السبب لأنانية طرف دون آخر، الأمر الذي يُمثِّل أحيانًا كارت ضغط على الأمهات، فيصبح عليهن ليس تعويض غياب الأب فحسب، بل ومُحاربة شعورهن بالذنب، فوحدهن يُدركن أن قسوتهن على أنفسهن أشد من قسوة المجتمع عليهن.

تعرفي على: 7 اعترافات خاصة جدًا لأم عزباء

3- الخوف من المستقبل

“مش عارفين هنعمل إيه.. إحنا هنروح ولا هو هييجي؟”.

المُستقبل موحش ومُظلم وما مِن خريطة واضحة له، الأمر الذي يجعل بعض النساء تشعر بالقلق بسبب ظروف الأزواج بالغربة، مُتسائلات إذا ما كانت الأسرة سيجتمع شملها يومًا أم لا.

“بابا اللي شايل الليلة، فدايمًا خوفي إنه يبقى مش موجود”.

أما المُطلقات فيقلقن من المُستقبل أيضًا ولكن بشكل مادي، فالقضاء وإن أصبح يُسهِّل للمرأة الحصول على حريتها لكنه لم ينجح بتحميل الزوج نفقات أولاده بشكل مُنصِف. كذلك الأرامل هنّ في خوفٍ دائم من أي تعثر مادي بالأفق، خصوصًا مع غلو المعيشة الفادح، ما يجعل عمل المرأة المعيلة إلزامًا وليس اختيارًا. 

 

4- الخوف من الفشل

“حاسة المسؤولية كبيرة عليَّ، وبخاف معرفش أتصرف، بس مع كل موقف بَعَدِّيه لوحدي بزداد قوة، وشخصيتي بتتغير”.

هذا ما تقوله الكثير من النساء اللاتي كُتب عليهن حَمل كل شيء على أكتافهن والمُضي قدمًا، وبالرغم من أنهنّ لا يفشلن فإن ذلك لا يمنع شعورًا بالقلق من التسرُّب إلى دواخلهن، يجعلهن يُقللن من حجم إنجازاتهن، فيبذلن من طاقاتهن أكثر عساهن يتوقفن عن الخوف.

 

5- الخوف من النَقد

“أنا مبخافش من الفشل، لأن من وأنا طفلة واخدة بالي من إخواتي وبراعي البيت، لكن بخاف من انطباع جوزي لأن نقده لاذع ودايمًا شايف إن كان فيه طريقة تانية تتعمل بيها الحاجة”.

بالرغم من كل ما تفعله الـ”سنجل ماذرز” من مهام، لكنهن لا يخشين ذلك، بقَدر ما يحسبن حساب نَقد الزوج واتهامهن الدائم بالتقصير، وإشعارهنَ بأنهن “مش قدها”. بينما تخشى أمهات أخريات من عدم تقدير الأبناء، خصوصًا أن افتقادهم للأب بسبب الغياب يجعل مشاعرهم تجاهه جياشة، بينما أمهاتهم دائمات الوجود فيعتبرونهن تحصيل حاصل.

 

ثانيًا: الاحتياجات

 

1- الاحتياج للأمان

“بخاف كتير بالليل لما بنام، بس بحاول أقوِّي نفسي، وأفتكر إني كنت عايشة في خوف قبل الطلاق، وإزاي كان كل هدفه يدمرني ويلغي شخصيتي وإني أفضل ولا حاجة، مجرد خدامة له وبرضو أشتغل وأجيب فلوس.. يعني أبقى راجل بالنهار وست بالليل”.

الليل قاسٍ لا يرحم، والظلمة حالكة تُسَلِّم المرأة لأفكارها تنهشها ببطء وتلذذ، ولمّا كنا بمجتمع غير آمن، كان من الطبيعي أن تشعر النساء من داخلهن -مهما استقوين وتحملّن المسؤولية- بالخوف، ليأتي الاحتياج للأمان على رأس قائمة الأمهات اللاتي استقللن بالحياة مع أولادهن. 

 

2- الاحتياج للدعم 

“أول ما جوزي سافر كنت بخاف من كل حاجة، بس طول الغربة وكُتر الوحدة علموني أبقى راجل في غيابه، كل اللي بحتاجه دعم وتشجيع عشان أقدر أشحن وأكمِّل”.

