هل الأحلام تتحقق في الواقع؟ وكيف يمكن تحقيقها

1278

كان يمكن أن أضع عنوانًا آخر لهذا المقال، مثلاً، “كيف تحقق أحلامك في عدة خطوات”، ولكنني لست هنا لأخبرك بكيفية تحقيق الأحلام أو حتى ماهيتها، بل لأخبرك عن الأحلام الصغيرة القابلة للتحقيق يوميًا.. تلك اللآلئ المختبئة بين جدران القلب تنتظر التنقيب.

 

ربما يوجد بين كلماتي وميض أو شرارة تدل على طريق الحلم، وربما طريق تغيره.. لهذا كان التساؤل وستكون الإجابة.

“الأحلام تتحقق يا صغيرتي.. والأساطير ليست جميعها خيالية”.

 

هكذا وجدتني أكتب لابنتي في آخر تدوينة.. آخر تدوينة كتبتها وأنا أواجه موجة جديدة من الإحباط، تخيل؟! لا أعرف كيف خرجت هذه الكلمات من قلبي لأصابع يدي.. ولكن بما أنها الآن مكتوبة فعليّ تصديقها.

 

العلامات.. بداية الطريق

ذات يوم أحضرت لي صديقة لعبة بازل صغيرة، ولأنني طفلة أكثر من اللازم، أخذت أحاول ترتيب اللعبة بتسرع وأنا أنظر إلى الصورة الكبيرة للبازل، مرة وراء الأخرى يفشل التركيب، أصاب بالملل، ألقي اللعبة جانبًا.. بينما يقع نظري على عبارة تنويهية في أسفل علبة البازل “حتى تكتمل الأحجية قم بتجميع القطع الصغيرة أولاً”.

 

ها، حسنًا، عليّ البدء من جديد بتكنيك آخر، تكنيك تحقيق الأحلام الصغيرة أولاً وصولاً للحلم الأكبر، ثم ماذا؟ اكتملت الأحجية بسهولة عجيبة فور أن بدأت بترتيب القطع الصغيرة واحدة تلو الأخرى، كان حلها أسهل مما يكون.. وكانت طريقتي الأولى في الحل أعقد مما ينبغي.

“أنت تصنع الحظ الخاص بك”.. فيلم The Dark night.

 

لا توجد فرص ضائعة.. فقط فرص بديلة

بعد إنهائي للمرحلة الثانوية بمجموع عالٍ، صُدمت أن التنسيق يحول بيني وبين حلمي في الالتحاق بالجامعة التي أتمناها، بفارق 0.5% فقط، كان عليّ إما التمسك بحلمي القديم في الصحافة وإما التنازل لحلم آخر تقليدي.. وبينما أتجول في متاهة التفكير، يقع أمامي إعلان لإحدى الصحف الشبابية تطلب خريجين من كليات الإعلام أو أقسام الإعلام بكليات الآداب.. وجدتها!

 

وجدت أن كل الشروط التي وضعها قسم الإعلام في كلية الآداب، تنطبق عليّ تمامًا.. قدمت أوراقي والتحقت بأعظم فرصة ثانية بديلة، أدخلتني أروقة صاحبة الجلالة بمتعة لم أتخيلها، وللمفاجأة لم أكن لأحصل عليها إذ انضممت لكلية القمة التي منعني عنها التنسيق.

 

“لو ركّزت على اللي ضاع منك عمرك ما هتشوف اللي بيستناك.. شوف رزقك الدنيا واسعة”..فيلم الفأر الطباخ – خلطبيطة بالصلصة.

 

المغامرة تنادينا

صرت محترفة تركيب وتجميع الأحجيات بعد وقت، أذهب لشراء أحجية خشبية من مكتبة عامة، يقع أمام عيني تلك الجريدة الشابة في ثوبها الجديد مرّة أخرى، نفس الإعلان يتكرر، أمتلك الشجاعة لأراسل الجريدة لأنه ليس لديَّ ما أخسره.. طالبة مفعمة بالحماس في عامي الثاني بالجامعة، اختبارات نهاية العام تقترب وعليّ إرسال تقرير صحفي مبتكر في نفس الوقت، لأحظى بفرصة التدريب الذهبية.. ثم يُنشر لي أول تقرير صحفي.. مغامرة لم أحسبها ولكنني خُضتها، صدفة تزامنت مع أكثر لحظات قلبي شجاعة.. فتحققت أول خطوة في بداية الأحلام.

 

صارت لعبة الأحجيات مع الحياة لعبتي المفضلة، ألتقط الخيوط الصغيرة، أبلورها، تقودني لحلم أكبر-بفضل الله- يتحقق.. أو -برحمة الله- يُستبدل بفرصة وحلم آخر أروع.

 

كانت تلك أول خطوة لأحصد أحلامي في بلاط صاحبة الجلالة، جريدة تلو الأخرى، أمتهن الإذاعة فترة وأنتقل للإعداد ثم أعود للكتابة. ألتقي بمصادر وتحقيقات ذهبية، أحصل على أصدقاء عُمر وحبيب أصبح زوجًا، ومهارات لم أكن أتخيلها في.. غارقة في كرم الله. وأتذكر عندما أصاب بالإحباط والعثرات في طريقي، ماذا لو لم يُلهمني الله بكل ما سبق.. حلوه ومره؟

“ثمة فرص لا تتكرر.. لا وقت بعدها مناسب”.. الشاعرة فاتحية مرشيد.

 

الأمل ليس أحمق

لست هنا لأزرع في قلبك أملاً كاذبًا بالوصول، بل لأنك تستحق الوصول. في كل مرّة سقطت وأعانني الله على النهوض مرّة أخرى، كان هناك حلم جديد ينتظرني “الأحلام تليق بالشجعان”.

 

كل حلم صدقته بشجاعة وتفاؤل يبدو للمحيطين خيالاً ومستحيلاً، تحقق بسلاسة لم أحسبها، وكل حلم وضعته عن طيب خاطر في سلة التأجيل لأنني حتمًا لن أستطيع، نبت له جناحان في قلب شخص آخر لديه من الجرأة ما يكفي للمغامرة، فتحقق.

 

التفاؤل ليس رفاهية والأمل ليس حماقة.. فقط من يمتلك شجاعة التجربة والمحاولة سيحصل على أعظم حلم يتحقق.

 

هناك دائمًا فرصة ثانية وعاشرة، وحلم بين جدران القلب لم يُكتشف بعد، ربما اليوم أنت حزين ومحبط، قابع بين أحلامك المحطمة يمينًا ويسارًا، لا ترى ما يلوح في الأفق، لأنك لا تنظر للأعلى.

ولكن أرجوك اسأل نفسك، هل آن للأحلام أن تتحقق الآن؟

نعم.. الآن هو الوقت المناسب.

“شاور على قلبك.. اوعدني”.. فيلم Up.

المقالة السابقةالدليل الشِعبي لتجنب الوكسة في 2017
المقالة القادمة10 أفلام ستُعلِّمك فَن اقتناص الفرص الثانية
باسنت إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا