اتعلمت أن فيه طريقتين على الأقل ممكن أستقبل بيهم الناس والدنيا، الأولى: إني أشوفهم أشياء، أفكار، تعريفات، وظائف، أما الطريقة التانية: إني أتفاعل مع حياة الناس وحتى المواقف أسعى لعمل علاقة تفاعل معاها. وبصراحة أنا بدوّر على الحياة في كل ما ومن حولي.. والحقيقة بلاقيها في ناس عايشينها رغم ملامح الصعوبة اللي محاوطاهم وفي بعض اللقطات المتكررة اللي بجد بيخرج معاها أفضل ما فيَ:
1- وش بيبي صغير ملغوص بالأكل.. ومجاهدة طفل بيحاول يطلع الرصيف وهو عامل نفسه بيساعد ماما وشايل شنطة أطول منه، وماما جميلة بتقبل المساعدة حتى لو أخدت وقت أطول وهي عارفة إن ده بيكبّر قدرته.
2- تعبيرات البوبي بتاعي والهيصة اللي بيعملها وأنا راجعة آخر اليوم هلكانة من الشغل والطريق والسواقة، وكأنه بيقولي وحشتيني.. وفي كل مرة بصدّقه.
3- وأنا نازلة الصبح بدري والدنيا برد وأشوف زرعة خضرا جميلة خارجة من أرضية الرصيف الأسمنت.. بتتحدى الصخر.
4- لما تتقل عليّ الهموم ونَفَسي يضيق وأرفع راسي للسما، وأشوف شكل القمر وهو بيخرج حتة.. حتة من ورا الغيمة.. بلاقي نفس عميق بيديني براح وقبول.
5- موج البحر وتكراره.. مبيزهقش.. وأنا بستمتع، هدوء البحر وسكونه.. مش بيبان ضعيف.. لكنه عميق.. وأنا بستمتع.
6- طفل صغير وماسك برطمان مليان حبات فول وبيدلقها على الأرض ويرجع يحطها حبة حبة، وبنفس الشغف كل مرة.. حاسس بمعنى في اللي بيعمله.
7- توليفة الإبداع في ألوان الزهور الطبيعية ودرجاتها، ولا أجدعها رسام.
8- ست كبيرة في السن ومهتمّة بنفسها والشنطة والجزمة رغم صعوبة الحركة، أو زوجين كبار في السن وقاعدين باصين لبعض وبيحكوا.. لسه عندهم كلام يقولوه.
9- شخص متحمّس بيدافع عن حق شخص تاني يمكن ميعرفوش، بيسانده لأنه ضعيف أو ملوش ضهر.
10- لما بقدر على نفسي وأروح أعاتب شخص صعبان عليّ منه، وأقول مشاعري ويسمعني وميقدّرش اللي بقوله.. وأنا مندمش إني عملت كده.
11- لما أشوف بلوزة حلوة عجبتني بس مش عارفة هلبسها على إيه، وعلى غير العادة أشتريها.. بفرح بنفسي لأني غالبًا بلاقيها في وقت مهم وبتكون مناسبة قوي.
12- لما الأحوال حواليّ تبقى ضلمة.. الطريق وحش من أوله.. في الشغل بتتخلق مشاكل من الهوا.. مواعيد بتتلخبط.. وأقرر إني أقعد وأكتب إيه تأثير اللي حاصل ده عليّ.. وأقرر بطريقة واعية جدًا إني هكمّل وأحس اللي أنا عاوزاه حتى ولو عكس اللي حاصل.. بحس إني بيطمر فيّ اللي اتعلمته.
13- لما أقدر على فكرة اكتشفت إنها بتتحكم فيّ، إني لازم أخلّص كل الأكل اللي قدامي (وخصوصا لو طعمه حلو)، وأدّي لنفسي فرصة أحس بالشبع.. وببساطة أوقف أكل.
14- لما يخطر على بالي حد من أصحابي وأقوم ساعتها على طول أتواصل معاه.. وأكتشف قد إيه كان محتاج التواصل ده.
15- لما بشوف أمي شاكرة رغم المرض.. معطاءة رغم الاحتياج.. مشجعة رغم الإحباط.
ولقطات تانية كتير حوالينا، علينا نختار الروح اللي هنتفاعل بيها معاها، وعلى فكرة أنا مش بتكلم على طبيعة الشخصية من تفاؤل وتشاؤم، لكنه ممكن لأي شخص مننا بالتدريب إن يدور على لقطات الحياة والجمال اللي حواليه. ورحلة التدريب نفسها هي الجمال بعينه لأني مش بس بشوفه، لكنه بيغيّرني من جوة وكأنه بيرقّيني ويطوّرني، فأصاحبه وأتعوّد عليه، وبعد شوية هو يلاقيني ويناديني في أكثر أوقاتي ضلمة.