النساء لا يتهرَّبن من أقدارهن، يواجهنها بشجاعة، ويبذلن كل ما بوسعهن لتبقى المركب طافية مهما علا الموج، بالمُقابل لا يَحتَجن سوى “حبة طبطبة” تُعيد إليهن بعضًا من أنوثة يُخبئنها كي لا يطمع بهنّ طامع، وتُشعرهنّ أن هناك مَن يُقدِّر عطاءهن، الأمر الذي يُزيدهن قوة على قوة، ويمنحهن الرغبة/ القدرة لمواصلة المَنح.

 

3- الاحتياج لرفاهية التقصير

“محتاجة حد يساعدني ويشيل عني، بحس قوي إني مضغوطة، خصوصًا لو بنتي عندها بروجكت أو تمرين أو حتى مدرسة، وأنا تعبانة جدًا وهموت بس مضطرة آجي على نفسي وأعمل كل اللي ورايا”.

أن تدور وحدك بساقية لا تتوقف أبدًا أمر ليس فقط مُرهق ومُهلِك، لكنه أيضًا بائس، إن لم يكُن ظالمًا، تلك هي حال غالبية السنجل ماذرز، خصوصًا اللاتي تعِشن بعيدًا عن أهلهن فلا يُساعدهن أحد. وبين وظائفهن، دورهن كأمهات، بل واضطرارهن أحيانًا للوقوف مع الصنايعية، القيام بمجاملات اجتماعية بدلاً عن الزوج، وأشياء أخرى لم تكن مسؤولياتهن.. كل ذلك يجعلهن يفتقدن رفاهية رَمي الحمول على آخر، دون القلق من أن الشيء إذا لم يفعلهن بأنفسهن لن يُقضَى أبدًا.

 

4- الاحتياج لميناء سلام

“أنا مفتقدة الوَنَس والاحتواء، وأكتر حاجة بتأثر فيَّ لمَّا أروح تجمعات العيلة ولا مناسبة أو حتى تمارين الأولاد لوحدي، وأبقى شايفه حواليا الأمهات والأبهات مع أولادهم، ساعتها بقول اشمعنى أنا مش معايا جوزي؟”.

الزوج/ الرجل ليس فقط بإنفاقه، فالنساء لا يشغلهن المال بقدر ما يوجعهن الغياب، يفتقدن الحبيب، الصديق، المُستمع الجيد لحَكيهن، حتى أنهن قد يتغاضين عن وجود المشكلات الزوجية، مُدركات أن وجود الشريك بمثابة حماية نفسية ومعنوية لهن، وقوة تدفعهن لحُب أنفسهن وحُب الحياة.

 

5- الاحتياج للجنس

“محتاجة حد يدلعني، وأكيد عندي احتياجات جنسية، أوقات الحياة بتلهيني وأنشغل مع العيال لدرجة إني أنسى إني ست أصلاً، وساعات أنا بلهي نفسي، عشان مبقاش متضايقة بسبب الموضوع ده، وإني وقت ما بحتاجه مش بلاقيه”.

حاجة المرأة لإشباع رغباتها الجنسية، أمر لا يُمكن التقليل من حجمه، مثله مثل أي احتياج جَسيم آخر، ولأننا بمُجتمع على استعداد لاتهام أي امرأة بشرفها إذا ما جهرت بذلك، تضطر النساء عادةً للكتمان، فلا تُصرِّح بشكواها إلا للمُقربين جدًا، أو للزوج المسافر لعله يُزيد من معدَّل إجازاته فيروي هذا الظمأ الذي لا ينطفئ.

 

أخيرًا.. إذا كُنتِ سنجل ماذر وكانت تلك بعضًا من مخاوفك أو احتياجاتك رُبما يُهدِّئ من وجعك معرفة أنكِ لستِ وحدك. أعلم أن تلك معرفة لا تَكفي ولا تشفي، لكنها خطوة أولى بطريق الجَهر بآلامك والمطالبة بمُقابل لكل ما تبذلينه. ابحثي عن حلول لدى زوجك/ أهلك/ أصدقائك/ طبيبك النفسي، لكن إياكِ وتَرك نفسك سجينة هذه الدائرة، فأيًا كانت ظروفك أو مشكلاتك.. ثقي بأنكِ لا تستحقين ذلك.

المقالة السابقةزين” الذي وُلِدتُ يوم وُلِد
المقالة القادمةهل سيكون طفلك بخير في غياب أبيه؟
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا