في حياةِ كل امرأة تجربة ما تغير فيها الكثير، قبل التجربة امرأة وبعدها أخرى مختلفة تمامًا. غالبًا ما تكون هذه التجارب قاسية، موجعة، وشديدة المرارة، إلا أن حالها في حياةِ الواحدة منا كالنار التي تزيد الذهب بريقًا.
أنا لا أتحدث من فراغ؛ أنا واحدة من ملايين صنعت مني التجربة إنسانة أخرى أفضل وأكثر نضجًا.
يومًا ما كان الوجع يطحن روحي، حتى باتت الحياة معه مستحيلة، لكني الآن بخير. لن أدّعي أنه زال تمامًا، ولا أعتقد أنه سيفعل قريبًا، لكن يكفيني أن الحياة أصبحت ممكنة.
عزيزتي يا من تمرين بإحدى التجارب الطاحنة.. اسمعيني..
أعلم أن حياتكِ الآن سوداء بشدة، فلا نور يلوح في الأفق ولا أمل. اليأس شلّ حواسك وجوارحك، وعلى كثرة البشر حولك لكن الوحدة تقتلك. تشعرين بالغربة والاغتراب وتودين الهروب من كل شيءٍ حتى نفسك. تودين الخلاص من كل هذا، ولو كان خلاصكِ في موتك.
أدرك حجم وجعك، وأن ما سطرته بالمقارنةِ به قليلٌ قليل، فهناك أوجاع لا تستطيع وصفها الكلمات.
إن أخبرتكِ أن كل هذا سيمر، فهل ستصدقين؟
لن تفعلي.. أعلم هذا، فلسان حالك “اللي إيده في المية، مش زي اللي إيده في النار”.
حسنًا.. معكِ “لقاء” مراسلتك الناجية من قلب النار لطمأنتك:
أنا مررت بكل هذا ونجوت، وأخبركِ أنه سيمر، وستصبحين أفضل. لن أقول لكِ “لا تحزني”، على العكس، احزني بعمق تجربتك وأكثر قليلاً، لكن لا تنكسري. لا تنكسري وتسمحي بمزيدٍ من الخسارات، تابعي الحياة ولا تتوقفي عن عمل أو دراسة ولا تهملي موهبة ولا شغف.
احتضني نفسك.. لا مجاز هنا، افعلي ذلك الآن، ضمي ذراعيكِ إليكِ، اربتي على نفسك وأخبريها أن كل هذا سيمر.
اسمحي لصديقاتك باحتضانك، دعم الصديقات هو الدواء الأمثل في هذه المرحلة، ولا تخجلي من طلب الدعم، كلنا على درب الوجع سائرات، ولن تشعر بكِ الآن إلا امرأة.
احكي، ففي الحكي خلاص، راحة، وتحرر. احكي لصديقة، صديق، أم، أب، أخ، أخت، لحيوانك الأليف، أو حتى احكي لنفسك.
اكتبي، بالقلم اسكبي الوجع على الأوراق وتحرري منه. اكتبي ما بداخلك كما هو، بلا ترتيب ولا تنميق. يومًا ما قالت لي صديقة “اكتبي، فالكتابة ستُرَتِّبك”.. وقد صدقت. الكتابة سحر، ترتب فوضى النفس، وتدفع بكراكيبها للخارج.
لا تؤنبي نفسك على ما فات، يكفيها وجع التجربة، فلا تزيديه بجلد الذات. هي تجربة لتعلّمك درسًا، لا لتقتلكِ ندمًا، فسامحي نفسك. تذكري دومًا أن هذا الوجع لسبب ولحكمة، قد لا تظهر لكِ الآن، لكنها ستفعل قريبًا.
وتأكدي أنكِ ستخرجين من هذا الوجع أقوى، أجمل، وأكثر قوة ونضجًا.
اعلمي أن ما بعد المِحَن منح. قد تبدو لكِ جملة أكليشيهية للغاية، لكنها الحقيقة التي لمستها بنفسي.
فاتركي أيام المحنة تمر على راحتها، وانتظري المنحة التي ستهوّن كل هذا الوجع.