رضوى أسامة
لاحظت مؤخرا أن هناك مواسم يكثر فيها الطلب على العلاج النفسي، وهي مواسم بدء الدراسة وبعد انتهاء رمضان وبعد الأعياد وفي بداية الخريف بعد انتهاء فصل الصيف.
يمر الصيف سخيفا على البعض مليئا بالحر واللزوجة، وتؤجل قرارات طلب العلاج لحجج كثيرة، منها: حرارة الجو والعصبية المصاحبة له وفقدان الهمة، ثم يأتي الخريف مع نوبات الاكتئاب التي تصاحبه لدى البعض ويشعرون بالرغبة في طلب المساعدة.
يمكنني استغلال هذا الموسم لعرض فرص التعافي المختلفة وطرقها، أحيانا ما يشعر البعض أن مجرد قراءة كتاب جيد عن التنمية البشرية أو علم النفس الإيجابي كافٍ لمساعدته، ويشعر آخرون بأنهم بحاجة إلى المساعدة، لكن لا يعلمون ما الطريق فيتوه البعض عند المشايخ والقسس والدجالين.
إحدى الحالات في العيادة ضاعت لسنوات قبل أن تبدأ رحلة علاجها، كانت امرأة في الثلاثينيات من عمرها، من إحدى قرى الصعيد، تعاني من هيستيريا نتيجة لكبت الغضب وعدم التعبير عن المشاعر لسنوات طويلة، وظهرت الأعراض في نوبات تشنج وصراخ وظلت لسنوات أسيرة عصا الشيوخ ووصفات الدجالين.
دعونا نلخص أدوات المساعدة في خمس أدوات يساعدونك في أن تختار من بينهم، الأداة الأولى هي أداة الطبيب النفسي، وهو من خريجي كلية الطب وهو الذي سيمنحك الدواء وقد يحولك إلى أخصائي نفسي للمتابعة، ستلجأ إلى الطبيب في حالة شعورك بالعجز الكلي أو الجزئي عن ممارسة حياتك الطبيعية، فقد تشعر باكتئاب يعوقك عن النوم، وقد تشعر باضطرابات في المعدة ليس لها سبب عضوي، ولديك مثلا أفكار انتحار أو قد خططت لذلك ونفذته وفشلت.
وقتها اذهب للطبيب النفسي، وهو من سيحولك للأداة الثانية، وهي الأخصائي النفسي وهو من خريجي كليات الآداب قسم علم النفس، ولديه دراسات ودبلومات متخصصة في علم النفس الإكلينيكي، وقد يكون لديه رخصة من وزارة الصحة لممارسة العلاج النفسي، وسيساعدك بشكل عملي بجانب الدواء الذي منحه لك الطبيب، وسيمشي معك الخطوات ويضع خططا علاجية، ويسمعك في كل مرة لساعة كاملة، وربما أقل أو أكثر قليلا.
الأداة الثالثة تتمثل في مجموعات المساندة، والتي لا تنتشر في مصر انتشارا كبيرا، لكنها موجودة وبمجرد البحث عن أماكنها على الإنترنت ستجدها وستتعرف على مجموعة لديها نفس المشكلة، كلهم يخوضون مسيرة التعافي، كالتعافي من الإدمان مثلا، المجموعة لديها قائد لديه نفس المشكلة، لكنه سبقك بمراحل.
وهناك قواعد للمجموعة تستهدف حمايتك وحريتك في التعبير عن نفسك، لا أنصح بالمجموعات وحدها، إذا كنت تعاني من مشكلة كبيرة تحتاج لطبيب أو أخصائي نفسي، فهذه الأداة قد تكون طريقة مساعدة بجانب الأداتين السابقتين.
الأداة الرابعة هي الكتب المتخصصة والدورات النفسية، والتي تستهدف التنمية البشرية، وهي في الحقيقة مفيدة، لكن للأسف يلجأ إليها الكثير ممن يحتاجون إلى طبيب نفسي، ويشعرون أنها قد تكون بديلة عن ذلك، وهو أمر مستحيل، لكنها قد تكون مفيدة عندما لا تكون لديك مشاكل تحتاج لمتخصص أو تريد فهم أكبر لذاتك أو تطوير قدراتك..
وقتها يمكنك اللجوء لها وهي كثيرة على الإنترنت، لكن تحرى الدقة، واسأل قبل أن تذهب إليها، لأن هناك العديد من الدجالين يطرقون كل الأبواب، طمعا في المزيد من المال، ويعرفون أن هناك من يبحثون عن أختام الشهادات.
الأداة الخامسة والأخيرة هنا هي الأصدقاء الإيجابيين، وأؤكد هنا على الإيجابيين الذين سيمنحونك الوقت للتعبير عن المشاعر وعدم انتقادك، فهؤلاء وسيلة جيدة للبوح والتعبير عن الذات الصحي.
في هذا الخريف الذي قد يعده البعض موسما للتغيير، أعرف أن هناك من سيطرقون الباب ويدخلون إلى الحجرة الهدف، وهناك من سيظلون يتجولون في الأروقة دون هدف، أتمني أن تكونوا ممن سيستطيعون الوصول.
هناك مواسم يكثر فيها الطلب على العلاج النفسي