مَرَّت عدة سنوات منذ آخر مرة قُمت فيها بعمل قائمة تضُم أُمنياتي والأشياء التي أُريد القيام بها في العام الجديد، ذلك لأنني اعتدت أن أرفع سقف توقعاتي بشكل يجعلني اكتشف في نهاية العام أنني لم أُحقق إلا القليل.
وهو ما كان كفيلاً بإصابتي بالغضب من نفسي، أو على الأقل بمنحي شعورًا بالفشل، من هُنا توصلت لقرار عدم تسجيل أي مشاريع مُستقبلية مُقدمًا، فإذا حققت إنجازًا -غير مُخطط له- أشعر بالسعادة والفَخر، وإذا لم أفعل حينها لن ينتابني الشعور بخذلاني لذاتي.
وبناء على ذلك وبحلول نهاية العام خلال أيام، دعوني أتشارك معكم من باب الاحتفال قائمة بـ15 إنجازًا فاجئت نفسي بها في 2015.
1- أنا خوفي ع ولادي من ظلم الأيام
“لن أكون أُمًا مرة ثانية” أحد القرارات التي أخذتها وأعرف أنه يبدو بالنسبة للبعض الجنون بعينه، في حين يراه آخرون سلوكًا أنانيًا مُفرطًا، بينما يرفض الغالبية الاقتناع بأن مثل هذا القرار قد يدوم طويلاً.
على أي حال الإنجاز ليس في القرار نفسه ولكن في قُدرتي على إعلانه على الملأ، أمام المُعارضين قبل المُتفقين دون أي مُجاملات أو تَقَبُّل الجَدل المُثار، والرفض القاطع لتَدَخُّل الغير فيما لا يعنيهم، عسى أن يعرف كل شخص قَدره الحقيقي بمسار حياتي الخاصة.
2- والله بعودة يا معرض الكتاب
قضيت السنوات الـ23 الأولى من حياتي دودة قراءة، أصرف كل ما معي على الكُتب، أذهب لمعرض الكتاب أكثر من مرة، إلا أنني لأسباب عديدة توقفت عن القراءة شيئًا فشيئًا، واستعضت عن ذلك بالكتابة.
نعم.. ظللت أشتري كُتبًا عديدة كل عام من المكتبات القريبة لكني لم أكن أقرأ ما أشتري، وهو ما كان يجعلنى لا أذهب لمعرض الكتاب لعلمي أنني سأشتري كُتبًا ستأكلها الأتربة قبل أن تصل إليها يدي. وفي 2015 -بعد انقطاع 7 سنوات- قررت الذهاب لمعرض الكتاب يملؤني الشوق لمنظر الكُتب المُتكدسة، والحماس للزحام، ومن ثَم العودة بأطنان الكُتب الجديدة، لأفرح بها كطفلة صغيرة اشترت لتوها هدوم العيد.
3- في الكُتب قرينا
قرأت هذا العام عددًا قليلاً من الكُتب، إلا أن جميعها كانت دَسِمة وقوية، جددت شهيتي للقراءة، التي وإن عادت بمُعدل بطيء كسُلحفاة لكنني سعيدة وفخورة بنفسي، رافعةً شعار #لا_بأس.
4- شلابية جارتى عاملة جلابية بارتي كاملة.. الكل معزوم فيها من الأسد للنملة
كبرنا يا أمي وبقى عندنا عيال وتقلت حركتنا، وباعدت بيننا المسافات ومواعيد عمل الأزواج… إلخ… إلخ. لهذا كان لا بد من طريقة نُحارب بها ظروف الحياة التي تُعاندنا، وهو ما جعلني أُفكر في بيجامة بارتي عائلية نتجمع فيها كبنات العيلة حديثات العَهد بالأمومة أو الزواج، وبالمرة تتعارف بناتنا على بعضهن.
يومان وليلة قضيناها بعيدًا عن شُغل البيت ومشاكل الزواج، فقط يحضرنا الضحك، الأحاديث الخفيفة، والكثير من الذكريات.
5- إن دارت الدنيا علينا ولَيِّلِت من حوالينا.. نتلم في أحضان أهالينا.. يا إما نتبعتر ونتوه
عائلة والدتي تقطن بمحافظة أخرى غير التي أعيش فيها، ومنذ أن صرت أمًا لم أذهب لزيارتهم، حتى أن بعضهن أنجبن أو تزوجن ولم تستطع ظروفي أن تجعلني حاضرةً. لذا حين لاحت أول فرصة مُناسبة للسفر بابنتي وقضاء يومين مع أقربائي انتهزتها وذهبت إلى هناك لأُدرك بعضًا مما فاتني، عسى ألا تنقطع كل الخيوط التي تربطني بجذوري.
6- أنا وإنت وساعات السفر
منذ أن أصبحت أمًا لم تُفارقني ابنتي أبدًا إلا للذهاب للحضانة، وبالتالي لم أحظَ أنا وزوجي بأي وقت نشعر من خلاله أننا أكثر من مُجرد ماما وبابا، وأننا ما زلنا “الاتنين الحبّيبة بتوع زمان”. من هنا جاء القرار بالسفر ليلة سريعة دون ابنتنا من أجل قضاء بعض الوقت بمُفردنا.
تلك السفرية التي شهدت دموعي فَور الابتعاد عن ابنتي، وشعوري أننا قمنا بخيانتها، قبل أن أنغمس في اللحظة وأعود مرة أخرى خفيفة لا تُثقلني الأيام ولا أحسب حسابًا لما قد يحدُث أو لا يحدُث، فأُعيد شحن السنتين الماضيتين وأُقرر أننا علينا أن نسرق أيامًا كتلك حتى لا ننسى كيف نعيش.
7- فساتين بناتنا مشجرة.. ناقلة اللي فات بالمسطرة.. ومغيرة لون السكات
مثلما قررت عمل حفلة تنكرية العام الماضي، قررت هذا العام عمل حفلة بناتي سبعيناتي، لا نرتدي فيها سوى فساتين قصيرة منفوشة، ومنقوشة بأحلامنا التي نضطر لتخبئتها خلف حجاب حتى لا نخدش حياء مُجتمعاتنا الهائجة.
8- ليلة من ألف ليلة
من ضمن الأشياء التي كنت قد توقفت عن فِعلها لكنني أتوق إليها، الذهاب لحضور عرض مسرحي “لايف”، وحالفني الحظ هذا العام بحضور مسرحية “ليلة من ألف ليلة” للعبقري يحيى الفخراني، تلك المسرحية التي تقطر بهجةً وجمالاً.
9- أهي جت
من الأشياء التي كانت الأيام كريمة معي بها هذا العام هو قيام أنغام بإحياء حفل بدار الأوبرا القريب من بيتي بكوكب 6 أكتوبر الشقيق، أنغام التي لي مع كل أغنية من أغانيها حكاية حقيقية أو من وحي الخيال، والتي يمنحني صوتها طوق النجاة أيّما كان الذي أغرق بسببه. لذا كان بديهيًا أن أذهب حتى ولو بمُفردي في سبيل الحياة.
10- امبارح كان عُمري تلاتين
اعتدت أن أحتفل بالمناسبات الهامة وحدي، من أجل الانفراد بنفسي والاستفراد بالكآبة، إلا أنني هذا العام قررت الخروج وتقضية اليوم مع صديقاتي المُقربات دون أي احتفال، فقط يكفيني مُشاركة لحظة العبور بين عامين مع تلك النسوة اللاتي أثق أنني يُمكنني الاستناد إليهن كُلما حاولت الدُنيا إسقاطي أرضًا.
11- أجمل من في الحفلة مين؟
لأسباب عديدة زادني الحمل ما يزيد عن عشرين كيلو، كنت بقرة مُتحركة، وبعد الولادة والاكتئاب فقدت 15 كيلو، ولكن بقي 10 كيلوات منغصين عليّ عيشتي من أجل الوصول للوزن المثالي.
ولأنني حاولت أعمل “دايت” وفشلت، قررت أن أفقد ذلك الوزن بنظام غذائي أستطيع التحكم فيه دون أن أُصاب بالحرمان. وها أنا أكتب تلك الكلمات بعد أن انخفض وزني بالفِعل، ولأقل من الوزن الذي تمنيت أن أصل إليه.
12- أصل أنا عندي شعرة
بقالي حوالي 9 سنين بقُص شعري بانتظام، كل سنة أكتر من الأول، إلا أنني فاجئت نفسي هذا العام حين قررت القيام بقَصّه أقصر شيء مُمكن حتى أنني لم أُصدق شكلي في بادئ الأمر، لكنني سُرعان ما شعرت بالخِفَّة التي يمنحها الشعر القصير، فلم أندم على فعلتي هذه. وإن كنت أتمنى ألا أقُص شعري مرة أخرى حتى الخامسة والثلاثين، رُبما يستطيع زوجي أن يراه طويلاً ولو لمرة في حياته.
13- الفيسبوك فيه سمٌ قاتل
لم تعد الحالة النفسية تحتمل كَم الطاقات السلبية التي ينشرها الآخرون هنا وهناك، بين أخبار تجيب المرض وأخرى تجيب الشلل، بجانب غياب قُدرة الغالبية على تَقَبُّل الرأي الآخر دون احتداد أو تراشق. بالإضافة إلى حالتي المزاجية الموضوعة دومًا على حافة الهاوية، كل ذلك جعلني آخذ قرارًا بالابتعاد قَدر الإمكان عن صفحات التواصل الاجتماعي، على الأقل حتى يصبح لديّ مساحة من سعة الصَدر، وهو ما لا أملكه بالوقت الحالي.
14- الليستة
بسبب نوبة اكتئاب مش زي النوبات اللي قبلها، وشعور هائل بالعَجْز والفَشَل قررت أن أقوم بعمل قائمة بكل الأعمال اليومية التي أقوم بها مهما بَدت بديهية أو بسيطة، بدايةً من النهارده نمت لحد الضُهر، مرورًا بغسلت المواعين 3 مرات، وصولاً لسلمت المقال اللي كان ورايا بقاله أسبوعين.
الهدف من تلك القائمة كان للشعور بأنني مش رِجل كَنَبة ولا حاجة، وأنني حتى ولو كُنت مُكتئبة إلا أنني ما زلت شخصًا فعّالاً في الحياة ولم أصل لمرحلة الجُثة الهامدة بَعد.
15- ابنك مجنون يا حاج
مع اقتراب نهاية العام وجدت أنني صِرت كثيرة الاكتئاب، حتى أنني لم أعد أعرف كيف أستمتع بأي شيء، مهما كانت الأشياء جيدة أو مُمتعة بالفِعل، بل ولم أعُد أعرف كيف أبتسم.. آه والله! وكل ما صِرت أراه هو النُص الفاضي من الكوباية، لدرجة تجيب المرض.
لكل ما سبق قررت الذهاب إلى طبيب نفسي “يا يلحقني يا ميلحقنيش”، وعلى قدر ما أرى تلك الخطوة لا بُد منها، إلا أنها -قطعًا- ليست هيّنة، وإن كانت الأمل الوحيد والحالي لي لكي أستطيع دخول 2016 دون أن أقطع شراييني.